شراء مصر والأردن الغاز الإسرائيلي يهدّد حقل فلسطين

21 نوفمبر 2014
32 مليار متر مكعّب أرباح حقل الغاز الفلسطيني(فرانس برس)
+ الخط -

تبدي اللجنة الرباعيّة الدوليّة، المسؤولة عن التنسيق السياسي والاقتصادي بين إسرائيل والفلسطينيين، خشيتها من سلسلة العقود والاتفاقيات التي أبرمتها إسرائيل أخيراً مع كل من الأردن ومصر، لبيع الغاز الإسرائيلي من حقول تمر ولفيتان، وفق ما يكشفه المحامي الإسرائيلي، أريئيل إزراحي، خوفاً من أن تسد هذه العقود والصفقات الطريق أمام تطوير حقل الغاز الفلسطيني الموجود في باطن الأرض قبالة شواطئ غزة.

ويحذّر إزراحي، الذي يعمل مستشاراً للرباعيّة الدوليّة في مجال الطاقة والغاز، وفق تصريحات نقلتها عنه صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية، من أنّه من شأن عقود بيع الغاز الإسرائيلي لمصر والأردن بصيغتها الحالية، أن تؤدّي إلى سدّ آفاق حقل الطاقة الفلسطيني وعرقلة مشروع استخراج الغاز من حقل غزة الفلسطيني المعروف باسم "غزة مارين"، قبالة شواطئ غزة.
وترى اللجنة الرباعيّة، وفق إزراحي، أنّ ضرب المصالح الفلسطينيّة من شأنه أن يحبط، في نهاية المطاف، بيع الغاز الإسرائيلي لمصر والأردن. ويكشف إزراحي، أنّ اللجنة توجّهت بأسئلة حول عقود الشراكة مع حقل لفيتان إلى كل من الأردن ومصر، موضحاً أنّ "الجانب المصري ادّعى أنّ الحديث يدور فقط عن اتفاقيات مبدئية غير ملزمة، وأنّهم يعتزمون أيضاً شراء الغاز من الجانب الفلسطيني عند تطوير حقل الغاز الفلسطيني "غزة مارين".

ويبدو أنّ الأردن ومصر واقعان عملياً، بين المطرقة والسندان، لحاجتهما الشديدة إلى الغاز. ويقول إزراحي، في هذا السياق، إنّ كلاً من الأردن ومصر، معنيان بالحصول على أكبر كميّة ممكنة من الغاز الطبيعي، لكنّ الواقع السياسي لا يشجّع على إبرام اتفاقيات حول مشاريع ظاهرة للعيان. لذلك ربّما من الأفضل للجانب الإسرائيلي في هذه الحالة، أن يدرس إمكانية إدخال العنصر الفلسطيني وحقل الغاز الفلسطيني على الصورة، خصوصاً أنّ مردود الغاز الفلسطيني، عند تطوير حقل "غزة مارين" وبيع غازه، يبقيه أقلّ بثلاثين مرة من كميات وحجم الغاز في الحقول الإسرائيليّة. وبالتالي لن تخسر إسرائيل كثيراً، إذا جرى بيع هذا الغاز للجانب المصري.

ولا يخفي مستشار الرباعيّة الدوليّة في تصريحاته، المصالح الإسرائيليّة المرتبطة بصفقات الغاز أيضاً، من حيث انعكاسها على البعد السياسي والتنسيق والتعاون الإقليمي مع إسرائيل، بما يتناسب مع تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بشأن تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية المعتدلة.

وفي هذا السياق، يرى أنّ مصلحة إسرائيل تقتضي إدخال الجانب الفلسطيني في هذه الصفقات، وعدم المسارعة في إبرام صفقات إقليميّة من دون توفير حلّ للغاز الفلسطيني، على غرار طرح إمكانيّة بيعه لأطراف مختلفة، أو عبر عملية تبادل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة، تمكّن الأولى من بيع الغاز للسلطة الفلسطينية في غزة بأسعار مخفّضة. وفي المقابل، سيكون بمقدور المصريين، عبر عملية التبادل، القول إنّهم عملياً يشترون الغاز من الفلسطينيين.

ويتطرق إزراحي إلى عقود بيع الغاز من حقل لفيتان لتركيا، فيعتبر أنّه سيكون مريحاً أكثر للأتراك، التوقيع على صفقات مع إسرائيل، مع معرفتهم المسبقة بأن إسرائيل، ومن خلال الاتفاق معهم، تعمل على تطوير قطاع الغاز الفلسطيني، خصوصاً مع عزم الأكراد تطوير منطقة صناعيّة في جنين، في الضفّة الغربيّة، يمكنها الاعتماد على الغاز.
وتعكف اللجنة الرباعيّة الدوليّة، بحسب إزراحي، على تطوير خمسة مشاريع أساسيّة، وفي مقدمتها بدء العمل في حقل الغاز الفلسطيني، ومستقبل محطات الطاقة في غزة وجنين، وتطوير شبكة الكهرباء القائمة بين إسرائيل والقطاع، إضافة إلى تطوير فرص إقامة منشآت للطاقة المتجدّدة في الضفّة الغربيّة.

ويكشف إزراحي أنّه على ضوء الوضع القائم في غزة، وإدراج "حماس" على القائمة السوداء للرباعيّة الدوليّة، فإنّ اتصالاته الأساسيّة فيما يتعلق بقطاع غزة، تعتمد أساساً على الاتصالات المباشرة مع شركة "اتحاد المقاولين اللبنانيّة، المعروفة باسم (CCC)، التي تملكها عائلة خوري الفلسطينيّة الجذور. ويلفت إلى لقاءات معها تجري في عمان ولندن، من جهة، بموازاة لقاءات متواصلة مع وزير الطاقة الفلسطيني في السلطة الفلسطينية، من جهة ثانية. وتملك عائلة خوري، وفق "ذي ماركر"، 30 في المائة من الأسهم في حقل "غزة مارين"، فيما تستحوذ شركة (بي جيه) على 60 في المائة، وتعود الأسهم العشرة الباقية للسلطة الفلسطينية.

وتقدّر أرباح الحقل الفلسطيني، وفق الصحيفة، بنحو 32 مليار متر مكعب من الغاز، ويرتبط تجميد أعمال التنقيب والتطوير بالمخاوف الأمنية من سيطرة "جهات معادية" على هذه الأرباح، علماً أنّه بدأ أخيراً الحديث عن صيغة دوليّة لإدارة دفّة الأمور في هذا الصدد.
ويقرّ مستشار الرباعيّة الدوليّة لشؤون الطاقة، بأنّ إسرائيل لا زالت تفرض عراقيل بيروقراطية كثيرة. والدليل على ذلك أنّ الغاز الفلسطيني لا يزال في عمق البحر وتحت الأرض. مع ذلك، يتوقّع أن تضطر إسرائيل، في نهاية المطاف، إلى تغيير مواقفها وفتح وتطوير حقل الغاز الفلسطيني، حتّى لا يؤثر ذلك سلباً على فرص بيعها للغاز إلى الدول العربية المجاورة.
وتقضي خطة التطوير بربط أنبوب الغاز من حقل غزة إلى ميناء أشكلون، لينتقل من هناك عبر أنبوب غاز خاص إلى غزة، علماً أنه ليس واضحاً بعد، ما إذا كانت إسرائيل ستوافق على مد أنبوب الغاز هذا، من أشكلون إلى غزة.