أسواق المصريين... مبيعات الأجهزة المستعملة تزدهر وسط الحاجة

10 مايو 2023
يؤكد بائعو الهواتف الخليوية المستعملة في مصر الحرص على ضمان الجودة (العربي الجديد)
+ الخط -

في التاسعة من صباح كل يوم، يجلس الأسطى مدبولي أمام واجهة زجاجية قديمة في شارع شكور بمنطقة محطة الرمل في الإسكندرية (شمال)، حيث يعرض هواتف محمولة مستعملة من ماركات عالمية، ونماذج متنوعة يعود بعضها إلى العام الماضي، وأخرى إلى ما قبل 5 أو 6 سنوات. يتفحص الزبائن الأجهزة التي يعرضها مدبولي، ويسألونه عن أسعارها وحالاتها، وإذا كانت فترة ضمان الشركة المُصنّعة سارية، ثم يتفاوضون معه على السعر.
يقول مدبولي لـ"العربي الجديد": أعمل في هذه المهنة منذ 17 عاماً من دون أن أجد رواجاً لها إلا في الشهور الأخيرة حين زاد تهافت الزبائن على شراء الهواتف المستعملة، في مقابل عزوفهم في شكل واضح عن النظر إلى واجهات محلات الهواتف الجديدة، والسبب بالطبع هو ارتفاع أسعار الأجهزة الجديدة في شكل كبير وسريع".
يتابع: "ليس بيع الهواتف المستعملة مثل بيع بضائع أو سلع تقليدية، بل صنعة دقيقة تحتوي على الكثير من الخبايا والأسرار، بدءاً بمهارة شراء الجهاز من صاحبه الأصلي الذي يتطلب وجود خبرة كافية لتحديد حالته، واكتشاف وجود أعطال أو كسور أو خدوش فيه، ثم التفاوض بعناية على سعره لضمان تحقيق ربح لدى إعادة بيعه، وبعدها إجراء الصيانة اللازمة له كي يصبح بأفضل حالة ممكنة، قبل استخدام المهارة المطلوبة في البيع لإقناع الزبون بشرائه بسعر يحقق الربح المطلوب".
بدوره، يقول صاحب واجهة البيع المجاورة لواجهة مدبولي لـ"العربي الجديد": "أمتهن إصلاح الهواتف وليس شراءها وبيعها، وأملك ورشة صغيرة في أحد الشوارع الجانبية، حيث أستقبل زبائن يريدون أن يصلحوا هواتفهم، لكنني وضعت واجهة بين البائعين في شارع شكور كي أكون بينهم، وأُسهّل عملية استقبال طلبات الزبائن، وتسليم هواتفهم بعد إصلاحها".

يضيف: "زاد الإقبال كثيراً على إصلاح الهواتف القديمة خلال الأشهر الأخيرة، بسبب ارتفاع أسعار تلك الجديدة الذي يدفع عدداً كبيراً من الناس إلى محاولة الإبقاء على هواتفهم أطول فترات ممكنة، وهم يفضلون إعادة إصلاحها أكثر من مرة وعدم شراء هواتف جديدة، إلا إذا علِموا أن الإصلاح لم يعد ممكناً".
ويشير إلى أن مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد تنطبق علينا في الفترة الحالية، فالكساد الذي ضرب تجارة الهواتف وتسبب في إغلاق محلات وتسريح عمال أنعش مهنتنا كبائعين للهواتف القديمة وتقنيي صيانة معروفين في السوق منذ سنوات طويلة".

إلى ذلك، يعترف تاجر هواتف رفض ذكر اسمه بوجود حالة ركود غير مسبوقة في الأسواق بسبب ارتفاع الأسعار، لكنه يرى أن الفترة الأخيرة شهدت أيضاً تراجعاً في عمليات بيع الهواتف المستعملة، رغم حصول تطور سريع في نماذج الماركات الشهيرة تحديداً. وفضّل مواطنون كثيرون الاحتفاظ بهواتفهم المستعملة لأنهم لا يستطيعون شراء أخرى جديدة.

ليس بيع الهواتف المستعملة مثل بيع بضائع أو سلع تقليدية (العربي الجديد)
ليس بيع الهواتف المستعملة مثل بيع بضائع أو سلع تقليدية (العربي الجديد)

ويخبر فادي طلعت الذي يعمل مندوباً لبيع الأدوية البيطرية "العربي الجديد" إنه لم يكن معتاداً على شراء هواتف مستعملة سابقاً، لكنه اضطر إلى ذلك بسبب عُطل مفاجئ أصاب هاتفه الذي يعتمد عليه بشكل لا يمكن الاستغناء عنه لإنجاز مهمات وظيفته. ويقول: "اشتريت هاتفي قبل سنتين بمبلغ 4 آلاف جنيه (130 دولاراً)، وعندما بحثت أخيراً عن هاتف بمواصفات مماثلة وجدت أن سعره 9 آلاف جنيه (300 دولار)، وهو مبلغ يتجاوز قدراتي المالية، فقررت شراء هاتف مستعمل، ووجدت ما أريده بسعر لا يزيد عن 3500 جنيه (114 دولاراً)". يضيف: "أعرف جيداً أن شرائي هاتفاً مستعملاً مخاطرة كبيرة بسبب احتمال أن تكون حالته سيئة، أو أن يكون مسروقاً فأجد نفسي أمام العدالة بتهمة السرقة، لكنني لم أملك حلاً آخر".

وبالعودة إلى مدبولي فهو يرد على مخاوف الزبائن من حالة الهواتف التي يبيعها بالقول: "أكشف على الهاتف جيداً قبل شرائه من صاحبه الأصلي، ولا أقبل هواتف رديئة المستوى أو مضروبة بلغة السوق، كما أشترط على البائع أن يُسلمني العلبة الأصلية للهاتف التي تتضمن رقمه التسلسلي الخاص، أو أن يكتب لي مبايعة رسمية، ومعها صورة عن بطاقة هويته. سمعتنا كبائعي هواتف مستعملة هي رأس مالنا الحقيقي، وإذا فرطنا فيها لن نجد مكاناً لنا في السوق، بعكس محلات الهواتف الجديدة التي تبيع بضائع تعتمد على سُمعة الشركة العالمية صاحبة البضائع، ما يجعلنا حتى أكثر حرصاً من الزبائن على ضمان جودة الهاتف وصحة أوراقه الرسمية".
وكان نائب رئيس شعبة مراكز الاتصالات وتجار الهواتف الخليوية في الغرفة التجارية بالجيزة، محمد الحداد قال في تصريحات صحافية، إن المبيعات تشهد ركوداً حاداً بسبب موجة الزيادات على المنتجات التي أقرّتها الشركات والوكلاء المحليون، فضلاً عن ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين التي أثرّت سلباّ على نسب الإقبال على شراء الهواتف الجديدة".

المساهمون