أحلام المصريين في العام الجديد... الستر والصحة والكرامة

01 يناير 2025
حملة للتبرع بالملابس المستعملة في الجيزة (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تحولات الأحلام المصرية: قبل ثورة يناير 2011، كانت أحلام المصريين بسيطة، تركز على الرضا في ظل ظروف معيشية صعبة. بعد الثورة، ارتفعت التطلعات للعيش الكريم والحرية، لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، عادت الأحلام لتصبح متواضعة.

- قصص الأمل والكفاح: تتنوع قصص المصريين بين الكفاح اليومي لتحقيق حياة كريمة، مثل مروة الخياطة ومحمود الحارس، وسالم المزارع، وأيمن الصحافي، وعادل المعلم، جميعهم يشتركون في الأمل بمستقبل أفضل لأبنائهم.

- الأماني الشخصية والوطنية: تتنوع الأماني بين الأفراد، مثل نجلاء الممرضة وهيثم المحاسب، وسليم الإمام، وأماني ربة المنزل، تعكس تطلعات المصريين للعيش بكرامة وسلام داخلي.

في مثل هذه الأيام قبل خمسة عشر عاماً، كانت أحلام المصريين بسيطة ومتواضعة، وتشبه ما دأبوا على الحلم به طوال قرون، أحلام بطلها الرضا، وسيدتها القناعة، ولا تتعدى سقف منازلهم، رغم قسوة المعاناة التي يعيشونها. حينها، لم يكن التسعون مليون نسمة يعلمون أنه في غضون أسابيع ستتبدل أحلامهم من الحد الأدنى من حياة كريمة إلى رفع أصواتهم في ميادين ثورة يناير 2011 للمطالبة بالعيش الكريم، والحرية السياسية، والكرامة الإنسانية.
دار الزمان، وجرت مياه كثيرة على ضفاف نهر النيل، لتنقلب الأمور، وتعود أحلام المصريين الذين بات عددهم مائة وسبعة ملايين إلى ما كانت عليه قبل 2011، متواضعة، ومحدودة، مع توالي انهيار الأوضاع المعيشية.
في حي شعبي بسيط بمحافظة الجيزة، تعيش الأربعينية مروة، وهي تعمل في خياطة الملابس، وتقول لـ"العربي الجديد": "أحلم بالستر والصحة. أن أستطيع تربية أولادي، وأعيش من دون مذلة. توفى زوجي قبل خمس سنوات، وحينها أصبحت العائل الوحيد لثلاثة أطفال. لا أطمح في حاجات كبيرة، فقط أريد أن أعيش من دون التفكير في توفير الإيجار أو فاتورة الكهرباء. أفكر كل يوم في مستقبل أولادي، وأحلم أنهم حين يكبرون ستكون أوضاعهم أفضل من أوضاعي، وهذا ما يجعلني أكمل مهمتي".
يعمل الخمسيني محمود حارس عقار في حي الدقي الراقي بالعاصمة، ويقيم مع أسرته في غرفة أسفل العمارة، وهو يلخص أمنياته في كلمات قليلة لكنها عميقة الدلالة: "الستر والستر والستر". وراء هذه الكلمات قصة رجل ناضل ليبني حياة كريمة لأسرته الصغيرة. ويقول: "أحلم أن أترك عيالي مستورين، وعندهم شقة، ومصدر رزق. عملي غير مضمون، لكني أكافح كي لا أشعر بأنني قصرت في حق عائلتي". يشير إلى مقر السفارة السورية القريب من العمارة التي يعمل بها، مؤكداً أنه يدعو لهم بصلاح أحوال بلادهم.
في محافظة أسيوط بصعيد مصر (جنوب)، يعيش سالم في أرض زراعية لا يملكها، ويقول: "نفسي في الستر الصحي والمالي والنفسي. حصلت على الثانوية الزراعية، لكني لم أجد وظيفة، فقررت استئجار أرض من أبناء عمومتي كي أزرعها. الستر هو السلام الداخلي الذي لا يأتي إلا عبر رفع الأعباء. أنا مؤمن بأن الرضا نعمة، لكني أتمنى أن يكون مستقبل أولادي أحسن من وضعي الحالي".

شباب يبيعون معجنات للمارة في القاهرة لإعانة أسرهم على صعوبة المعيشة (خالد دسوقي/فرانس برس)
عمالة الأطفال منتشرة في مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)

بدوره، يحمل الصحافي الأربعيني أيمن على عاتقه هموماً عدة، ويقول: "أحلم بالستر، والستر لن يتحقق في الإطار الشخصي، وإنما القومي. أتمنى أن يحفظ الله مصر من الأغبياء والأوغاد واللصوص، وأن تستعيد دورها الإقليمي، وتمثل دعماً لمحيطها العربي، وخاصة الفلسطيني، كما أتمنى أن تستعيد الصحافة المصرية رونقها وهيبتها، وأن تكون هناك حرية تعبير حقيقية".
يشير أيمن إلى صراعه اليومي مع القيود على العمل الصحافي، ويؤكد: "في كل مرة أكتب، أشعر بأنني معرض للخطر. زميل لنا كتب عن قضية مدعمة بأحكام قضائية، هي الرسوم التي تحصلها وزارة العدل عن قضايا التعويضات، وفوجئ باستدعاء من النيابة بعد بلاغ من وزير العدل. عندها يلتبس معنى العدل، فهل هو ما تقرره السلطة، أم ما يتفق المجتمع عليه؟".
انضم عادل خلال دراسته الجامعية إلى حزب العمل الاشتراكي، ثم يئس من العمل الحزبي والسياسي عموماً، قبل أن تحيي "ثورة يناير" أحلامه، لينخرط في الثورة. يعمل حالياً مُعلماً للغة العربية في إحدى المدارس الحكومية بالقاهرة، ويقول: "أتمنى أن تنعم بلادي بالعدالة والمساواة والحرية والكرامة الإنسانية، وأن ينعم بذلك أيضاً كل الشعوب العربية، وفي مقدمتها الفلسطينيون. أحلم بأن يعاد توزيع الثروة في بلادنا، فكل يوم تقريباً أطالع عدداً من طلابي القادمين إلى المدرسة من غير فطور. هناك مواقف يومية تلهمني للاستمرار في حلمي، منها ما حدث مع طالبة لم تستطع شراء الكتب، فوجدتها تُذاكر من أوراق مستعارة. تلك اللحظات تؤكد لي أن الأمل موجود".
نجلاء، أم شابة تعمل ممرضة، وتقول: "نفسي ربنا يتولانا وذرياتنا ديناً وخلقاً وعلماً. هذه أمنيتي الوحيدة. أعيش صراعاً يومياً بين العمل لتوفير احتياجات أسرتي الصغيرة، وبين مسؤولية التربية. أحلم بتعلم أمور جديدة تجعلني قادرة على مساعدة أطفالي، وأن أكون مصدر إلهام لهم". 

هيثم، شاب في أواخر العشرينات، يعمل محاسباً في شركة خاصة. ويقول: "أتمنى أن يعيش جميع الناس بكرامة، بعيداً عن أي شكل من أشكال الإهانة أو الاحتياج. الغالبية العظمى من حولي يعانون من متاعب نفسية ومادية، ومن الظروف الضاغطة، وأحلم بمجتمع يحترم كل إنسان بغض النظر عن وظيفته أو دخله. أشعر أحياناً بأننا نجري في سباق بلا نهاية، لكن ما نحتاجه هو لحظة نتنفس فيها بكرامة".
سليم، إمام مسجد في العقد السابع من عمره، وهو يجد سعادته في القرب من الله. يقول: "أتمنى أن تكون عباداتي وأعمالي مقبولة، وأن يقبل الله دعائي، وغالبيته حالياً للفلسطينيين، وخصوصاً في غزة، وأن يهدي الله السوريين إلى ما فيه مصلحة بلادهم. الرضا هو أغلى نعمة، وأتمنى أن نتمتع جميعاً بها".
أماني، ربة منزل وأم لخمسة أبناء، وتقول: "أمنيتي هي الستر وراحة البال، وأن يوفق الله زوجي في تجارته، وأولادي في دراستهم. أرغب بالعيش في بيت مستقر، فراحة البال هي الهدية العظمى التي قد يمنحها لي العام الجديد، وكل يوم أدعو أن يرزقنا الله ما يكفينا، وألا نحتاج إلى مساعدة من أحد".

المساهمون