وقال المتحدث الإعلامي بشرطة مكة المكرمة، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية "واس"، إنّ الفغم قُتل بينما كان في زيارة لصديقه فيصل السبتي بمنزله، ودخل عليهما صديق ثالث لهما هو ممدوح بن مشعل آل علي، وأثناء الحديث تطور النقاش بينهما ليخرج ممدوح ثم يعود وبيده سلاح ناري، أطلق منه النار على الفغم فأرداه قتيلاً، وأصاب شقيق صاحب المنزل إضافة إلى عامل من الجنسية الفيليبينية.
وبحسب الرواية الرسمية السعودية، فإنّ الجهات الأمنية وصلت إلى موقع الحادث وقامت بمحاصرته ومطالبة القاتل بتسليم نفسه، لكنه تبادل إطلاق النار مع رجال الأمن مما أدى إلى مقتله وإصابة خمسة منهم إصابات طفيفة.
وشُيع الفغم، مساء اليوم الأحد، في المسجد الحرام بمكة المكرمة، حيث تقدم جنازته عدد كبير من المسؤولين وقادة الدولة الأمنيين.
واحتفظت السلطات السعودية بالشهود، وهم صاحب المنزل، وشقيقه المصاب، إضافة إلى العامل من الجنسية الفيليبينية، بانتظار تحسن حالتهم الصحية للإدلاء بشهاداتهم حول الحادثة.
وقدم والد القاتل، مشعل ممدوح آل علي، وهو عضو في مجلس الشورى السعودي، تعازيه لعائلة الفغم عبر حسابه في موقع "تويتر"، قائلاً: "مع التجليات الإلهية والرحمات الربانية نسألك أن تغفر لعبدك الفغم الوفي ابن الأوفياء، الدعوات بالغفران والشهادة، وللغادر نقول رفعته إلى مقعد عليا بعد إن كان في الدنيا ملازماً لولي أمرنا والد الجميع سلمان أعزه الله فكل السعوديين له دروع وجند".
Twitter Post
|
وشارك والد القاتل في مراسم العزاء، حيث قدم تعازيه لأسرة المقتول، كما بينت عدد من مقاطع الفيديو المنتشرة في فضاء التواصل الاجتماعي السعودي.
Twitter Post
|
وتعد عائلة القاتل (آل علي) مقربة من النظام السعودي ومن الأسرة الحاكمة، إذ يعمل والد القاتل كعضو في مجلس الشورى ومستشاراً للأسرة الحاكمة، بينما تكون عمته الأميرة مشاعل آل علي طليقة الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز، شقيق العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز.
وأثارت الحادثة جدلاً كبيراً بين النشطاء السعوديين، إذ تساءلوا حول الأسباب الحقيقية للخلافات بين حارس الملك الشخصي ورجل أعمال من الأسر المقربة للنظام الحاكم، إضافة إلى كيفية عدم إصابة القاتل بأي إصابات، رغم أنّ الفغم يعد أحد أكفأ الحراس الأمنيين، ويحمل تصريحاً بحمل السلاح طوال 24 ساعة حتى خارج أوقات خدمته.
وقال الناشط السياسي المعارض عبد الرحمن المطيري، والذي يقيم في الولايات المتحدة، وهو قريب من ناحية النسب للفغم، عبر حسابه في "سناب شات"، إن "الفغم تعرض لمؤامرة سياسية اغتيل من أجلها".
كما أضاف: "لقد قالوا في بداية مقتل (جمال) خاشقجي إنه قُتل نتيجة مشاجرة تطورت إلى قتل، وقالوا ذات السبب للفغم، ومن يتصور أنّ النظام السعودي لا يُقدم على هذه الأفعال المشينة فهو مجنون".
لكن مصدراً كبيراً في المعارضة السعودية المقيمة في لندن، قال لـ"العربي الجديد": "هناك أسئلة كثيرة يجب أن تطرح وهناك شكوك كبيرة، لكننا في النهاية لا نملك أي معلومات كافية، وأظن أنّ السؤال الجوهري هنا هو هل يتجرأ النظام السعودي على القيام بحماقة مثل هذه؟ والجواب هو نعم لقد قام بها في السابق وسيقوم بها في المستقبل، لأنّه نظام استبدادي يصفّي أبناءه وخصومه في وقت واحد".
وعلم "العربي الجديد" أنّ وفداً قبلياً من قبيلة مطير، التي ينتمي إليها الفغم، سيذهب في زيارة للملك سلمان بن عبد العزيز، ويطلب نتائج التحقيقات النهائية في الحادثة، خصوصاً مع تزايد الشائعات حول آلية عمل القتل.
ويُعد عبد العزيز الفغم، الذي ولد في عام 1971، أحد أشهر الحراس الأمنيين في العالم، حيث تدرج في الرتب بعد تخرجه من كلية الملك خالد العسكرية في الرياض، ثم عُيّن في الحرس الوطني التابع للملك عبد الله بن عبد العزيز، قبل أن يُنقل إلى الحرس الملكي، حيث عين كمرافق شخصي للملك عبد الله بن عبد العزيز، خلفاً لوالده بداح بن عبد الله بن هايف الفغم، الذي عمل مرافقاً للملك عبد الله مدة 30 عاماً.
وبعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، انتقل الفغم للعمل كحارس شخصي للملك سلمان بن عبد العزيز ومسؤولاً عن أمنه الشخصي.
وينحدر الفغم من أسرة مشيخة لقبيلة مطير، إحدى أكبر القبائل السعودية التي ساهمت في توحيد البلاد رفقة الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود، قبل أن تحاول الانقلاب عليه في تمرد القبائل الشهير عام 1929، لكن جد الفغم كان أحد الأشخاص الذين انشقوا عن قبائلهم، ووقفوا مع الأسرة الحاكمة، مما جعله وأبناءه مقربين منها.