أطفال غزة بلا رعاية صحية أو نفسية

30 مايو 2024
تعرض آلاف من أطفال غزة لإصابات خلال العدوان (إياد البابا/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- غزة تعاني من أزمة إنسانية حادة تؤثر بشكل خاص على الأطفال، بسبب العدوان الإسرائيلي والقصف العشوائي الذي أدى لمقتل آلاف وتيتيم أكثر من 18 ألف طفل، مع تدهور الأوضاع الصحية والنفسية.
- قصص مثل حالة حنان عبد الهادي تبرز الصعوبات في توفير الرعاية الصحية والغذاء للأطفال، مع نقص حاد في الأغذية الضرورية والتحديات الطبية مثل تغيير وحدات الدم.
- دعوات دولية ومحلية لتحييد المنظومة الصحية وتوفير الدعم للأطفال عبر إنشاء مستشفيات ميدانية وفرق طبية، مع التأكيد على الحاجة الماسة لفتح المعابر للعلاج في الخارج وتوقعات بارتفاع عدد الأيتام والجرحى.

تعتبر الأزمات الصحية والنفسية من بين أبرز المشكلات التي تعصف بالأطفال في قطاع غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الدموي.

يعاني مئات الآلاف من أطفال قطاع غزة من أزمات صحية ونفسية تتزامن مع نقص الغذاء وعدم توفر المأوى المناسب، في ظل حالة النزوح المتكررة منذ بدء حرب الإبادة التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقضى آلاف الأطفال نحبهم من جراء القصف الإسرائيلي العشوائي، كما فقد أكثر من 18 ألف طفل وطفلة أحد الأبوين، وباتوا أيتاماً يواجهون مصيراً مجهولاً في ظل النزوح والتهجير، لا سيما مع خروج غالبية مستشفيات القطاع من الخدمة بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للمنشآت الصحية.
تعيش الفلسطينية حنان عبد الهادي أزمة كبيرة لتوفير الرعاية الصحية لثلاث من أطفالها الإناث المصابات بمرض "التلاسيميا"، في ظل انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة بفعل الحرب المتواصلة، وتقول لـ"العربي الجديد" إنها تعاني كثيراً مع بناتها نظراً لعدم وجود الأغذية التي تتطلبها حالاتهم، إذ إن مرضهم يحتاج إلى نوعيات محددة من الطعام والشراب.

وتضيف: "الأغذية المتوفرة في الأسواق تغلب عليها البقوليات، وهي أطعمة تمنع بناتي من تناولها، بينما لا تتوفر الخضراوات الطازجة أو الفواكه التي يتوجب عليهم تناولها بكثرة لتعويض المعادن المفقودة من الجسم. علاوة على ذلك، أواجه معضلة في تغيير وحدات الدم، وقد كنت في السابق أقوم بإجراء هذه العملية في المستشفى الأوروبي بشمال رفح، قبل أن أنزح مع عائلتي، وأصبح مضطرة إلى البحث عن مستشفى بديل".
وتوضح عبد الهادي: "الأمر لم يعد مقتصراً على تردي الحالة الجسدية لبناتي الثلاث، بل طاول حالتهن النفسية، فمع تباعد الفترة الزمنية لعملية نقل وحدات الدم فإن أجسادهن تتضرر، وتتغير ألوان الجلد، ما يجعلهن يعشن واقعاً نفسياً صعباً. إحدى بناتي كان مقرراً أن تخضع لعملية لاستئصال أجزاء من الطحال نتيجة تضخم تعاني منه، لكنها لم تتمكن من إجراء العملية في ظل استمرار الحرب".

فقد الكثير من أطفال غزة ذويهم (إياد البابا/فرانس برس)
فقد الكثير من أطفال غزة ذويهم (إياد البابا/ فرانس برس)

بدورها، تواجه الفلسطينية سهى اللحام صعوبات في التعامل مع أطفالها الثلاثة، والذين انعكست يوميات الحرب على حالتهم النفسية، فباتوا أكثر عنفاً. تقول لـ "العربي الجديد": "أبنائي الذكور الثلاثة كان لكل منهم هواياته قبل الحرب، واعتادوا على ممارسة أنشطة رياضية وفنية، لكن واقع الحرب والنزوح بدّل أوضاعهم النفسية، وباتوا يعانون من اضطرابات عدة، فلا توجد مدارس لاستكمال العملية التعليمية، ولا مكان متوفراً لممارسة أي نوع من الأنشطة التي تتيح لهم تفريغ طاقاتهم، أو تجاوز هذا الواقع السيئ. أنتظر أن تنتهي الحرب في أسرع وقت ممكن من أجل أن أعيد ترتيب أوضاعهم، وأن تتحسن الظروف المعيشية".
ويقول الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، إن نحو نصف سكان القطاع من الأطفال، وقد قتلت الحرب نحو 16 ألف طفل، ونحو عشرة آلاف سيدة حتى الآن. ويضيف لـ "العربي الجديد" أن "حرب الإبادة الجماعية المتواصلة تلقي بتداعياتها النفسية والصحية على جميع سكان غزة، وتؤثر بشكل خاص على الأطفال، خاصة مع استمرار عمليات النزوح. قوة الاستهداف، وحجم الدمار، ومشاهد المجازر تخلف آثاراً نفسية قاسية لدى الأطفال، كما أن تدمير مستشفيات الأطفال ومرافق الصحة النفسية يزيد من المعاناة، إذ يجعلهم بلا أي رعاية صحية".

ويطالب القدرة بتحييد المنظومة الصحية عن القتل، وتوفير مستشفيات ميدانية وفرق طبية تخصصية تساهم في الرعاية الصحية والنفسية للمواطنين، وخاصة الأطفال، وفتح جميع المعابر، وإفساح المجال أمام نحو 20 ألف مريض وجريح للعلاج بالخارج.
من جانبه، يؤكد رئيس المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، لـ "العربي الجديد"، أن "الحرب على غزة خلّفت عدداً كبيراً من الأيتام والجرحى من الأطفال، ما يعكس عمق الأزمة الصحية والنفسية في القطاع. نحو 20 ألف طفل فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، ويتوقع أن يرتفع العدد في ظل استمرار العدوان".
ويشير عبده إلى أن "أكثر من 800 ألف شخص هجّروا قسراً خلال الأيام الأخيرة من رفح باتجاه غربي خانيونس ودير البلح، وأغلبهم اضطروا إلى المغادرة بالقليل من أمتعتهم، وتركوا أغلب ما لديهم من مواد غذائية، فيما هجّر نحو 100 ألف شخص من جباليا ومخيمها، ومن بيت لاهيا في الشمال إلى غربي مدينة غزة. عدد كبير من هؤلاء النازحين هم أطفال ونساء، ما ينعكس بالسلب على حالتهم الصحية والنفسية في ظل شبح المجاعة وسوء التغذية الحاد الذي يواجهونه".

المساهمون