بدأ "مؤتمر ميونخ للأمن" في ألمانيا دورته الـ54 هذا العام، أمس الجمعة، وسط أجواء تشاؤمية، إثر نشر تقرير في وقت مبكر تمهيداً للنقاش حمل عنوان "إلى حافة الهاوية والعودة؟". وباشر أكثر من 500 مدعو، بينهم 16 رئيس دولة و15 رئيس حكومة و47 وزير خارجية و30 وزير دفاع و59 ممثلاً عن منظمات دولية، مناقشة مآلات التحديات الأمنية حول العالم، وسبل كبح جموحها. ويستمر المؤتمر حتى غد، الأحد، في فندق "بايرشافير هوفر" في مدينة ميونخ بولاية بافاريا. وبحراسة أكثر من 4 آلاف شرطي، بدأ المشاركون دراسة ملفات المؤتمر، واعتبر رئيس "مؤتمر ميونخ للأمن"، فولفغانغ إيشنغر، في تقرير الأمن الجديد، أنه "بات واضحاً أن العالم قد أصبح خلال العام الماضي أكثر قرباً من حافة الصراعات المسلحة الثقيلة"، مشيراً إلى ما سماه "التهديد الخطير والمتنامي الذي يثيره الصراع بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وكذلك إلى التنافس المتزايد بين السعودية وإيران، فضلاً عن التوترات المتصاعدة باستمرار بين حلف الأطلسي وروسيا في أوروبا".
ويعتبر المؤتمر نقطة التقاء رؤساء أجهزة الاستخبارات في العالم، من بينهم رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية مايك بومبيو، ومدير الاستخبارات الوطنية الأميركي دان توكس، ورئيس الاستخبارات الخارجية البريطاني أليكس يونغر، ورئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني برونو كاهل، والأمين العام لمنظمة الشرطة الدولية "الأنتربول" يورغن ستوك. وعلى هامش المؤتمر بوشر بعقد جلسات عدة تحت عناوين "التعاون الدفاعي بين الأطلسي والاتحاد الأوروبي"، و"الأمن النووي وضبط الأسلحة"، و"الدول بين أوروبا وروسيا" (كأزمة أوكرانيا)، و"التهديدات الموجّهة ضد النظام الليبرالي العالمي".
كما يشخص التقرير وجود مساعٍ على الأقلّ للتقارب في المجال الدفاعي بين الدول الأوروبية، إذ تنسّق 25 دولة سياستها الأمنية والدفاعية على مستوى الاتحاد الأوروبي في إطار ما يطلق عليه بـ"التنسيق الهيكلي الدائم". وتعتزم فرنسا وألمانيا العمل معاً لتطوير الجيل العتيد من الطائرات المقاتلة، كما حظيت فكرة الجيش الأوروبي المشترك للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمساندة قوية.
وكان لافتاً حديث رئيس "القيادة الجديدة لأمن الإنترنت" في الجيش الألماني، الجنرال لودفيغ لاينهوس، عن أن "الجيش ليست لديه نية لامتلاك أسلحة آلية وصفها البعض بأنها أجهزة روبوت قاتلة"، وذلك أثناء نقاش بشأن الذكاء الصناعي على هامش المؤتمر. وذكرت منسقة حملة "أوقفوا الروبوتات القاتلة"، ماري فاريهام، أن "22 دولة وافقت بالفعل على دعم حظر الأسلحة التي تعمل ذاتياً، وإن مجموعتها تحاول زيادة الوعي بشأن هذا الأمر". وأضافت أنه "من المهم الحرص على استمرار التحكم البشري في نظم الأسلحة، وأن الأمر يتطلب إبرام اتفاقات في ظل التطور التكنولوجي السريع". ويشير هذا الأمر إلى أن "الذكاء الاصطناعي" قد يتجاوز العنصر البشري، إلى الحدّ الذي يسمح له بالقيام بعمليات عسكرية غير مطلوبة من البشر، ما يهدد الجنس البشري بأكمله.
وكانت فعاليات النسخة الأولى من المؤتمر انطلقت عام 1963، تحت اسم "التقاء العلوم العسكرية الدولي"، بمبادرة من المؤسس إيفالد ـ هينريش فون كلايست ـ شمينزين، أحد أعضاء خلية الجنرال الألماني كلاوس فون شتاوفنبرغ، الذي حاول اغتيال هتلر في برلين، في 20 يوليو/ تموز عام 1944. ووُصف المؤتمر في البدايات "بلقاء عائلة عبر الأطلسي" لمشاركة ألمانيا والولايات المتحدة ودول الأطلسي فقط في فعالياته. واعتباراً من عام 1994، تغيّر اسم المؤتمر وأصبح "مؤتمر ميونخ من أجل السياسات الأمنية"، وبدءاً من عام 2008 بات "مؤتمر ميونخ للأمن".
(العربي الجديد، الأناضول، قنا، رويترز، فرانس برس)