النظام يخرق اتفاقي إدلب ودرعا... ومعارك شرقي الفرات تحتدم

13 أكتوبر 2018
التزمت الفصائل في إدلب ببنود الاتفاق(عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -
تتواصل التحضيرات في الشمال السوري لإعلان قيام المنطقة العازلة في الموعد المحدد منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، وسط استمرار خروقات النظام السوري للهدنة المفترضة مع فصائل المعارضة، في وقت تشتد المعارك في شرق البلاد بين عناصر تنظيم "داعش" و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من التحالف الدولي. أما في الجنوب السوري، فأصدر النظام السوري قراراً بالحجز على ممتلكات أعضاء سابقين بمنظمات المجتمع المدني، وسط تصاعد جهوده لسوق الشبان إلى الخدمة العسكرية في محافظتي درعا والسويداء.

خروقات النظام

وقالت مصادر محلية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن قوات النظام استهدفت بالرشاشات الثقيلة وقذائف المدفعية محيط بلدة اللطامنة ومحيط تل عثمان ومنطقة البانة في ريف حماة الشمالي، إضافة إلى منطقة معركبة، شمالي حماة. وجاء ذلك بعد قيام عربة مدرعة تابعة لقوات النظام ببث تهديدات إلى الفصائل في منطقة ضواحي حلب الغربية، تضمنت تحذيراً باستهداف كل من لا يغادر المنطقة منزوعة السلاح قبل منتصف الشهر الحالي. كما هددت قوات النظام بقصف أماكن وجود تلك الفصائل وأنفاقها ومخابئها بالطائرات الروسية، وخيرتهم بين "الموت الزؤام أو تسليم السلاح والعودة لحضن الوطن".

وتزامنت هذه التطورات مع تواصل التحضيرات التركية – الروسية لبدء أعمال المراقبة في المنطقة منزوعة السلاح الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية مروراً بريفي حماة وإدلب وصولاً لريف حلب الشمالي الغربي. وجاء ذلك بعدما سحبت فصائل المعارضة السلاح الثقيل بشكل كامل من المنطقة قبل أيام عدة، بينما تحتفظ الفصائل بمقاتليها وأسلحتها المتوسطة والفردية. كما استقدمت تلك الفصائل تعزيزات عسكرية من سلاح متوسط ومقاتلين إلى مواقعها ونقاطها في المنطقة.
وفي السياق، قال رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية، نصر الحريري، عبر "تويتر"، أمس الجمعة، إن سحب السلاح الثقيل يمثل انتهاء تطبيق البند الثاني من الاتفاق الروسي - التركي حول المحافظة، والذي تم بتعاون وثيق بين فصائل الجيش الحر والجانب التركي.
وتحدثت الصحافة التركية عن توجه تركيا الآن إلى إقناع مقاتلي الفصائل "الجهادية" بالانسحاب من المنطقة، بموجب الاتفاق الذي ينص على سحب السلاح الثقيل وانسحاب مقاتلي الفصائل المتطرفة ومن ضمنهم مقاتلي "هيئة تحرير الشام".

اشتباكات دير الزور

وفي شرق البلاد، تتواصل الاشتباكات في مناطق هجين والباغوز والسوسة، شرقي محافظة دير الزور السورية، بين عناصر تنظيم "داعش" من جهة و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من التحالف الدولي من جهة ثانية. وترافق ذلك مع إمدادات عسكرية جديدة وفّرها التحالف لـ"قسد".

وقالت مصادر محلية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الاشتباكات بين الطرفين تتخللها عمليات قصف تستهدف مناطق التنظيم في الجيب الأخير له في شرق الفرات، وسط تحليق لطائرات التحالف الدولي في سماء المنطقة واستهدافها بين الحين والآخر لمناطق سيطرة التنظيم، ما تسبب بمزيد من الدمار والأضرار في المنطقة.
وأوضحت المصادر أن تنظيم "داعش" تمكن من تحقيق بعض التقدم في المعارك التي تدور بين الطرفين منذ ثلاثة أيام، مستغلاً العواصف الرملية الكثيفة والأحوال الجوية السيئة. وشنّت خلاياه النائمة هجمات متلاحقة ونصبت الكمائن لقوات المؤازرة التي وصلت لمساندة قوات "قسد".
وأشارت المصادر إلى محاولة 12 عربة همر و4 سيارات محملة بالذخيرة والصواريخ الوصول إلى خطوط التماس مع تنظيم "داعش" آتية من حقل العمر النفطي لمؤازرة قوات "قسد"، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى الجبهات نتيجة سوء الأحوال الجوية.
في موازاة ذلك، نشرت حسابات مقربة من "قسد"، عبر "تويتر"، أمس الجمعة، تسجيلاً مصوراً أظهر شاحنات تحمل عربات مصفحة نوع "همر" في أثناء وصولها إلى مدينة القامشلي. وبحسب تلك المواقع، فإن أكثر من 300 شاحنة تحمل 30 عربة مصفحة وصلت إلى مدينة القامشلي في الساعات الماضية، مقدمة من التحالف الدولي للقوات الكردية.
وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، قد أعلن، مطلع الشهر الحالي، أن الولايات المتحدة تنوي تدريب قوات محلية عسكرية ضد تنظيم "داعش" في سورية. وأوضح أن مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم "داعش" تتطلب توفير ظروف أمنية تمنع عودة عناصره إلى سورية.

مصادرة أملاك معارضين في درعا

وفي جنوب البلاد، أصدر النظام السوري قراراً بالحجز على ممتلكات أعضاء سابقين في منظمات المجتمع المدني أو الحكومة السورية المؤقتة في درعا، جنوبي سورية.
وقالت مصادر محلية إن قرار الحجز جاء بذريعة "ثبوت التورط بالأعمال الإرهابية السائدة في القُطر"، مرجحة أنه صادر عن "محكمة الإرهاب". وبحسب المصادر، فإن الذين شملهم القرار لم يبلغوا بشكل رسمي به، لكنهم علموا به عند مراجعتهم "دائرة السجل العقاري" التابعة للنظام.

وفي السياق، قال عضو القيادة في الجبهة الجنوبية سابقاً، أبو توفيق الديري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن القرار متخذ أصلاً من جانب النظام بالحجز على أموال كل من اشترك بالثورة، وطبّق بالفعل في بعض الحالات حتى قبل سيطرة قوات النظام على محافظة درعا. ولفت إلى أن النظام بدأ الآن في تطبيق قراراته بشكل أنشط وتحت ذرائع مختلفة.
على صعيد آخر، ذكرت مصادر محلية أن تبليغات وصلت لعشرات الشبّان في محافظة درعا للالتحاق بالخدمة الاحتياطية في جيش النظام، في خرق آخر لاتفاق "التسوية" مع النظام.

وقال الناشط محمد الشلبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن قوات النظام وإن كانت ما زالت لا تتحكم بكل شيء في محافظة درعا بسبب القيود التي تضعها في وجهها القوات الروسية، إلا أنها تزيد في الآونة الأخيرة من خرقها لاتفاقات التسوية مع أهالي درعا، سواء العسكريين منهم أم المدنيين. وأشار إلى أنه كان من المفترض أن يخدم الشبان في درعا ضمن صفوف الفيلق الخامس وفي مناطق محافظة درعا، وليس خارجها.
وعلى الصعيد نفسه، قال مصدر محلي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن ممثلين عن الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري زاروا محافظة السويداء واجتمعوا مع شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز، بهدف الطلب من الشبان من أبناء محافظة السويداء الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية.
وأوضح المصدر أن الوفد وعد بأن تكون خدمة هؤلاء الشبان في المنطقة الجنوبية وسط تشكيك من جانب أهالي السويداء بصدقية هذه الوعود. وأشار إلى وجود حالة من الاحتقان والتوتر تسود المدينة جرّاء هذا الأمر. وقدّرت مصادر محلية أن عدد المتخلفين عن الخدمة الإلزامية في محافظة السويداء يبلغ نحو 30 ألف شاب.
وكان وفد من الجيش الروسي قد زار السويداء، أول من أمس الخميس، والتقى مع فصيل "قوات شيخ الكرامة" في مدينة السويداء وبحث معه التطورات الأخيرة في المدينة، إذ طلب من الفصيل إعادة ترتيب صفوفه وتنظيم الأسلحة بيد العناصر بهدف حماية المدينة.
وحسب شبكة "السويداء 24"، فإن روسيا تسعى إلى الإشراف على تدريب فصائل السويداء وتوزيع السلاح الخفيف والثقيل عليها. وتوقعت أن يكون هدف روسيا النهائي هو نشر الشرطة العسكرية الروسية في المدينة.

المساهمون