هل يتجاوز غسان سلامة الأطراف الحالية لصالح قيادات جديدة لحل أزمة ليبيا؟

25 سبتمبر 2018
سلامة تحدث عن ترتيبات أمنية جديدة (عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -
يلف الغموض مسار التسوية السياسية في ليبيا، وحتى الانتخابات التي علقت عليها الآمال لإنهاء أزمة البلاد يبدو أن الأمم المتحدة تراجع حديثها عنها بعد عام من إعلان مبعوثها، غسان سلامة، ضرورة إجرائها لإنهاء الانقسام السياسي والأمني، لتتحول إلى مسار آخر قد يتجاوز كل الأطراف الحالية إلى فاعلين جدد.

مداخلة سلامة، في اللقاء الوزاري المتعقد في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليل أمس الاثنين، عبر الأقمار الصناعية من طرابلس، لخصت مراحل تعافي طرابلس ودخول البلاد إلى مشهد مقبل في "بدء تنفيذ الترتيبات الأمنية، وفرض الأمن، وفرض عقوبات على منتهكي القانون الإنساني والدولي، وإصلاحات اقتصادية، ثم أخيرا عقد الملتقى الوطني".

وجاءت مداخلة سلامة في وضع غائم تعيشه العاصمة طرابلس، بسبب غموض مواقف كل الأطراف في البلاد، بدءا من حكومة الوفاق التي نأت بنفسها عن أحداث العاصمة، ولم تبين موقفها من الفصائل المتناحرة، وآخرها بروز قوة جديدة تحت اسم "قوة حماية طرابلس" لم يعرف لها انتماء ولا مكونات حتى الآن، مرورا باللواء المتقاعد خليفة حفتر، المتحفز طيلة سنوات للانقضاض بقواته على طرابلس، والذي أكد اكثر من مرة أنه "لن يوافق على السكوت عما يحدث في العاصمة"، وانتهاء بغياب تام لمواقف الدول الكبرى المعنية بالملف الليبي، ولا سيما في ما يتعلق بالانتخابات، التي اقترب موعدها المقرر بحسب اتفاق باريس والخطة الأممية بنهاية العام الجاري، والتي كانت إلى وقت قريب محور خلاف بين فرنسا وإيطاليا.

ويبدو أن المبعوث الأممي كان يمرر في مداخلته رسائل للمجتمع الدولي من مكتبه في طرابلس، عندما افتتح كلمته بضرورة "تحرير الحكومة من سيطرة المجموعات المسلحة"، التي أكد أنها تتعرض لضغوطها منذ تشكيل هذه المليشيات بعد الاتفاق السياسي، وهو بكل تأكيد يشير إلى المجموعات المسلحة المتحكمة حاليا في العاصمة، دون أن يشير إلى مصيرها وطبيعة القوة التي ستحرر الحكومة من قبضتها، قبل أن يلفت إلى أن الأولويات الآن تتمثل في "البدء في تنفيذ الترتيبات الأمنية".

ورغم أن تلك الترتيبات وضحها وفصل مراحلها نص الاتفاق السياسي منذ عام 2015، بدءا بتقليص نفوذ المليشيات، وصولا إلى مرحلة استيعابها ضمن الأجهزة الشرطية والعسكرية، فقد تحدث سلامة عن "الترتيبات الأمنية الجديدة" دون أن يوضح الجديد فيها، أو أن الأمر يتعلق بترتيبات أخرى ستنفذ في العاصمة، لكنه أكد ضرورة أن ينتح عن تلك الترتيبات "فرض للأمن".

 

وطرحت العديد من الأسئلة عقب مداخلة سلامة بشأن من سيفرض الأمن، ومن سيجبر المليشيات على الخضوع لخطة الترتيبات الأمنية، ما دامت الحكومة محاصرة وتتعرض لضغوط تلك المليشيات، ولا سيما أنه شدد على ضرورة فرض عقوبات على منتهكي القانون الإنساني والدولي، وهي العقوبات ذاتها التي هدد بها قبل أيام غنيوة الككلي، وهو زعيم مليشيات متنفذة وقوة تمكنت، أمس الاثنين واليوم الثلاثاء، من إرجاع القوات المهاجمة لطرابلس إلى معقلها في ترهونة وإعادت سيطرتها على مواقع عسكرية من قبضة "لواء الصمود"، وسط حديث متزايد عن أن الككلي وراء تشكيل "قوة حماية طرابلس"، التي برزت بشكل مفاجئ وسيطرت على معظم مناطق العاصمة.

وفي السياق، يتساءل مراقبون: "هل تعول الأمم المتحدة على تدخل دولي، برعاية أممية، لرفض خطتها؟"، ولا سيما أن كلمة سلامة جاءت عقب مداخلة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، الذي طالب المجتمع الدولي بالتدخل وعدم التوقف عند التعبير عن مشاعر التضامن، متسائلا عن قرار مجلس الأمن لحماية المدنيين عام 2011، ومشيرا إلى أنه "لا فرق بين بين 2011 و2018".

والملتقى هو مؤتمر جامع لكل الأطياف الليبية ضمن المرحلة الثانية من الخطة الأممية المعلنة في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، سبق أن حضرت له البعثة خلال السنة الجارية بعقد عدة ملتقيات مع شرائح حزبية وقبلية ومناطقية ليبية، ليأتي كخيار بديل عن المرحلة الأولى المتعلقة بتعديل الاتفاق السياسي في حال فشلها، بدفع المشاركين في الملتقى إلى إفراز قيادات جديدة تمهيدا للوصول إلى مرحلة الانتخابات النهائية.

​