مع اقتراب عيد الفطر تمتلئ شوارع مدينة القامشلي، شمال شرقي سورية، بالأطفال الذين يجبرون على ترك مقاعد الدراسة والعمل لتأمين مصاريف العائلة، وهم حالياً يعملون لتوفير ثمن ملابس جديدة.
يحمل الطفل أحمد عُمري أكياساً من حلوى "غزل البنات" يتجول فيها في مدينة القامشلي، يبيعها بشكل يومي في المدينة المكتظة.
الطفل أحمد لم يتم بعد الثالثة عشرة من عمره، ترك مقاعد الدراسة لتأمين مصاريف العائلة، كما أخبر "العربي الجديد"، موضحاً أنه أكبر إخوته وهو يعمل لتأمين مصاريف عائلته.
يقول أحمد "أنا من مدينة حلب، أعمل يوميّاً في بيع (غزل البنات)، أبيع الواحدة منها بملغ 1300 أو 1500 ليرة (0.17 - 0.20 دولار)، يصنعها جدّي لي يومياً، أنا الأكبر بين إخوتي".
ويضيف "أعمل الآن لأشتري ثياب العيد لي ولإخوتي، أجمع المال عند أمي، فيما أعمل بالأيام الأخرى لتأمين مصاريف البيت".
وعمل الأطفال ظاهرة منتشرة في مدينة القامشلي، الفقر واحد من أسبابها إلى جانب غياب المعيل. وتطاول هذه الظاهرة أطفالاً دون العاشرة من العمر يعملون بهدف توفير المصاريف للعائلة.
"العربي الجديد" استمع إلى معاناة الطفل أحمد الحمزة (8 أعوام)، الذي يعمل في مدينة القامشلي يومياً أيضاً لإعالة عائلته، لافتاً إلى أنّ لديه شقيقاً أصغر منه عمراً.
يتحدّث الطفل بعفوية قائلاً إنه "جمع من عمله ثمن ملابس العيد التي اشترتها له والدته".
وبغصة الكبار يقول "ليس لي أي أمنية لهذا العيد"، مضيفاً "كلّ ما أريده هو زيارة بيت خالي للعب مع الأطفال هناك".
قبل العيد ادّخر بعض الأطفال المال لشراء ملابس جديدة، فالعيد فسحة لهم للترويح عن النفس والخروج من مصاعب الحياة التي تلاحقهم منذ الطفولة. ومنهم علي المسعود، الذي يعمل في مشتل، كما يوضح لـ"العربي الجديد"، ينتج المشتل فسائل الباذنجان والخضار والورود.
يحاول الفتى علي التخفيف عن نفسه قائلاً: "العمل ليس صعباً في المشتل وأنا أعمل كي أعيل أسرتي، أعمل في رمضان حالياً لشراء ملابس العيد لي ولإخوتي".
أما الفتى ياسر الأحمد، النازح من مدينة حلب والذي يقيم في مدينة القامشلي، فيقول لـ"العربي الجديد": "الذي أجبرني على العمل هو الوضع الذي نحن فيه، العمل صعب لكن متطلبات الحياة ومستلزمات المنزل لا تأتي من دون عمل، قد لا أشتري ملابس العيد لي كون إخوتي أصغر مني وهم أولى مني".
وبخلاف ما يراه بعض الأطفال عند وصفهم عملهم بأنه "ليس صعباً"، فهناك أعمال صعبة وتستغرق ساعات طويلة، خاصة مهنة بيع الخضار التي يعمل فيها الفتى خالد العلي، كما يقول لـ"العربي الجديد"، مبيناً أن ما يدفعه لذلك هو الحاجة والظروف، إذ إنه ومن خلال عمله تمكن من شراء ملابس العيد وتوفير بعض المستلزمات لعائلته.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، في آخر بياناتها، إلى أن 2.4 مليون طفل خارج مقاعد الدراسة داخل سورية، مؤكدة حاجة 7 ملايين طفل للمساعدات الإنسانية.