3 أشهر على معركة الرقة: مأساة إنسانية تتعاظم وانحسارٌ لنفوذ "داعش"

06 سبتمبر 2017
المأساة الإنسانية تزداد سوءاً (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -
بعد مضي ثلاثة أشهر كاملة، على إطلاق "قوات سورية الديمقراطية" والتحالف الدولي ضد الإرهاب، لمعركة طرد تنظيم "داعش" الإرهابي من مدينة الرقة السورية، باتت نهاية التنظيم في المدينة وشيكة، بعد خضوعها له منذ أكثر من ثلاث سنوات؛ فقد أتمت القوات المهاجمة خلال 90 يوماً من الحملة العسكرية، سيطرتها على معظم أحياء المدينة، وبسطت نفوذها على 65 بالمائة من إجمالي مساحتها.

لكنه تحت ركام الدمار الهائل، بسبب مئات الغارات، والضربات المدفعية والصاروخية والجوية، التي تعرضت لها المدينة خلال أسوأ 12 أسبوعاً في تاريخها حتى الآن، تقبع مأساة إنسانية تزداد سوءاً؛ إذ يعيش بحسب إحصائيات منظمات دولية، ما بين 20 و40 ألف مدني، وسط جحيم أزيز الرصاص ودوي الانفجارات اليومية. وقُتل منهم مئاتٌ، فيما كان نجح عشرات الآلاف من السكان قبل اشتداد المعركة، بالفرار إلى مخيماتٍ نزوح، أقيمت على عجلٍ بريف المحافظة الذي بات آمناً.


وبعد ثلاثة أشهر من بدء هذه المعركة، تشير المعطيات، إلى أن نفوذ تنظيم "داعش" في المدينة، ينحسر بتسارع، مع احتفاظه حتى اليوم الأربعاء، بالسيطرة على بعض مناطق المدينة الغربية والشمالية والتي تشكل مساحة 35 بالمئة من مساحة الرقة، مثل: الأندلس، والفردوس، وصوامع الحبوب، والفرقة 17.


في مقابل ذلك، تُحرز "قوات سورية الديمقراطية"، المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب، تقدماً مستمراً، جعلها تحكم نفوذها على 14 حياً أساسياً من أحياء المدينة، أبرزها: الرومانية، وحطين، والقادسية، والسباهية، واليرموك، وهشام عبد الملك، والصناعة، والمشلب، وحارات الرقة القديمة، إضافة لحي الدرعية.


ويصف محللون عسكريون، تقدم القوات المُهاجمة، بأنه مستمرٌ وبطيء في آن معاً؛ إذ يُرجع بعض نشطاء المدينة سبب تباطؤ التقدم، لأسباب سياسية أكثر منها توازنات عسكرية ميدانية. فعدد وعتاد القوات المهاجمة، وخطوط إمداداتها المفتوحة، مع تأمين طائرات التحالف الدولي لغطاءٍ ناري جوي، يمنحها أفضلية مُريحة للتقدم في هذه المعركة.

لكن حساباتٍ سياسية تتعلق بمرحلة ما بعد معركة الرقة، وبهوية الجهات العسكرية والمدنية التي ستملأ فراغ "داعش" هناك، وبمصير "قوات سورية الديمقراطية"، أو خطوتها التالية، هي التي تبطئ سير الحملة العسكرية ضد التنظيم، الذي تتقلص مساحات نفوذه في سورية والعراق يومياً في الأشهر القليلة الماضية.

وتتعاظم يومياً، وسط هذه الحسابات السياسية والحملات العسكرية، مأساة آلاف المدنيين، الذين تقطعت بهم السبل، وسط حصارٍ لا يستطيعون تجاوزه، وتحت نيرانٍ لا يجدون سبيلاً للهرب منها، وهي مأساة وصفتها منظمة العفو الدولية قبل أسبوعين بـ"التيه القاتل"؛ إذ قُتلت عائلاتٌ بأكملها جراء الغارات والقصف المدفعي والصاروخي مع اشتداد المعارك خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وقالت المنظمة الدولية، إن الحملة العسكرية ضد "داعش" في الرقة "أسفرت عن مقتل مئات المدنيين، وإن الباقين يواجهون خطرا أكبر مع اشتداد القتال في مراحله النهائية"، مضيفة أن المدنيين هناك "محاصرون في المدينة تحت النيران من كافة الجوانب". وطالبت باتخاذ "كل أطراف الصراع كافة الإجراءات الاحترازية الفعالة للحد من إلحاق الأذى بالمدنيين، بما في ذلك الكف عن استخدام الأسلحة المتفجرة التي تترك أثرا كبيرا في المناطق المأهولة بالسكان إلى جانب وقف الهجمات غير المتناسبة ودون تمييز".

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، وثق نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، مقتل 773 مدنياً، بينهم ما لا يقل عن 197 طفلاً دون سن الثامنة عشرة، و119 امرأة فوق سن الـ 18، في مدينة الرقة وحدها، وذلك منذ الخامس من يونيو/ حزيران، مشيراً إلى أن عشرات المنازل والمرافق الخدمية في المدينة، تعرضت للتدمير نتيجة لهذا القصف المكثف، الذي استهدف مدينة الرقة ومحيطها وأطرافها.


المساهمون