معركة الرقة تدخل شهرها الثالث: المأساة الإنسانية تكبر

14 اغسطس 2017
4D449F1A-A36F-4EBB-98B5-AE5804F0E873
+ الخط -


دخلت معركة استعادة الرقة أبرز معاقل تنظيم "داعش" في سورية شهرها الثالث، من دون تحقيق اختراقات تدفع باتجاه تعجيل الحسم رغم مقتل المئات من المدنيين، وتدمير أغلب مرافق المدينة بغارات طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الداعمة للقوات التي تهاجم المدينة.

في هذا السياق، لم تحقق "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكّل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، اختراقاً جديداً، من شأنه تضييق الخناق أكثر على مسلحي "داعش" في مدينة الرقة. وذكرت مصادر في القوات أن "الاشتباكات لا تزال تجري في حي هشام عبد الملك جنوب شرقي مركز المدينة، فيما تشهد بقية الجبهات مراوحة في المكان، حيث لم تحقق قوات سورية الديمقراطية تقدماً جديداً في الآونة الأخيرة".

واعتمد "داعش" على السيارات المفخخة لإيقاف تقدّم "قوات سورية الديمقراطية"، والحيلولة دون انفراط عقد مسلحيه في المدينة، والذين باتوا محاصرين من كل الجهات، ما دفعهم إلى الاستشراس بالمقاومة، وهو ما سيؤدي إلى تدمير المدينة بشكل كامل، بحسب مصادر محلية.

وفشلت كل محاولات إبرام "صفقة" تتيح لعناصر التنظيم الخروج من المدينة بسبب التعنّت الروسي، في ظلّ رفض موسكو بشدة خروجهم إلى معقلهم في دير الزور، كي لا يزيد العبء على قوات النظام والمليشيات الحليفة في ظلّ سعيها إلى الاستفراد في معركة استعادة دير الزور من التنظيم. وتتقدّم قوات النظام في ريف الرقة الجنوبي الشرقي باتجاه ريف دير الزور الغربي. كما تتقدم أيضاً من محور آخر هو البادية السورية.
وأكدت مصادر في "قوات سورية الديمقراطية" أنها "انتزعت السيطرة على نحو 50 في المائة من مساحة مدينة الرقة، منذ بدء المعركة في السادس من يونيو/حزيران الماضي". ولكن مصادر محلية أكدت لـ "العربي الجديد"، أن "مساحة سيطرة هذه القوات تتقلص في الليل، مع تراجعها عن مواقع لها، تفادياً لسيارات التنظيم المفخخة، والهجمات المعاكسة عبر أنفاق حُفرت في إطار استراتيجية دفاع عن المدينة، حالت دون تراجعه، خصوصاً في القسم الشمالي من المدينة.

الى ذلك، وثق فريق حملة "الرقة تذبح بصمت" مقتل نحو 946 مدنياً منذ انطلاق معركة استعادة السيطرة على مدينة الرقة، وحتى الثامن من الشهر الحالي،" مشيراً إلى أن "نحو ألف مدني أُصيب بغارات طيران التحالف والقصف المدفعي من قوات سورية الديمقراطية". ولفت الفريق الى أن " 30 ألف مدني محاصرون في المدينة، ونزح نحو 450 ألف مدني من المدينة إلى ريفها، حيث يعيشون ضمن ظروف إنسانية مأساوية وخاصة في مخيمات بلدة عين عيسى شمال المدينة".



وبيّن الفريق أن "طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن أغار على مدينة الرقة خلال شهرين 1267 مرة"، منوّهاً إلى أن "التنظيم شنّ 60 هجوماً بسيارات مفخخة، وأن آلاف القذائف المدفعية سقطت على المدينة التي يعيش من بقي فيها بلا كهرباء أو ماء منذ أكثر من شهرين".

وكانت مصادر محلية قد أكدت لـ "العربي الجديد"، أن "طيران التحالف دمّر أغلب المرافق الحيوية في المدينة، خصوصاً المستشفيات، والمراكز الصحية، وأبنية المدارس"، مشيرة إلى أن "نسبة التدمير تكاد تصل إلى مائة بالمائة على هذا الصعيد". ولفتت إلى أن "نسبة التدمير في أحياء وحارات الرقة تصل إلى 40 في المائة".

وذكرت مصادر في الهلال الأحمر السوري في الرقة أنه "لم تبق مدرسة أو مسجد أو مخبز، حتى المباني الحكومية تم تدميرها بشكل كامل، وآبار المياه التي يتزوّد منها المدنيون بعد قطع خط المياه الرئيسي الذي يغذي المدينة من نهر الفرات"، منوّهة إلى أنه "لم يبق سوى مخبزين في مدينة الرقة بعد تعرض الأفران للقصف".

في غضون ذلك، أعلن مجلس الرقة المدني التابع لـ"قوات سورية الديمقراطية" أن "الأخيرة أطلقت أمس الأحد، سراح عشرات الأشخاص من أبناء محافظة الرقة معتقلين لديها بتهمة مبايعة، أو مناصرة، أو العمل مع تنظيم داعش". ونشر المجلس قوائم بالمعتقلين الذين من المقرر الإفراج عنهم، طالباً من ذويهم تسلّمهم في مخيم عين عيسى شمال الرقة، حيث يتخذ المجلس من المخيم مقراً مؤقتاً له.

وحاول المجلس نزع فتيل اضطرابات داخل محافظة الرقة من الممكن أن تبدأ على خلفية الاعتقالات التي تقوم بها "قوات سورية الديمقراطية" في المناطق التي تنتزع السيطرة عليها، بحجة مناصرة تنظيم "داعش"،
مع العلم بأن "قوات سورية الديمقراطية" تسيطر على أحياء السباهية، والرومانية، واليرموك، والقادسية، وبريد الدرعية، وقسم من نزلة شحاذة، والمشلب، والصناعة، وأجزاء من المدينة القديمة، والبتاني، وتل البيعة، وأجزاء من هشام بن عبد الملك، والجسر الجديد المقام على نهر الفرات الذي يحاذي مدينة الرقة من الجهة الجنوبية. أما "داعش" فيحتفظ بالسيطرة على الأحياء الأخرى ووسط المدينة.

وتمتد مدينة الرقة السورية التي سيطر عليها تنظيم "داعش" في أوائل عام 2014، على مسافة تقدر بنحو 8 كيلومترات من الشرق للغرب، و4 كيلومترات من الجنوب إلى الشمال، وتضمّ أكثر من 20 حياً وحارة تنسب لعائلات تقطنها.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.