48 ساعة من الشحن السياسي والتظاهر والاعتقالات في واشنطن

25 يوليو 2024
تظاهرات في واشنطن ضد زيارة نتنياهو، 24 يوليو 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

توالت الأحداث في واشنطن خلال الـ48 ساعة الأخيرة، بدءاً باستقالة مديرة الخدمة السرية كمبيرلي تشيتل، واستضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس في ظل حرب الإبادة على غزة وموجة الاحتجاجات المناهضة لزيارته، وانتهاءً بكلمة للرئيس جو بايدن.

استقالة بعد محاولة اغتيال

مثلت استقالة مديرة الخدمة السرية، اعترافاً بواحدة من أكبر حالات فشل الوكالة -باعترافها- في العقود الأخيرة، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس السابق دونالد ترامب في 13 يوليو/ تموز الجاري، التي سبّبت حالة من الشقاق السياسي واتهامات جمهورية للديمقراطيين برغبتهم في التخلص من ترامب، وفي الوقت ذاته استخدمها الرئيس السابق لترسيخ نفسه لدى الجمهوريين مرشحاً يواجه ما يصفه هو بـ"الدولة العميقة"، مع توقعات ربما بتأثير محاولة الاغتيال في الانتخابات.

هاريس تترشح رسمياً

ومع استمرار هجوم الجمهوريين على الديمقراطيين بعد إعلان بايدن تنحيه عن السباق الانتخابي، نجحت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، في تأمين العدد الكافي من المندوبين للحصول على بطاقة الترشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي، لتزيح أي منافس محتمل، وتوحد الحزب بأكمله خلفها، استعداداً للانتخابات التي تبقى عليها نحو 100 يوم فقط لاختيار الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة.

وتنفس الديمقراطيون الصعداء، وأظهرت تحركاتهم على مدار اليومين تجدد الثقة في إمكانية المنافسة على انتخابات الرئاسة بعد حالة من الحرب الداخلية وعدم اليقين. وعبّر الرئيس جو بايدن عن هذه الحالة عندما أشار في خطابه مساء الأربعاء إلى أنه يضحي بطموحه الشخصي لأنه "لا شيء يأتي فوق حماية الديمقراطية". وقال: "أحب المكتب البيضاوي ولكن أحب بلدي أكثر، ونمرر الشعلة إلى جيل جديد"، وتحدث عن إنهاء الحرب في غزة وإعادة المحتجزين.

نتنياهو يخطب في الكونغرس

وبينما كانت الأجواء ساخنة في ما يخص السياسة الداخلية، شهد الكونغرس أحداثاً أكثر سخونة يوم الثلاثاء (قبل يوم من خطاب نتنياهو)، إذ تظاهر نحو 500 متظاهر يهودي يرتدون القمصان الحمراء كتب عليها "أوقفوا تمويل إسرائيل، وليس باسمنا"، مطالبين بعدم استضافة من وصفوه بـ"مجرم الحرب وقاتل الأطفال ومرتكب الإبادة الجماعية" وعدم تمويل إسرائيل، لكن في داخل القاعة كانت الأمور مغايرة في اليوم التالي، وحظي نتنياهو بحفلة تصفيق قياسي.

وألقت قوات الشرطة القبض على أكثر من 200 متظاهر. وكانت هذه التظاهرة واحدة من عشرات المسيرات التي شهدتها واشنطن أمام البيت الأبيض والسفارة الإسرائيلية والكونغرس وفندق ووترغيت (مكان استضافة الوفد الإسرائيلي)، لإبلاغ رسالة لنتنياهو بأنه "غير مرحب بك، ويجب اعتقالك لأنك مجرم حرب".

الصورة
متظاهرة ضد زيارة نتنياهو اعتقلتها الشرطة قرب الكونغرس، 24 يوليو 2024 (العربي الجديد)
متظاهرة ضد زيارة نتنياهو اعتقلتها الشرطة قرب الكونغرس، 24 يوليو 2024 (العربي الجديد)

ولا يمكن إغفال دلالة تصريحات رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون الذي أشار قبل يوم واحد إلى أن دعم إسرائيل نابع من الإنجيل، ومذكور في الإصحاح الأول من سفر التكوين، الذي يقول: "إن الرب سيبارك الدول التي تدعم إسرائيل، وسيلعن الدول التي تلعن إسرائيل"، في إشارة إلى أن دعم إسرائيل لا علاقة له بالديمقراطية، بل هو نابع لدى قيادات الجمهوريين من معتقدات تتنافى حتى مع القيم الدينية والمبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان.

وفي الوقت الذي كان فيه نتنياهو يلقي كلمة مليئة بالتضليل وينفي المجازر والجرائم التي يرتكبها والمثبتة أمام العالم، ويصف المتظاهرين الأميركيين بـ"الأغبياء"، قوبلت تصريحاته بالتصفيق في بيت الأمة الأميركي (الكونغرس)، فيما وصفت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، الخطاب بأنه أسوأ خطاب قُدِّم لشخصية أجنبية في الكابيتول.

واختارت نائبة الرئيس كمالا هاريس الاعتذار عن عدم الحضور، مبررة ذلك بأنّ لديها جدولاً انتخابياً مقرراً سلفاً، رغم أن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي محدد منذ أشهر. وسبّب هذا فتح النار عليها، في الوقت الذي أشارت فيه تقارير وتحليلات إلى أنها لا تريد ربط نفسها بمواقف الرئيس الحالي بايدن، خصوصاً أنها ترغب في الفوز بولايات متأرجحة مثل ميشيغان، التي يتوقع أن يحدد الناخبون العرب مصير النتائج فيها.

وبينما كانت الأجواء داخل الكونغرس ساخنة، مع رفض 80 عضواً حضور الخطاب، ووجود رشيدة طليب حاملة لافتة "مجرم حرب"، تظاهر أكثر من 50 ألفاً في الشوارع كانوا قد توافدوا من مختلف الولايات، في محاولة لمحاصرة مبني الكابيتول من الخارج في أثناء خطاب نتنياهو، إلا أن قوات الأمن وضعت حواجز بطول عدة كيلومترات تشمل جميع مباني الكونغرس في واشنطن، ما أدى إلى استحالة نجاح المتظاهرين في الوصول إلى المبنى الذي ألقى فيه نتنياهو الخطاب، خصوصاً في ظل الوجود الأمني غير المسبوق.

وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل على المتظاهرين في أكثر من مكان بمحيط الكونغرس، وهو ما أدى إلى إصابة العشرات، كذلك اعتدت قوات الشرطة على المتظاهرين في أثناء محاولتهم إنزال العلم الأميركي، واعتقلت 5 من بينهم طفلان.