وتعتزم ألمانيا استضافة لقاء دولي بشأن ليبيا، استجابة لخطة أممية أعلن عنها المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، في يوليو الماضي، تتمثل في عقد لقاء يجمع الأطراف الخارجية المعنية بالأزمة الليبية لتوحيد موقفها ورؤيتها بشأن ليبيا، بعد أن اتهمها بالتسبب في استمرار النزاع الليبي، يليه لقاء ليبي-ليبي يمهد للحل السياسي في البلد، ويسبقه وقف القتال المندلع منذ إبريل الماضي، إثر هجوم عسكري مباغت لحفتر على طرابلس.
وطالب حفتر، في خطاب نشرته الصفحة الرسمية لقيادة مليشيا حفتر في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، الأطراف المشاركة في لقاء برلين، بضرورة "التأكيد على القضاء على الإرهاب وحل التنظيمات والمليشيات المسلحة ونزع جميع سلاحها"، معتبرا أن ذلك هو السبيل" لإيجاد حوار وطني شامل يضمن السير بالبلاد نحو عملية سياسية عادلة ومتوافق عليها".
كما لفت حفتر إلى أهمية تناول المجتمعين في برلين "حياد المؤسسات الاقتصادية، كونها مؤسسات لكل الليبيين ولا يُقبل أن تُستغل في دعم طرف بعينه، بما يتطلب اتخاذ الإجراءات الكفيلة والضرورية لمنع استعمال عائداتها في تمويل الإرهاب ودعم المليشيات المسلحة".
وبحسب دبلوماسي ليبي رفيع، فإن الإعداد للقاء الدولي في برلين تم حتى الآن من خلال أربعة لقاءات تشاورية غير معلنة بين الدول الفاعلة في الملف الليبي، وتسببت الخلافات بين بعض العواصم الكبرى في تأجيل موعد عقده إلى نوفمبر المقبل بعد أن كان من المقرر عقده خلال الشهر الجاري.
ويقول الدبلوماسي الليبي، لـ"العربي الجديد"، إن "الضغوط الفرنسية تمكنت من إقناع المشاركين في لقاء برلين باستبعاد أطراف قوية من المشاركة في اللقاء المرتقب"، لافتا إلى أن التعاون الفرنسي الإيطالي الجديد مثّل عامل ضغط مؤثرا على كواليس المشاورات الجارية من أجل الإعداد للقاء.
لكنه أكد أن تلك المشاورات غير المعلن عنها لم تنته إلى شيء حتى الآن، لأن واشنطن لم تنخرط فعليا فيها.
وكان السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عبّر عن رغبة بلاده في الدخول في تلك المشاورات، مشيرا إلى أن بلاده "تتطلع إلى المشاركة في الجولة التالية من اجتماعات برلين" وفق ما نشرته السفارة الأميركية في ليبيا على صفحتها في تويتر.
وتساءل الدبلوماسي الليبي "أي جولة تالية؟"، مجيبا "يعني بكل تأكيد الجولات غير المعلن عنها"، مشيرا إلى أن الانخراط الأميركي جاء بعد انزعاجها من التقارب الروسي الفرنسي، علاوة على مواقف ألمانيا التي تبدو غير بعيدة عن رغبات الدولتين في شكل الحل في ليبيا.
وأرجع المسؤول الليبي بيان حفتر المفاجئ بأنه جاء على وقع التغيرات الطارئة التي يمكن أن تحدث بالتواجد الأميركي في كواليس الإعداد للقاء، مضيفا "لذا جاء أغلب ما في بيان حفتر يدندن على وتر الملف الأكثر أهمية لواشنطن، وهو الإرهاب وتوحيد المؤسسات الاقتصادية التي تجري حاليا بشأنها اجتماعات ليبية في واشنطن".
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، الأربعاء الماضي، عن بدء مباحثات بين مسؤولين ليبيين برعاية أميركية تتعلق باتخاذ إجراءات لزيادة الشفافية والمحاسبة في المؤسسات الاقتصادية والطاقة الليبية، ودعم الحكم الموحد للمؤسسات السيادية، وضمان الاستقرار المالي لقطاع الطاقة الليبي، مشيرة إلى رغبة المتشاورين في أن تكون كل المؤسسات السيادية، بما فيها مؤسسة النفط الوطنية والمصرف المركزي الليبي، منظمة موحدة وغير سياسية وتتمتع بكفاءة فنية تعمل نيابة عن كل الليبيين.
وأكد الدبلوماسي أن هناك نتائج ثابتة للقاء المرتقب في برلين لن يختلف عليها المشاركون، أولها وقف القتال، وتفعيل قرار حظر الأسلحة عن ليبيا. لكن ما ينتظر لقاء برلين هو مواقف حاسمة من قبل واشنطن بشأن التواجد الروسي في مواقع جديدة في أفريقيا، وعلى رأسها ليبيا، وهو ما تتخوف منه عدة دول داعمة لحفتر.
ولفت المسؤول إلى وجود اهتمام أميركي واضح بالملف الليبي، من خلال تسريبات عن مناقشة فاعلة لقانون أميركي بشأن "استقرار ليبيا"، منها ما جاء على لسان عضو الكونغرس الأميركي ثيودور دويتش، أمس الجمعة، ركز على ضرورة "وضوح سياسة الإدارة الأميركية تجاه ليبيا"، و"ضرورة وجود استراتيجية لمواجهة النفوذ الروسي في ليبيا، وفرض عقوبات على من يدعم التدخل العسكري في ليبيا".
ورجح الدبلوماسي الليبي وجود تغير في السياسة الأميركية بشأن ليبيا، بعد الاتصالات المباشرة بين ترامب وحفتر، في إبريل الماضي، ودورها في إجهاض قرارات دولية لإدانة حفتر في مناسبات سابقة، معتقدا أن "خطأ حفتر الكبير يتمثل في توجهه للاستعانة بروسيا في حربه على طرابلس".
وأضاف "أعتقد أن حفتر أُجبر على ارتكاب هذا الخطأ، كونه تورط في هذه الحرب، ما حدا بواشنطن ببدء إرسال رسائل تشير إلى تحوّل موقفها، بما في ذلك التنسيق مع حكومة الوفاق لضرب أهداف تابعة لداعش في أراضٍ يسيطر عليها حفتر في الجنوب الليبي"، لافتا إلى أن واشنطن أكدت ضرورة إشراف مؤسسة النفط التابعة لحكومة الوفاق على المشاورات التي ترعاها حاليا في واشنطن، من أجل توحيد المؤسسات الاقتصادية في ليبيا.