أحياء الخليل القديمة بأسماء عبرية

16 فبراير 2021
عسكر محتلّ في تل الرميدة (حازم بدر/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تواجه البلدة القديمة في الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، حملة إسرائيلية متواصلة لتغيير معالمها الفلسطينية. فللمرّة الثانية، شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تغيير أسماء أحياء ومناطق في الجزء التاريخي القديم لمدينة الخليل، خصوصاً في عمقها التاريخي والديني، منطقة الحرم الإبراهيمي ومحيطها. ويوضح الناشط ضدّ الاستيطان وتهويد الخليل القديمة عارف جابر لـ"العربي الجديد" أنّ "سلطات الاحتلال أزالت الأسماء العربية لبعض أحياء البلدة القديمة في الخليل واستبدلتها بأسماء عبرية. والأحياء التي استهدفت هي حارة جابر التي أعيش فيها إلى جانب عائلتي (جابر)، وحارة السلايمة، ووادي الحصين. وقد رفعت اسم الحارات على لافتات موزعة في تلك الحارات باللغتَين العبرية والعربية".

وتأتي هذه الخطوة لتمثّل تصفية إضافية للوجود الفلسطيني في الخليل القديمة، علماً أنّه مخنوق في الأساس منذ مجزرة الحرم الإبراهيمي الذي توافق ذكراها في الخامس والعشرين من فبراير/ شباط من كلّ عام. فعقب وقوع المجزرة في عام 1994، قسّم الاحتلال الحرم الإبراهيمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنّ الحقيقة هي أنّه منح تدريجياً معظم ساحاته الداخلية والخارجية للمتطرفين اليهود، مستغلاً كذلك انتفاضة الأقصى في عام 2000. وقيّد الاحتلال الإسرائيلي دخول المصلين، وعمد إلى إغلاق أبواب الحرم الإبراهيمي أمامهم بحسب مزاجه، وقتل فلسطينين عند الحواجز الدائمة المقامة على مداخله الرئيسية، وحاصر سكان البلدة القديمة في الخليل، وطرد أعداداً منهم بفعل ممارساته. كذلك، وفي سياق تغيير هوية المناطق، أقام الاحتلال بؤرا استيطانية عدّة في عمق البلدة القديمة ومحيطها، ومنها منطقة تل الرميدة الأثري، وأبرز تلك البؤر هي "رامات يشاي" و"أبراهام أفينو" و"بيت هداسا". بذلك، غيّر الاحتلال بصورة غير مباشرة هوية المكان الفلسطيني، من خلال إقامة بؤر وأحياء استيطانية تحمل أسماء عبرية. بالتالي، فإنّ الأمر لا يشتمل فقط على تغيير أسماء الحارات والشوارع بصورة مباشرة.

وفي عام 2017، عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى تغيير أسماء بعض الشوارع في البلدة القديمة، أبرزها شارع الشهداء الذي يُغلقه أمام حركة المركبات الفلسطينية منذ تاريخ مجزرة الحرم الإبراهيمي، الأمر الذي قضى على الحياة فيه لجهة شلّ الحركة التجارية والتضييق على من تبقى من أهله. ويقيم الاحتلال عند مدخل هذا الشارع حاجزاً دائماً، يؤدّي كذلك إلى منطقة تل الرميدة. يُضاف إلى شارع الشهداء شارع السهلة القريب من الحرم الإبراهيمي من بين أخرى. ويوضح جابر أنّ "الأسماء الجديدة التي تُطلق على المناطق والشوارع ترتبط بشخصيات دينية يهودية من قبيل راحيل زوجة النبي يعقوب".

تجدر الإشارة إلى أنّ البلدة القديمة في الخليل تضمّ ما لا يقل عن 20 حارة، أقدمها قيطون وعقابا والقزازين وغيث وبني دار والسواكنة وتل الرميدة ومنطقة شارع الشهداء. ويغلق الاحتلال تسع حارات منها، أبرزها جابر وغيث والسلايمة وتل الرميدة والمحتسبية، وتنكّل قواته وكذلك المستوطنون بسكان كلّ الحارات الذين يُقدَّر عددهم التقريبي بنحو 14 ألف نسمة.

الحارات اليهودية في البلدة القديمة في الخليل (عارف جابر)

وتدرس بلدية الخليل إمكانية تقديم التماس أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية حول تغيير سلطات الاحتلال أسماء الحارات والشوارع في البلدة القديمة، في حين بلّغت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بالانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في البلدة القديمة التي وضعتها المنظمة، ومثلما وضعت الحرم الإبراهيمي، على قائمة التراث العالمي في صيف عام 2017.

في سياق متصل، يقول رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة لـ"العربي الجديد" إنّ "الاحتلال الإسرائيلي لا يُعير أيّ اعتبار لأيّ منظمة دولية ولا للقانون الدولي، في تعامله مع مدينة الخليل والحالة الفلسطينية عموماً، بما في ذلك قرار يونسكو". يضيف أنّه "في المرة الأولى التي قامت سلطات الاحتلال فيها بتغيير بعض أسماء الأحياء في البلدة القديمة، قامت طواقم بلدية الخليل بوضع لافتات أخرى بالأسماء العربية باللغات العربية والإنكليزية والعبرية. لكنّ الاحتلال يحاول بين الحين والآخر تغيير أسماء الشوارع والمناطق في الخليل العتيقة على الرغم من احتجاجنا المتكرر".

وتُعَدّ مدينة الخليل ثاني مدينة فلسطينية جوهرية، بعد مدينة القدس المحتلة، في الصراع الذي يريده الاحتلال دينياً ومسانداً للرواية الإسرائيلية حول أحقية اليهود بـ"أرض الميعاد". وإلى جانب مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل، نجد في الخليل القديمة غلاة المستوطنين وأبرز رجال الدين اليهود المعروفين بالأكثر تشدداً على الإطلاق.

المساهمون