استمع إلى الملخص
- مصر تنفي وجود قوات لها في السودان وتؤكد دعمها للمؤسسة العسكرية السودانية، بينما ترفض الإمارات دعم الجيش السوداني خوفاً من سيطرة الإسلاميين.
- قوات الدعم السريع تتراجع في السودان، وخطاب حميدتي يهدف لزعزعة استقرار مصر، وسط محاولات لنقل الفوضى إليها.
علم "العربي الجديد" أن جهوداً بذلتها الإمارات أخيراً لمحاولة إقناع القاهرة بتعديل موقفها من قوات الدعم السريع والقبول بالتفاهم معها وخفض ما يتداول عن دعم القاهرة للجيش في الحرب في السودان إلا أن تلك الجهود لم تؤد إلى نتيجة إيجابية. وهو ما دفع إلى تصاعد الحرب الكلامية بين قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والمسؤولين في مصر. وادعت قوات الدعم السريع في بيان "أسر" من وصفتهم بـ"مرتزقة مصريين" يقاتلون إلى جانب قوات الجيش السوداني.
مصادر مصرية: لا توجد عناصر عسكرية وأمنية مصرية في السودان
تطور الحرب في السودان
وبحسب المعلومات، فإن اتصالات مصرية إماراتية مكثفة جرت خلال الأيام الماضية، في محاولة للاتفاق على تنفيذ إجراءات مرتبطة بوضع الحرب في السودان كان قد جرى الحديث بشأنها بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والإماراتي محمد بن زايد، خلال زيارة الأخير إلى القاهرة مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، إلا أن مصادر سودانية في القاهرة رجحت أن دعم مصر المؤسسة العسكرية في السودان أمر لا تراجع عنه باعتباره يمس الأمن القومي المصري. ويعود السبب إلى أن أي دور مستقبلي لحميدتي ومجموعته المسلحة يمثل عنصر اضطراب للأمن القومي والمصالح المصرية المباشرة. وحسب المصادر نفسها، فإن أبو ظبي، تكرر موقفها الرافض لدعم الجيش السوداني، إلى سيطرة الإسلاميين، بينما ترى القاهرة أنها تعي تحركاتها جيداً وأنها على ثقة تامة بعدم وجود أدوار لجماعة الإخوان المسلمين هناك.
وحول ما أشارت إليه "الدعم السريع" في بيانها بشأن "القبض على مرتزقة مصريين في السودان"، قالت مصادر مصرية إن "ما جاء في هذا البيان كذب محض"، مؤكدة أنه "لا توجد أية عناصر عسكرية أو أمنية مصرية في السودان على الأرض". وأشارت في الوقت ذاته، إلى أن القاهرة "تكثف دعمها للسودان في الجوانب الإنسانية والدبلوماسية، وتدعم موقف المؤسسة العسكرية على المستويين الدولي والإقليمي". وذكرت المصادر أن القاهرة "شددت خلال اتصالات مع الإدارة الأميركية أخيراً على موقف مصر الرافض وجود قوات الدعم السريع في المشهد"، موضحة أنه "خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مصر الشهر الماضي، جرى تأكيد أن القاهرة لا يمكن لها أن تقبل الجمع بين متمردين ومليشيات إلى جانب المؤسسات الرسمية في جملة واحدة".
وحذّرت المصادر من "قيام مليشيات الدعم السريع بالقبض على مدنيين مصريين من المقيمين في السودان بزعم أنهم يقاتلون إلى جانب القوات السودانية"، مشددة على أنه "حال حدوث ذلك، فإن القاهرة لن تتهاون في حقوق مواطنيها"، ومذكرة بالإجراء المصري في ليبيا، رداً على إعدام عدد من العمال في سرت عام 2015، عندما قصفت مصر مواقع "قالت إنها لعناصر داعش في ليبيا"، بحسب الرواية المصرية الرسمية.
وقالت الخبيرة المصرية في الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، لـ"العربي الجديد"، إن "السياسة المصرية واضحة تجاه الحرب في السودان وغيرها من أزمات مشابهة، وهذا الموقف يرتكز على دعم المؤسسات الوطنية وفي مقدمتها الجيوش، وكل التحركات والتحالفات المصرية تأتي في هذا السياق، وآخرها الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى دولة إريتريا، والتي تتطابق رؤيتها مع مصر بالنسبة للسودان، بسبب وقوف أسمرة إلى جانب الحكومة السودانية في مواجهة تمرد الدعم السريع". وأضافت أن "البيان الثلاثي المشترك، الذي صدر عن قمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع نظيريه، الصومالي حسين شيخ محمود والإريتري، أسياس أفورقي، وعبر عن تحالف الدول الثلاث في مواجهة التحديات الإقليمية، أكد توافق آراء هذه الدول بشأن الأزمة السودانية، وهو ما سيساعد بتأكيد التوصل إلى حل".
معتصم عبد القادر الحسن: مليشيا الدعم السريع تُهزَم على كل المحاور
مصير قوات الدعم السريع
بدوره، اعتبر المستشار بالأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، معتصم عبد القادر الحسن، لـ"العربي الجديد"، أن "هزيمة مليشيا الدعم السريع في كل المحاور من الحرب في السودان وتقهقرها المستمر منذ يوليو/ تموز الماضي، وهروب عناصرها، ونقص الذخيرة والآليات باعتراف زعيم المليشيا، دلالة على أفولها واقتراب نهاية الحرب". وأضاف أن الدعم السريع "عودتنا منذ تأسيسها وأثناء الحرب في السودان على لسان قادتها ومستشاريها، أن تستخدم وسائل الإعلام المختلفة أداة أساسية من أدوات عدوانها، وإظهار انتهاكاتها، كما عودتنا على إدانة نفسها بما تعرضه على وسائل الإعلام ضد الدولة والجيش من تمرد، وضد الدول من اتهامات زائفة. ومن المعلوم أن المليشيا تستند إلى الإمكانات والموارد الضخمة التي وفرتها لها قوى سياسية ودولية لمساعدتها في كافة المجالات، ومنها الوقوف معها ونصرتها في المحافل الدولية، وتخطيط وإخراج مواقفها السياسية الداخلية والخارجية ومنها الخطاب الإعلامي لناشطيها وقادتها".
وتابع الحسن: "الخطاب الأخير الذي بُث لقائد المليشيا به الكثير من التناقضات، مثل تجديد الدعوة للهجوم على الجيش بمليون مقاتل، ودعوة الهاربين للتبليغ وفي الوقت نفسه السماح للمقاتلين بترك ساحة القتال والذهاب لمنازلهم"، مشيراً إلى أن "دول الرباعية هاجمت الخطاب، وحملته مسؤولية إضافة سبب آخر للحرب وتدمير البلاد"، لافتاً إلى أنه "زج بمصر في هجومه على الدول وحملها مسؤولية هزائمه منذ بداية الحرب".
من جهته، قال السفير السوداني السابق لدى الولايات المتحدة، الخضر هارون، إن "خطاب حميدتي دليل دامغ على أن حرب مليشيا الدعم السريع تستهدف المواطن السوداني وجوداً وأرضاً وثقافة، وطرده من أرضه وتدمير مؤسساته ومحو تاريخه بسرقة متاحفه". وأوضح: "تأمّل حديث حميدتي: (لماذا لا يتم قصف ولايتي نهر النيل والشمالية؟)، ثم حديثاً عنصرياً له ولبعض أتباعه يستهدف قبيلة شمالية بعينها، ولا شك أن الأجهزة المختصة في مصر تتابع السباب الموجه لسكان هاتين الولايتين بأنهم مصريون. فالرجل حانق على مصر لأنها آوت جل النازحين من السودانيين عبر هاتين الولايتين، وهو كان يريد الظفر بهم في مكانهم لقتلهم وإهانتهم ونهبهم، كما يبشر بذلك أتباعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم، وتمكن الجيش من حماية هاتين الولايتين مثلما فعل دون تمييز مع ولايات الشرق: كسلا والقضارف والبحر الأحمر وكذلك النيل الأزرق ومناطق واسعة في النيل الأبيض وأخرى في شمال كردفان، إذ لم تكن فيها تجمعات للمليشيات تقصف بالطيران". وتابع هارون: "الرجل عنصري مدمر ووراءه قوى تريد النيل من مصر واستقرارها ونقل الفوضى لربوعها، في إطار خطط قديمة لزعزعة استقرار أكبر دولة في المنطقة بما تمثله من ثقل سكاني وحضاري وخبرة في التصدي للمؤامرات الكبرى".