سجال اتفاق الفوعة-الزبداني والمعارضة تصد قوات النظام بحماة ودمشق

03 ابريل 2017
سوريون فارون من معارك "سورية الديمقراطية" و"داعش"(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
أثار اتفاق أبرم بين "هيئة تحرير الشام" وإيران منذ أيام، لإخلاء بلدتي كفريا والفوعة من سكانها الموالين للنظام السوري، بالقرب من مدينة إدلب، مقابل إخراج آلاف المدنيين من مناطق شمال غربي دمشق وإطلاق سراح معتقلين، ردود فعل غاضبة ومستنكرة في أوساط المعارضة السورية التي اعتبرت الاتفاق باطلاً ومعادياً للشعب السوري. لكن "هيئة تحرير الشام" أكدت أن الاتفاق يصب في مصلحة السوريين، مستغربة رفضه، ومشددةً على أنه لا يهدف إلى إجراء تغيير ديموغرافي.

واعتبرت "الهيئة العليا للمفاوضات" التابعة للمعارضة السورية، أن الاتفاق يشكل "اعتداءً على حقوق سكان هذه المدن في البقاء في بيوتهم وعلى أرض آبائهم وأجدادهم"، مشيرة في بيان إلى أن الاتفاق "يفتح الباب أمام مشاريع مماثله تستهدف سورية وطناً وشعباً". ودعت "الهيئة" إلى "وقف هذه الجريمة"، معتبرةً أن "كل ما يُبنى عليه باطل، ويتوجب إلغاؤه". وأضافت أن الاتفاق "يأتي في إطار خطة لمصلحة إيران وحزب الله في مشاريعهما للتغيير السكاني في سورية وإحلال مجموعات محل أخرى على أسس طائفية، خدمةً لمشاريعهم التقسيمية الفئوية في بلادنا وفي المنطقة"، وفق البيان.

وفي السياق نفسه، نفى المنسق العام لـ"الهيئة العليا للمفاوضات"، رياض حجاب، أي دور له في الاتفاق الذي لقي رفضاً من قبل "الائتلاف الوطني السوري". واعتبر "الائتلاف" أن لهذا الاتفاق "نتائج كارثية على الشعب السوري"، مشيراً في رسالة وجهها للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى أن طرفي الاتفاق "لا يملكان الصفة القانونية لإبرام اتفاق كهذا على الأرض السورية". وأكد في الرسالة أن "الاتفاق باطل ونتائجه غير ملزمة للشعب السوري، وأنه يمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية على أراضيها"، وفق "الائتلاف الوطني السوري".

ورأى مدير العلاقات الإعلامية في "هيئة تحرير الشام"، عماد الدين مجاهد، في حديث مع "العربي الجديد" أنه استجابة لطلب وإلحاح أهالي بلدتي الزبداني ومضايا لإخراجهم، دخلت "الهيئة" التي تضم عدة فصائل أبرزها "جبهة فتح الشام"، على خط المفاوضات بشكل أساسي وأشركت "أحرار الشام" معها تحت مسمى "جيش الفتح"، وتم توقيع الاتفاق باسم "جيش الفتح"، وبموافقة الجميع.

وقلل مجاهد من أهمية الحصار المفروض على الفوعة وكفريا، واصفاً إياه بـ"الهش"، ومشيراً إلى أن نقاط المرابطة لبعض الفصائل حول البلدتين "تحولت إلى معابر للتجارة"، وفق تعبيره. وأوضح في سياق حديثه مع "العربي الجديد" أن بنود الاتفاق الجديد تنص على "إخراج قرابة 3000 شخص - من الراغبين - من مضايا والزبداني وبلودان إلى الشمال، وإخراج 1500 أسير وأسيرة من سجون النظام معظمهم من النساء، وإدخال مساعدات، إضافة إلى هدنة في مناطق جنوب دمشق وأولها مخيم اليرموك المحاصر. كما يتضمن الاتفاق إخراج المحاصرين في مخيم اليرموك إلى الشمال، بعد شهرين من بدء تنفيذ الاتفاق، وحل قضية 50 عائلة عالقة في لبنان من أهالي الزبداني ومضايا، وهدنة في إدلب وتفتناز وبنش ورام حمدان وشلخ وبروما (بلدات في ريف إدلب) لمدة 9 أشهر تشمل جميع أنواع القصف المدفعي والجوي، وإخراج كامل سكان كفريا والفوعة على دفعتين، وفق الاتفاق. وأعرب مجاهد عن قناعته بأن "بنود الاتفاق تؤكد أن الرابح الأكبر هو الثوار، ويظهر ذلك بالتحديد عبر إدخال المساعدات إلى جنوب دمشق وإخراج 1500 أسير" من سجون النظام. وتابع بالقول إن "الوفود ذهبت إلى أستانة مرتين وإلى جنيف خمس مرات، ليخرجوا بعض الأسرى، ويدخلوا بضع سلال إغاثية إلى تلك المناطق، فقمنا بذلك، بل زدنا على ذلك هدنة في المناطق المحررة لنؤمن أهلنا النازحين والمهجرين من القصف"، وفق تعبيره. وأبدى استغرابه من اعتبار "البعض" هذا الاتفاق "مجحفاً، أو يهدف إلى التغيير الديموغرافي"، موضحاً أنه "لن يخرج من مناطق محيط العاصمة إلا قرابة ثلاثة آلاف فقط"، بحسب قوله. وأكد أن مسألة تنفيذ الاتفاق بعد الاعتراضات الواسعة عليه "أمر يقرره القادة حسب الواقع"، معرباً عن قناعته بأن "الائتلاف الوطني السوري لا يمثل أحداً من الشعب السوري"، على حد وصفه.

وسعت إيران إلى إبرام هذا الاتفاق كي تسحب من المعارضة السورية المسلحة ورقة ضغط كبرى عليها، تحول دون قيامها بتهجير مناطق كاملة في محيط دمشق وحمص، فضلاً عن الاستفراد بمحافظة إدلب عبر تصعيد القصف بحجة محاربة الإرهاب. وحاولت مليشيات إيران الطائفية المتمركزة في جنوب حلب عدة مرات فك الحصار عن البلدتين إلا أنها فشلت، وتكبدت خسائر فادحة، جعلت إيران تسعى إلى إخلاء البلدتين من مقاتلي مليشيات تابعة لها، من أجل التخلص من "عبء كبير"، وفق حساباتها في حربها بسورية.


ميدانياً، تسعى "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة أميركياً، إلى إحكام سيطرتها على مدينة الطبقة الواقعة على بعد 50 كيلومتراً غرب الرقة، إذ سيطرت على نقاط جديدة وبقي عليها القليل لاستكمال حصار المدينة. وذكرت مواقع مقربة من "سورية الديمقراطية" أنها تمكنت من تطويق الطبقة بشكل كامل على الرغم من محاولات مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) كسر الحصار عبر شن هجمات متلاحقة أسفرت عن مقتل العشرات منهم بحسب هذه المواقع، إضافة إلى الاستيلاء على إحدى مدرعاتهم. غير أن مصادر محلية ذكرت لـ"العربي الجديد" أن "سورية الديمقراطية" سيطرت على مزرعة الصفصاف التابعة لناحية المنصورة، في محاولة للسيطرة على قرية الصفصاف تحتاني، واستكمال حصار الطبقة، مدعومة بطيران "التحالف الدولي". وأوضحت المصادر أن "سورية الديمقراطية" ربما تكون قد سيطرت على أجزاء من بلدة الصفصافة غربي الطبقة بريف الرقة الغربي لتقترب بذلك من إطباق الحصار على مدينة الطبقة. في المقابل، حاولت قوات "داعش" التقدم إلى قرية المشيرفة من أربعة محاور شمال غربي الطبقة، ودارت اشتباكات عنيفة بينها وبين "قوات سورية الديمقراطية" بمحيطها، سقط خلالها قتلى وجرحى من الجانبين. وقد استهدفت مدفعية المليشيات الكردية الحيين الأول والثاني في الطبقة بعدة قذائف، مما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين، فيما شنّت طائرات "التحالف الدولي" عدة غارات استهدفت أطراف بلدة البوعاصي غربي الطبقة، وبلدة الصفصافة التي طاولها قصف مدفعي عنيف وغارات طاولت الأطراف الشمالية لمدينة الرقة. وذكرت مصادر أن 10 من عناصر "داعش" قتلوا بغارة جوية استهدفت آلية مفخخة لهم قبل انطلاقها لهدفها بمحيط بلدة الصفصافة.

وفي محافظة حماة، أحبطت فصائل المعارضة السورية هجوماً لقوات النظام على مدينة حلفايا في ريف حماة الشمالي وكبدتها خسائر بالأرواح والمعدات، فيما قصفت طائرات روسية مناطق مختلفة بالمحافظة. وذكرت مصادر محلية أن مقاتلي المعارضة تصدوا لمحاولة تقدم قامت بها قوات النظام باتجاه مدينة حلفايا من جهتي قرية المجدل وبلدة محردة ودمروا دبابة لقوات النظام وقتلوا أكثر من 25 من عناصرها وعناصر المليشيات المساندة لها، إضافة إلى الاستحواذ على دبابة. كما أسفرت المعارك عن مقتل القائد العسكري لـ"جيش العزة" التابع لـ"الجيش السوري الحر"، نواف الصالح، وفق ما ذكرت "قناة حلفايا" الإخبارية على موقع "تويتر". وذكرت الوكالة أن مقاتلي المعارضة دمروا أيضاً مدفعاً من عيار 37 مليمتراً شرق محردة. وأقدمت قوات النظام المتمركزة في محردة على استهداف مدينة حلفايا بقصف صاروخي ومدفعي عنيف، إذ تعتبر المدينة الأخيرة ذات أهمية استراتيجية كونها ملاصقة لمحردة ويعتبرها النظام تهديداً لمناطق سيطرته هناك.

وأعلنت فصائل المعارضة في محيط دمشق أنها صدت محاولة تقدم لقوات النظام باتجاه حي القابون من جهة بساتين حرستا في دمشق. وقالت مصادر المعارضة إن اشتباكات عنيفة دارت بين الطرفين، وسط قصف مدفعي وجوي طاول الأحياء والمناطق المحيطة، لا سيما حزرما وتلة النشابية وسقبا وأوتايا وحوش الصالحية. وفي محافظة إدلب شمال البلاد، قتل مدنيان، وأصيب آخرون جراء قصف جوي من الطيران الحربي على مناطق مختلفة في المحافظة.

واستهدفت أكثر من عشر غارات بلدة بابسقا بريف إدلب الشمالي، ما تسبب بقتل وإصابة عدد من عناصر "حركة أحرار الشام"، فيما قتل مدني وأصيبت امرأة في قصف جوي على مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي. وفي محافظة حلب، قتل تسعة مدنيين وأصيب آخرون بجروح جراء قصف جوي على مدن وقرى مدينة حلب. وذكرت مصادر محلية أن أربعة أطفال من عائلة واحدة قتلوا في قصف جوي على جمعية الرضوان بالقرب من بلدة أورم الكبرى، في ريف حلب الغربي. كما تعرضت منطقة ريف المهندسين لقصف جوي مماثل أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين، وإصابة عدد آخر، فيما قتلت سيدة وطفلتها، وجرح خمسة آخرون جراء قصف جوي على بلدة أورم الكبرى في الريف الغربي، أسفر عن دمار في الأبنية السكنية.

المساهمون