دعا حقوقيون ومؤسسات مجتمع مدني في الأردن، اليوم الاثنين، الحكومة للأخذ بتوصياتهم المتعلقة بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بالاعتقال التعسفي، والتوقيف الإداري، وحرية التعبير، وحقوق الطفل، وذوي الحاجات الخاصة، وحق التعليم، فضلاً عن حقوق العمال، لا سيما المهاجرين.
جاء ذلك خلال لقاء تشاوري نظمته وحدة حقوق الإنسان في رئاسة الوزراء، اليوم الاثنين، مع مؤسسات المجتمع المدني حول الاستعراض الدوري الشامل الرابع لحقوق الإنسان لعام 2024 والذي يعقد في جنيف.
وهذا اللقاء ضمن سلسلة المشاورات التي تعقدها الوحدة، بالتعاون مع مؤسسة الملك الحسين (مركز المعلومات والبحوث)، بحضور المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني.
وتناول لقاء اليوم مداخلات وتوصيات لتعزيز حقوق الإنسان، من خلال الأبحاث الأكاديمية، والبناء على الشراكات، واستثمار المعرفة، بالإضافة إلى توظيف الجهود والخبرات المكتسبة لكسب المناصرة والتأييد.
من جهته، قال مدير وحدة حقوق الإنسان الحكومية خليل العبداللات، إن "هذا اللقاء يعتبر باكورة مهمة لحث جميع الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات الوطنية على القيام بواجبها الإنساني والقانوني، وبما ينسجم مع متطلبات المرحلة المقبلة المتعلقة بحقوق الإنسان".
وأكد أن "الأردن يتفاعل بشكل مستمر مع منظومة حماية حقوق الإنسان"، مشيراً إلى "تقديم تقريره الجامع الثاني والثالث أمام لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وتقريره الدوري السادس أمام اللجنة حول حقوق الطفل، ويستعد حالياً للمضي نحو التفاعل مع آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في التقرير الرابع".
وتابع "إضافة إلى العمل على تنفيذ الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان، بما يتناسب مع أدوار كل جهة ومسؤولياتها في تنفيذ الالتزامات الدولية وتقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني".
بدوره، لفت مدير مركز المعلومات والبحوث بمؤسسة الملك الحسين، أيمن هلسا، إلى أن "أهمية هذا اللقاء التشاوري تأتي في وقت تقوم به الحكومة الأردنية بالتجهيز لإعداد التقرير الرسمي للدورة الرابعة لمجلس حقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة، بالتعاون المشترك والتشاور بين مختلف الأطراف للحديث عن حالة حقوق الإنسان في الأردن، وعرض موجز عن توصيات المجتمع المدني أمام الفريق الحكومي".
وأضاف: "نعمل في مركز المعلومات والبحوث على تفعيل المعرفة للتغيير الاجتماعي الإيجابي"، مبيناً أن "شراكاتنا مع مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والمؤسسات الأكاديمية جزء من العمل المشترك الذي يقوده المركز لتحقيق ذلك".
الاعتقال التعسفي وجرائم الشرف
أمّا رئيسة قسم القانون العام بجامعة الإسراء شذى العساف، فتطرقت إلى قضايا حقوق الإنسان في الأردن، مشيرة إلى أن هناك مشاكل عديدة، منها الاعتقال التعسفي، والتوقيف الإداري، خاصة النساء اللواتي يتعرضن لجرائم الشرف، وكذلك التجاوزات الحقوقية المتعلقة بالعمال الأجانب.
وأوضحت أنه بما "يتعلق بتوقيف العمال الأجانب يجب أن يكون من خلال القضاء وليس القرار الإداري"، مشيرة في الوقت ذاته إلى "ضرورة تقديم الخدمات، وتوفير الحماية الاجتماعية الكاملة لكبار السن".
في حين، أكد عميد كلية العلوم التربوية في جامعة مؤتة، عبد الله الجراح، ضرورة تضمين الكتب والمناهج المدرسية، مضامين تتعلق بحقوق ذوي الحاجات الخاصة وحقوق الطفل، مشدداً على أهمية تلقي الطلبة التعليم المناسب.
بينما انتقدت مديرة البرامج في جمعية النساء العربيات، ليلى نفاعى، الرقابة الشديدة التي تفرضها الحكومة على مؤسسات المجتمع المدني الخاصة بالتمويل، مما يتسبب بصعوبات عمل لهذه المؤسسات، ويكبد البلاد خسارة مشاريع مهمة، مطالبة الحكومة بعدم تعقيد الموافقات على التمويل المقدم إلى المجتمع الأردني.
حقوق الطفل
وحول حقوق الطفل في الأردن، قالت مديرة المناصرة والإعلام في مؤسسة إنقاذ الطفل نادين النمري، لـ"العربي الجديد"، إن الأردن أقر العام الماضي قانون حقوق الطفل بعد 27 عاماً من رميه في الأدراج.
ورغم أنها أقرت بأهمية إقرار القانون، فإنها أكدت الحاجة لتعزيز حقوق الطفل في الأردن في مجالات عدة، منها مجانية التعليم خلال مرحلة رياض الأطفال والتي نطالب بضمانها قانونياً من الحكومة.
وأشارت إلى تطلع المؤسسة إلى إيجاد نص قانوني يلغي ضرب الأطفال، خاصة في ظل وجود مادة قانونية تبيح الضرب التأديبي، فيما القانون الجديد لم يحم الأطفال من العقاب البدني.
وقالت إننا "نأمل بإقرار قانون يوفر المساعدة القانونية للأطفال الذين يتعرضون للعنف، فقانون الأحداث يوفر الحق في المساعدة القانونية في النزاع مع القانون، لكن لا توجد حماية قانونية لهم".
واستطردت بالقول "نطالب أيضاً بتشديد التعليمات لمن هم أقل من 18 عاماً، لإضافة ضمان الحق بالتعليم، خاصة أن 92 بالمائة من الفتيات يتركن التعليم بعد الزواج".
العمال المهاجرون
من جهتها، أشارت مديرة البرامج في منظمة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، رانيا الصرايرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى "التجاوزات الخاصة بالعمال المهاجرين"، مبينة أن "عدداً من العمال المهاجرين تعرضوا للاحتجاز الإداري والإبعاد".
وفي هذا السياق، طالبت "بإلغاء الاحتجاز الإداري، وأن يكون القضاء هو الفيصل، خاصة بعد تسجيل حالات تسفير لعمال مهاجرين دون تأكيد مخالفاتهم".
كما أوصت بتنفيذ قانون الاتجار بالبشر وتعديله، موضحة أن "القانون الحالي رغم أنه قانون جيد فإنه لم يُعرف العمل القصري والجبري بالقانون، حتى تكون الأمور المتعلقة بالاتجار بالبشر واضحة، فيما لم يتضمن القانون أيضاً مواد تنص على المساعدة القانونية المقدمة لهم".
ومن التوصيات التي تحدثت عنها هي "المطالبة بشمول عمال الزراعة بالتأمينات الاجتماعية والصحية"، مبينة أنه عندما أقر نظام حماية العاملين في الزراعة جرى استثناء المشاريع التي تشغل أقل من ثلاثة عاملين، وهذا يعني استثناء أعداد كبيرة من المزارعين من الحماية الاجتماعية، خاصة أن معظم الحيازات الزراعية في الأردن صغيرة وتشغل أقل من ثلاثة عمال.
وعلى هامش اللقاء أطلق مركز المعلومات والبحوث في مؤسسة الملك الحسين منصة "حقي" للمشاركة المعرفية، وهي منصة إلكترونية متخصصة في مجال حقوق الإنسان والتنمية الإنسانية والتنمية المستدامة.