"سنة تقشف" للاجئي تونس

23 ديسمبر 2021
التدخلات الإنسانية ستتقلص في تونس (تسنيم نصري/ الأناضول)
+ الخط -

تتوقع المنظمات الراعية للاجئين في تونس سنة صعبة قادمة تحت ضغط إجراءات التقشف التي يرجّح أن تجبر على تنفيذها بسبب الشحّ في التمويل، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى مساندة هذه المنظمات التي بات حضورها مهماً في البلاد، استناداً إلى تجارب السنوات الأخيرة .
وتشكو المنظمات المدنية التي تُعنى بشؤون المهاجرين في تونس من صعوبة بحث ميزانيتها مع مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وباقي الممولين الدوليين، ما قد يجبرها على تقليص عدد موظفيها وتدخلاتها لمصلحة اللاجئين الذين زادت احتياجاتهم منذ أن بدأت جائحة كورونا في ربيع عام 2020، ما استدعى تكثيف المساعدات الإنسانية النقدية والخدماتية التي تمنحها المنظمات المدنية لهم، والتي ترغب، بحسب ما أدلى به مسؤولوها أخيراً، في توسيع المساعدات المقدمة كي تشمل أكبر عدد ممكن من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين أيضاً.
ويرجّح المدير التنفيذي للمجلس التونسي للمهاجرين، أكبر منظمة مدنية ترعى شؤون اللاجئين في البلاد، عبد الرزاق الكريمي، أن يضطر المجلس الذي تموّل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كل مساعداته، إلى تسريح نحو 30 في المائة من موظفيه، وتطبيق سياسة تقشف تضع حداً لمجموعة من البرامج والتدخلات الإنسانية التي تقدم إلى طالبي اللجوء. 
ويقول لـ"العربي الجديد": "سنعتمد العام المقبل على ميزانية تناهز 4.2 ملايين دينار (1.2 مليون دولار) في مقابل 6 ملايين دينار (2.07 مليون دولار). وتقليص الاعتمادات المخصصة لبرامج المجلس بنحو 1.8 مليون دينار (620 ألف دولار)، ما سيؤثر بلا شك في واقع اللاجئين في البلاد، وقدرة المنظمة على مساعدتهم".
ويفيد الكريمي بأن "المجلس يحدد برامجه في ضوء الاعتمادات التي يحصل عليها من الممولين، علماً أنه نفذ خلال جائحة كورونا سياسة توسعية شملت شرائح مختلفة من الوافدين إلى تونس من لاجئين وطالبي لجوء ومهاجرين بدرجة أقل".

ويؤكد أن "المجلس سيكتفي عام 2022 بتقديم مساعدات وتدخلات إنسانية لمصلحة اللاجئين وجزء من طالبي اللجوء من الأشخاص المصنفين ضمن الفئات الهشة، أو من سيحصلون على لجوء قريباً، فيما سيستغني عن البرامج الموجهة إلى المهاجرين والجزء الباقي من طالبي اللجوء. وهذا ليس خياراً للمنظمات، بل أمر ستجبر على فعله بسبب قلة الإمكانات المادية وزيادة احتياجات التدخل" .
ومنذ أن بدأت جائحة كورونا في تونس، يعيش اللاجئون والمهاجرون أوضاعاً مادية صعبة فيها نتيجة ندرة فرص العمل، فيما لم يصدّق البرلمان المعلقة جلساته على مشروع قانون حماية اللاجئين الذي جرت صياغته عام 2016.

التقشف ليس خياراً للمنظمات (فتحي نصري/ فرانس برس)
التقشف ليس خياراً للمنظمات (فتحي نصري/ فرانس برس)

وقد تضاعف عدد طلبات اللجوء في تونس خمس مرات خلال الفترة بين يناير/ كانون الثاني 2019، والشهر ذاته من العام الجاري، وذلك من 1245 إلى نحو 9 آلاف. وتتحدد الصعوبات التي تواجهها منظمات شؤون المهاجرين بارتفاع الحاجة إلى المساعدات المالية لتسيير النفقات اليومية، وتراجع المنح والمساعدات الدولية المخصصة للمهاجرين الذين أصبح وجودهم واقعاً في تونس، ما دفع الحكومة والمنظمات والهيئات المتخصصة إلى التفكير في تحمّل مسؤوليتها في حمايتهم وضمان حقوقهم، وتنظيم أطرهم القانونية.
وينص مشروع قانون حماية اللاجئين على مجموعة حقوق يتمتع بها اللاجئون ويتساوون في ممارستها مع المواطنين التونسيين، وهي حرية المعتقد والقيام بالشعائر الدينية والحصول على إغاثة ومساعدة عامة، وحقوق نيل التعليم الأساسي وخدمات الصحة ورفع القضايا أمام المحاكم للحصول على الإعانة العدلية وحماية الملكية الفكرية والثقافية والصناعية. ويتحتم على الدولة التونسية تخصيص الاعتمادات والموارد والفضاءات اللازمة لضمان ممارسة هذه الحقوق كي لا تبقى حبراً على ورق.

وكانت عملية إعداد مشروع قانون يحمي اللاجئين قد أطلقت في تونس عام  2012، وذلك بمبادرة من مركز الدراسات القانونية والقضائية التابع لوزارة العدل وبالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين في تونس، والمعهد العربي لحقوق الإنسان ومجموعة من الخبراء في مجال حقوق الإنسان، وشراكة وزارات، منها الداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية. ثم أنجز عام 2016، وتضمن قوانين لحماية اللاجئين تضمنت 48 فصلاً توزعت على أبواب تشمل الحماية الوطنية، والهيئة الوطنية لحماية اللاجئين، وإجراءات النظر في مطالب اللجوء والإقامة، وأحكام انتقالية وختامية.

المساهمون