أفغانستان: تفجيرات ترعب المصلين

17 مايو 2022
عقب تفجير مسجد في قندهار (مرتضى خالقي/ الأناضول)
+ الخط -

في الآونة الأخيرة، شهدت أفغانستان تزايداً في أعمال العنف التي تستهدف الأماكن الدينية من مساجد وحسينيات، ما أثار حالة من الخوف بين السكان، خصوصاً مع إعلان تنظيمات مسلحة عدة الحرب على حركة طالبان، الحاكمة، وأخطرها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي يتبنى بعض الهجمات على الأماكن المقدسة لا سيما تلك الشيعية.
وكان شهر إبريل/ نيسان الماضي من أكثر الفترات دموية منذ سيطرة "طالبان" على العاصمة كابول الصيف الماضي، حين قتل عشرات الأشخاص وأصيب مئات آخرون من جراء هجمات دموية استهدفت دور العبادة السنية والشيعية على حد سواء. واللافت أن التفجيرات التي استهدفت الأماكن المقدسة للسنة والشيعة كانت متزامنة بعضها مع بعض، ومعظمها في الأماكن التي تعتبر آمنة ومحصنة من قبل "طالبان"، كالعاصمة كابول ومدينة مزار شريف المحاذية لدول آسيا الوسطى، والهجمات في الأخيرة ليست تحذيراً لحكومة "طالبان" فقط، بل للتجارة بين أفغانستان ودول آسيا الوسطى، إذ تعتبر مزار شريف من المدن التجارية، كما أنّها جسر بين أفغانستان ودول آسيا الوسطى.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وأدى الهجوم على مسجد خليفة صاحب، غربي العاصمة كابول، وتحديداً عند مفترق علاء الدين في منطقة دار الأمان، في 29 إبريل/ نيسان الماضي، إلى مقتل أكثر من 70 شخصاً وإصابة العشرات، في وقت أعلنت حكومة "طالبان" عن مقتل عشرة أشخاص وإصابة 30 آخرين بجروح، بحسب أرقامها.
وعن التفجير، يقول أحد سكان المنطقة ويدعى محمد عثمان شابور، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الانتحاري الذي كان يرتدي حزاماً ناسفاً تمركز بين المصلين وفجر حزامه الناسف بعدما بدأ المصلون يذكرون الله في حلقة للذكر تقام كلّ يوم جمعة، الأمر الذي زرع الخوف بين المصلين وانعكس على صلاة عيد الفطر. في السابق، كانت التفجيرات تستهدف المساجد الشيعية، أما في الوقت الحالي فتستهدف مساجد الشيعة والسنة، الأمر الذي قد ينذر بوقوع حرب أهلية لن تحمد عقباها". ويقول شابور: "صليت في المسجد وخرجت فوراً. كنت أنوي العودة للمشاركة في حلقة الذكر التي تقام بعد الصلاة يوم الجمعة. وما إن وصلت إلى المنزل حتى ارتفع الدخان من المسجد وسمعنا دوي تفجير قوي. كنت من بين أوائل الذين وصلوا إلى المسجد. رأيت أشلاء أطفال ورجال. للوهلة الأولى، فكرت أنني أحلم. ثم بدأت نقل الجرحى مع الآخرين من سكان المنطقة إلى المستشفيات". يضيف أنّه لم يصب بأذى لكنّ عدداً من أقاربه قتل، من بينهم ابن شقيقه "الذي كان ينتظر أن يتخرج من الجامعة والعمل على خدمة مجتمعه. مع الأسف، ذهبت أحلامه معه إلى القبر، في وقت بات والده يعاني من اضطرابات نفسيه، ليس لأنه فقد ابنه فحسب، بل لأنه كان موجوداً في المسجد لدى حدوث التفجير. ورأى بأم عينيه مشاهد التفجير الدموي". يعلق: "لم يعد يذهب إلى المسجد، إذ من الصعب عليه نسيان الحادث".

إجراءات أمنية خارج أحد المساجد (هارون صباؤون/ الأناضول)
إجراءات أمنية خارج أحد المساجد (هارون صباؤون/ الأناضول)

توقف كثيرون عن الذهاب إلى المساجد. تراجع عدد المصلين خلال صلاة العيد إلى حد كبير هذا العام. والسبب هو خوف المصلين من وقوع التفجيرات داخل المساجد والأماكن المقدسة. ففي 22 إبريل الماضي، وقع انفجار مماثل في مسجد للسنة يسمى مسجد مولوي إسكندر في مدينة قندوز، شمالي البلاد، ما أدى إلى مقتل 33 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 40 آخرين. وأثار الانفجار حفيظة المواطنين وقلقهم بشأن مستقبل مجهول، لا سيما أمنياً. ويقول أحد سكان مدينة قندوز، العم عبد الله المشهور، لـ"العربي الجديد": "كنا سعداء بقدوم طالبان على أمل استتباب الأمن بعدما فشلت الحكومة السابقة في تحقيق ذلك. إلّا أنّ الحركة فشلت بدورها وتفاقم الأمر. بدأ المسلحون يستهدفون مساجد السنة بعدما كانوا يستهدفون مساجد الشيعة، ما يعني أنه لا جدوى من قدوم طالبان. في السابق، كان الخبز متوفراً والعمل أيضاً. دعمنا طالبان من أجل الأمن وفقدنا كلّ تلك الأشياء. لا عمل ولا تجارة. كلّ شيء متوقف بالإضافة إلى الحالة الأمنية السيئة".
وفي اليوم نفسه، وقع انفجار مماثل استهدف مسجداً للشيعة في مدينة مزار شريف، ما أدى إلى مقتل 22 وإصابة العشرات، علاوة على وقوع تفجيرات في الحافلات العامة وأماكن التجمع، كما حدث في مدينة مزار شريف في 28 إبريل الماضي وهو ما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص، وآخر في كابول، وتحديداً في 30 إبريل، أدى إلى مقتل ثلاث نساء وإصابة آخرين.

استهداف الأماكن المقدسة أثار الذعر والخوف بين المواطنين. ويقول الأكاديمي الأفغاني عباد الله عباد لـ"العربي الجديد": "أخشى أن يسوء الوضع في أفغانستان كما هو الحال في سورية والعراق. ارتفعت نسبة البطالة بين الشباب، الأمر الذي يسهل عمل التنظيمات المسلحة. ويبدو أنّ الحركة غير مهتمة بالأمور المعيشية. الهم الأول والأخير هو فرض الأجندة الخاصة بها".

المساهمون