بات من المؤكد أن الساعات المقبلة، ستحمل الكثير من التطورات في قضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي، مع وصول وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى الرياض، التي توجه إلى قيادتها تهمة التخطيط والأمر بقتل خاشقجي لدى زيارة قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الحالي.
وفيما تعمل السعودية على إخراج "اعترافها" بقتل خاشقجي بأقل الأضرار الممكنة، كما تحدثت غالبية الصحف العالمية اليوم، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الإخراج سيكون بإعلان مقتل الصحافي المعارض لنظام محمد بن سلمان داخل القنصلية السعودية في المدينة التركية بسبب خطأ تمّ خلال الاستجواب، في وقت تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المحرج من القضية التي تطاول الدولة "الحليفة" عن أن خاشقجي قد يكون ضحية "قتلة مارقين".
وقال مصدر على اطلاع على خطط السعودية لإيجاد مخرج للقضية، للصحيفة، إن الرواية حول مقتل خاشقجي ستكون أنه "قتل عن طريق الخطأ خلال استجواب (في القنصلية) جرى بأمرٍ من مسؤول استخباري سعودي صديق لمحمد بن سلمان"، لافتاً إلى أن ولي العهد السعودي وافق على الاستجواب، وحتى على إجبار خاشقجي على العودة إلى السعودية بالقوة. وبحسب هذا المصدر، فإن "المسؤول الاستخباري الذي أمر باستجواب خاشقجي، ذهب بعيداً في محاولة لإثبات قدراته في العمليات السرية الخاصة، ثم حاول إخفاء فعلته (قتل خاشقجي)".
وبحسب الصحيفة، فإن التفسير الجديد لعملية القتل، يهدف إلى تنفيس الأزمة السياسية التي أصابت السعودية وقيادتها جرّاء قضية خاشقجي. وبإمكانها أيضاً، تنفيس الانتقادات الموجهة لإدارة ترامب، التي رفضت التراجع عن صفقات سلاح مع الرياض، كما أن أحد وزرائها لا يزال يلتزم حضور مؤتمر استثماري في العاصمة السعودية الأسبوع المقبل، رغم مقاطعة شخصيات اقتصادية ومن عالم الاستثمار عالمية بارزة له.
لكن أصدقاء خاشقجي، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك أعضاء في الكونغرس، يرفضون بشكل قاطع أي صفقة لتسويف القضية، متعجبين من "إخراجٍ جديد" بعدما نفت الرياض منذ أسبوع علمها بمصير خاشقجي، مؤكدة أنه غادر القنصلية التي ذهب إليها لاستلام معاملة شخصية.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، الذي أعد مشاريع قوانين سابقاً لوقف بيع السلاح للسعودية، منتقداً ترامب، إن سماع نظرية القتلة المارقين السخيفة... مدهش تمكنهم من إدراج رئيس الولايات المتحدة على لائحتهم لمندوبي العلاقات العامة".
وكان ترامب أعلن أمس أنه هاتف الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأن الأخير أنكر علمه بمصير خاشقجي. ورغم قوله في تصريحات أطلقها من حديقة البيت الأبيض إنه "لا يريد التكهن بمكان خاشقجي"، فإنه لمّح إلى احتمالية أن يكون قد قُتل على يد "قتلة مارقين".
وبحسب الصحيفة الأميركية، فقد قال ترامب للملك سلمان إن "العالم يراقب، العالم يتكلم في القضية، ومن المهم الوصول إلى نهايتها". أما وكالة الأنباء السعودية الرسمية، فقد تحدثت عن "إشادة ترامب بالتعاون بين السعودية والأتراك في التحقيق".
وفي تفصيلٍ لافت، نقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولٍ أميركي أن السفير السعودي في واشنطن خالد بن سلمان، الذي غادر العاصمة الأميركية الأسبوع الماضي، عاد إلى الرياض، ولن يعود إلى واشنطن، من دون أن يتضح من سيخلفه وأين سيتم تعيينه. كما ذكرت أن السفارة السعودية في واشنطن ألغت احتفالاً كان مقرراً بمناسبة عيدها الوطني، في 18 من الشهر الحالي.
إلى ذلك، قال مستشارون مقربون من محمد بن سلمان إن الأخير "صُدم" بالإدانة العالمية بعد اختفاء خاشقجي.
ودعمت قضية اختفاء الصحافي السعودي البارز، الاعتقاد المتنامي داخل دوائر القرار الغربية، بأن بن سلمان، الذي أطلق حرباً على اليمن وصلت إلى حدّ الكارثة الإنسانية، وفرض حصاراً على قطر، واعتقل عدداً كبيراً من الأمراء السعوديين، واحتاج أسبوعين للخروج بتفسير "من الممكن تمريره" لاختفاء خاشقجي، ليس مؤهلاً لاستلام العرش السعودي.