هل تسعى واشنطن إلى إقصاء المبعوث الأممي إلى ليبيا؟

02 اغسطس 2018
تشهد الساحة الليبية غياباً لافتاً لسلامة(لودوفيك مارين/فرانس برس)
+ الخط -
أثار النشاط المتزايد في طرابلس لنائبة رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، التساؤلات في الوسط السياسي المحلي، حول دور رئيس البعثة، غسان سلامة، الغائب عن المشهد الليبي منذ أسابيع.

وكثفت ويليامز، التي عينّها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس نائبةً لسلامة مطلع يوليو/تموز الماضي، بعدما كانت قائمة بأعمال السفارة الأميركية في طرابلس، من نشاطها في العاصمة الليبية، التي تقيم فيها حالياً، حيث التقت غالبية المسؤولين هناك، بدءاً من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، مرورا برئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ووصولاً إلى أعضاء في الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك.

لكن اللافت في نشاط نائبة غسان سلامة، هو أنه لم يتجاوز العاصمة الليبية، فهي لم تزر مثلاً بعد مدينة طبرق شرق البلاد، والتي يتخذها مجلس النواب الليبي مقراً له، رغم أن هذا المجلس كان محور الحدث في البلاد خلال اليومين الماضيين، أثناء التئام نوابه للتصويت على مشروع قانون الاستفتاء على الدستور، وهو ما تمّ تأجيله إلى وقت لاحق من الشهر الحالي.

ويطرح حصر ويليامز لنشاطها في طرابلس، دون الالتفات الى طبرق، تساؤلات عما إذا كانت الدبلوماسية الأميركية تسير وفق جدول محدد لم يحن فيه الوقت بعد للقاء مسؤولي الشرق الليبي، أم أن لواشطن، من خلال ستيفاني ويليامز، رؤية أخرى لا تلقي بالاً لما تستعد له طبرق من تجهيز الدستور للاستفتاء عليه، وهو ما يعني تماهيها مع الرؤية الإيطالية التي تعارض إجراء انتخابات في العام الحالي وفق مقررات "إعلان باريس"، والتي جاءت كدعم لخطة سلامة الأممية المعلنة في سبتمبر/أيلول الماضي.


وفي موازاة النشاط الأميركي اللافت، أثارت تغريدة لغسان سلامة نشرها حديثاً، الكثير من التساؤلات والتأويلات حول دوره. واعتبر محللون الصورة التي نشرها المبعوث الأممي إلى ليبيا، على "تويتر"، وتظهر احتفاءه بمشهد غابة قام بتصويرها من شرفة بيته في منطقة كسروان اللبنانية، بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس النواب لإصدار قانون الاستفتاء، بمثابة "تخليه عن مهمته"، بعدما قضى سنة كاملة يضغط في كل الاتجاهات من أجل صدور الدستور والوصول إلى الانتخابات، كما اعتبروها رسالة ضمنية تفيد بأن "الأميركيين هم من استلم الملف الليبي بشكل مباشر".

وجاء تعيين ويليامز في مهمتها الجديدة مواكباً لقرار مفاجئ تضمن تراجع اللواء المتقاعد خليفة حفتر عن قراره بالاستيلاء على موارد النفط وتفرده بالإنتاج والتصدير، وهو قرارٌ أكدت مصادر ليبية أنه جاء بضغط أميركي مباشر، ما حوّل الأنظار الى ويليامز التي اعتبر تعيينها مؤشراً على التفات أميركي مستجد نحو الملف الليبي.

كما أن وصول ويليامز جاء وسط خلافات لم تهدأ حتى الآن بين روما وباريس، وقيل حينها أيضاً إن قدومها جاء لتخفيف التوتر بين البلدين وانخراط لإيجاد حلّ يرضي كل الأطراف.


لكن اللافت في تحركات ويليامز حتى الآن تركيزها على معالجة الملف الاقتصادي، كأولوية في ما يبدو للرؤية الأميركية حول ليبيا، إذ كانت أغلب لقاءاتها مع محافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، والنائب بالمجلس الرئاسي المكلف بملف الإصلاحات الاقتصادية بحكومة الوفاق، أحمد معيتيق، وسط تصريحاتها المؤكدة على ضرورة إجراء حلول سريعة للاقتصاد الليبي، التي أعقبها بساعات تأكيدٌ من المتحدث باسم حكومة الوفاق، محمد السلاك، أمس، عن قرب إطلاق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية تمسّ حياة المواطن وتسعى إلى لدعم قيمة الدينار الليبي المتهاوي.

ووسط الحديث عن وضع سلامة "الغامض"، جدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أول من أمس، في تصريح لصحيفة فرنسية، التأكيد على موقف بلاده من إجراء انتخابات في ليبيا بحسب مقررات "إعلان باريس". تصريح اعتبره متابعو الشأن الليبي بمثابة رسالة لسلامة، مفادها أنه ليس وحيدا وأن باريس لا تزال تعتبره صديقها المقرب من سياستها في ليبيا.

ورغم ذلك، يحتفظ سجّل سلامة الأممي بموقفه من التدخلات الأميركية أثناء توليه مهمته في العراق، عندما قرر الانسحاب، معللاً ذلك بالقول إنه "لم يكن متاحاً للأمم المتحدة العمل وفق رؤيتها وخطتها"، ومعبراً عن انزعاجه "من تأثير دور بول بريمر"، حينها، وهو ما قد يفسر غيابه اليوم مع تزايد دور ويليامز داخل بعثته.

المساهمون