من جهتها، قالت مصادر دبلوماسية خاصة تحدثت لـ"العربي الجديد"، إن إثيوبيا رهنت الموافقة على دعوة المباحثات الجديدة، باعتبارها جلسةً تشاورية على مستوى وزراء الخارجية فقط، على أن تكون غير ملزِمة بأي نتائج لأطراف النقاش. وأوضحت المصادر أن الجانب الإثيوبي رفض تناول الأمور الفنية خلال المباحثات المقرر إجراؤها، بدعوى أن الجانب الفني هو من اختصاص الدول الثلاث المعنية فقط، خصوصاً أنه لم يتم الاتفاق على اللجوء إلى طرفٍ دولي للتحكيم بين أطراف النزاع. كما ذكّر الجانب الإثيوبي، بحسب المصادر، بأنه جرى الاتفاق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال اللقاء الذي جمعهما في روسيا الأسبوع الماضي، على استكمال آلية المفاوضات الفنية خلال الفترة القريبة المقبلة.
وبحسب المصادر، فقد تمسك الجانب الإثيوبي برفض إشراك طرف رابع في المفاوضات، وفقاً للصيغة الرسمية التي نصّ عليها اتفاق المبادئ في البند العاشر الخاص بالتسوية السلمية للمنازعات، مؤكداً في الوقت نفسه على اعتبار الدعوة الأميركية مجرد مشاورات سياسية غير ملزمة، وأن الأطراف الثلاثة هم وحدهم المعنيون بالتوصل لاتفاق.
وأوضحت المصادر أن "المسار الحالي الذي اتفق عليه السيسي وآبي أحمد لا ينبئ بجديد، والأمر لا يتعدى كونه محاولة إثيوبية لكسب مزيد من الوقت، خصوصاً أن الجانب الأميركي يعتبر دوره في المباحثات المرتقبة مجرد منسق لتنظيم لقاء يكسر الجمود الذي ضرب مسار المفاوضات بين الدول الثلاث أخيراً".
ورأت المصادر، بناء على ذلك، أن "مصر باتت الحلقة الأضعف في المفاوضات، على الرغم من موافقتها على كافة الشروط والمطالب الإثيوبية الإجرائية، مثل إبعاد الأطراف الأمنية عن المفاوضات، وقصْرها على الجانبين الدبلوماسي والفني".
وينصّ البند العاشر في اتفاق المبادئ الموقع في مارس/آذار 2015 بين زعماء الدول الثلاث في الخرطوم، على أن "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا". ويضيف أنه "إذا لم تنجح الأطراف في حلّ الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة"، وهو المقترح الذي لم توافق عليه كل من السودان وإثيوبيا بعد المطلب المصري مؤخراً.
وتقول مصر إن ملء خزان السدّ الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب من المياه، سيؤدي إلى تقليص حصّتها التاريخية من المياه المقدرة بـ55 مليار متر مكعب، بشكل حاد، وهي دعت إلى وساطة دولية للمساعدة في التوصل لاتفاق "عادل ومتزن".
يأتي هذا فيما كشف مصدر دبلوماسي سوداني في القاهرة، عن تمرير إثيوبيا دراسةً على سفارات الدول الأوروبية والقوى الإقليمية الفاعلة في ساحة الشرق الأوسط، شددت فيها على "الحقوق الإثيوبية المشروعة في الاستفادة من الموارد الطبيعية، التي دأبت مصر على استغلالها على مدار العقود الماضية دون غيرها من دول حوض النيل". وبحسب المصادر، فقد ذكر الجانب الإثيوبي في الدراسة التي تمّ توزيعها على سفراء الدول المعنية أنه "لا يمكن لمصر التي بنت السدّ العالي، أن تقول لبقية دول الحوض إنه ينبغي ألا يبني أحد منكم أي سدّ"، متسائلة "كيف لمصر أن تقوم بإنتاج الطاقة اللازمة لنحو 22 ألف مدينة وقرية من الكهرباء التي ينتجها السدّ العالي، ثم تريد أن تمنع إثيوبيا من الاستفادة بالطاقة اللازمة عن طريق بناء السدّ؟".
واستطردت إثيوبيا في الدراسة، بحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، بالقول إنه "لا يمكن لمصر التي تصدر منتجات العصائر المعلبة من مزارع 20 ألف قرية مصرية تحصل على مياه الري من السد العالي مباشرة، أن تقول لإثيوبيا لا يمكنك الاستفادة من المياه التي تنبع في أراضيك". وشددت الدراسة على أن "الاستفادة من موارد نهر النيل من حق إثيوبيا وبقية دول الحوض، مثل كينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبورندي والكونغو وجنوب السودان وإريتريا".