أحزاب تونسية تدعو إلى وضع مدونة سلوك للنواب لتفادي الفوضى

07 مارس 2020
مطالبة بالارتقاء بالعمل البرلماني (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

دعت أحزاب تونسية في الآونة الأخيرة إلى التعجيل بوضع مدونة سلوك للعمل البرلماني، في ظل الأجواء المشحونة والمتشنجة التي تشهدها قبة البرلمان، وأدت إلى رفع جلساته أكثر من مرة، في ظل مناوشات بين البرلمانيين وصلت إلى حد تراشق الاتهامات وتبادلها.
وكان آخرها ما شهده المجلس من فوضى يوم الأربعاء بعد اندلاع مناوشات كلامية بين رئيسة كتلة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسي، وعدد من نواب كتلة "الإصلاح الوطني" لتقرر رئيسة الجلسة، سميرة الشواشي، رفع الجلسة لمدة 15 دقيقة لاستحالة استكمالها.
وقال النائب عن حركة "النهضة"، أسامة الصغير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه لا بدّ من مدونة سلوك بين النواب والكتل للارتقاء بالجانب الأخلاقي في العمل البرلماني وخاصة لمن لهم اختلاف في وجهات النظر، معتبراً ذلك خطوة مهمة لتحسين التعامل بين الكتل السياسية.


وفيما بيّن الصغير أن "هذا الأمر صعب التحقيق مع من يفتقدون العمل الأخلاقي ولا يحترمون شروط العمل الجماعي في المجلس"، دعا إلى إدخال "تنقيحات وتعديلات للنظام الداخلي ليتضمن إجراءات حقيقية للردع وتمكين غالبية النواب من العمل في ظروف مقبولة".
واعتبر أنّ من "أسباب هذه المناوشات عدم إيمان البعض بالعمل المشترك وهدم ما تحقق فالطريق طويل لتحقيق أهداف الثورة ولكن من خلال مثل هذا السلوك قد تهدم سبل وآليات تحقيق هذه الأهداف".
من جانبه، أكّد النائب عن "التيار الديمقراطي"، هشام العجبوني، أنّ "كل مبادرة لترشيد العمل النيابي سيتم دعمها والتنصيص على ضرورة احترام قواعد العمل البرلماني"، معتبراً في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "ما يحصل من تعطيل وإثارة ومناوشات مخجل ولا يشكل أسس العمل البرلماني والمسألة عاجلة وتحولت إلى ضرورة ملحة".
وأعرب عن أسفه لكل ما يحصل للنواب، قبل أن يضيف "للأسف المداخلات الجيدة لا يتم تناقلها، في حين أنّ نقل هذه المناوشات أسرع وأكثر صدى".
وبيّن النائب أن "الصراع السياسي والمعارك الأيديولوجية وراء هذه التجاذبات، فهي مستمرة منذ سنوات والخصومات للأسف لا تحوم حول مضمون وبرامج ومشاريع قوانين بل على مسائل تافهة لا ترتقي إلى درجة تعطيل عمل المجلس"، مبيناً أن العنف اللفظي يؤدي إلى عنف آخر متبادل.
وتابع أنه كان متوقعاً أن تكون الأجواء مشحونة، في ظل ما أفرزته نتائج الانتخابات التشريعية، فهناك أطراف تعمل على توتير الأجواء وتصفية الحسابات السياسية، مؤكداً أنّ التلميح بالتكفير غير مقبول في محاولة لنقد الخصوم السياسيين. واعتبر كذلك أن "عدم قبول التعددية وفهم العمل النيابي كلها تؤدي إلى مثل هذا التوتر".
ولفت إلى أنه لا بدّ من تعزيز الوعي من قبل الناخبين وعدم تعطيل سير الجلسات والقوانين من أجل مناوشات غير مبررة، داعياً الناخبين أيضاً إلى معاقبة "الأحزاب غير الجدية فالمشهد السياسي الحالي مشحون".
وهو ما ذهب إليه النائب عن حركة "الشعب"، عبد الرزاق عويدات، إذ قال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا بد من مدونة سلوك للعمل البرلماني ولكنها غير كافية، إذ لا بد من تعديل النظام الداخلي ليمارس كل نائب حقه والتعبير عن رأيه ولكن مع احترام الآخرين والالتزام برأي الأغلبية".
وأردف قائلاً إنّ "محاولة البعض مصادرة رأي الآخرين في التعبير غير مقبول، فهناك تحالفات وأغلبية في البرلمان أفرزتها نتائج الانتخابات ويمكن نقدها ولكن لا يمكن تعطيلها لأنها لا تتماشى ورأي البعض".
وأوضح عويدات أنّه "لا بد من آليات في القانون الداخلي تحول دون تعطيل المجلس، وهو ما يتطلب تعديلات جدية ومزيداً من الصرامة للحد من التجاوزات والتصدي للتجاذبات الحاصلة والتي يخشى أن تصل إلى نسق غير مسبوق"، مؤكداً أن البرلمان الحالي تضمن أكثر مناوشات من ذي قبل.
كما لفت إلى أن "ظروف العمل الحالية ودرجة التحمل أصبحت صعبة ووصلت إلى درجة أنه لا يجب أن تستمر لأنها مسيئة للنواب وللمجلس ككل".


وطالب حزب "قلب تونس" في بيان بضرورة المراجعة العاجلة للنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب مما يحد من مظاهر العنف واستعمال الجلسات العامة كمنبر لتصفية الحسابات السياسية الضيقة وضمان نجاعة العمل البرلماني كسلطة تشريعية.
وندد بكل أشكال العنف اللفظي والمادي وخطاب الكراهية والتفرقة، داعياً كل الأطراف إلى "النأي بمجلس نواب الشعب كسلطة تشريعية منتخبة عن التجاذبات السياسية التي لا تخدم المصلحة العامة وتؤثر سلباً على سير أعماله، وعلى الكتل البرلمانية التوافق على مدونة سلوك كقاعدة لالتزام كل الأطراف بتوفير مناخٍ سليم للعمل البرلماني".

المساهمون