أكد رئيس الحكومة السورية المؤقتة، جواد أبو حطب، سيطرة المعارضة المسلحة وحكومته على مساحة 21 بالمائة من الأراضي السورية، وأن أجهزة الحكومة ومؤسساتها موجودة في جميع المناطق المحررة، باستثناء المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ونظام بشار الأسد.
وقال أبو حطب في حوار مع "العربي الجديد"، خلال زيارة قام بها إلى العاصمة القطرية، الدوحة، إن هناك موافقة تركية على قيام أنقرة باستلام المعابر وخاصة معبر السلامة، وأن حكومته تقوم بالتواصل مع الفصائل العسكرية المسلحة، أي الثوار، من أجل استلام وإدارة هذه المعابر، بعد توفير الإمكانات الفنية، والتجهيزات اللوجستية اللازمة لسفر المواطنين ونقل البضائع عبر هذه المعابر. وأضاف أن هناك اتصالات مع الجانب الأردني لاستلام معبر نصيب الحدودي، وأن الحكومة المؤقتة بانتظار الرد الأردني على هذا المطلب.
وأكد أبو حطب عدم تلقي الحكومة المؤقتة دعماً مالياً مباشراً من أية دولة، لافتاً إلى أنها تعتمد على مواردها الذاتية وعلى المتبرعين السوريين في تسيير شؤون المناطق المحررة، بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية. وأعلن أنه سيقوم بجولة عربية الشهر المقبل، تليها جولة أوروبية لم يحدد موعدها، لتوفير الدعم اللازم لمشاريع التعليم والصحة والزراعة في المناطق المحررة. وفي ما يلي نص الحوار:
متى ستستلم الحكومة السورية المؤقتة المعابر الحدودية؟
هناك موافقة تركية على إدارة الحكومة المؤقتة للمعابر؟
ليس لدى الحكومة التركية أية اعتراضات، ولكن نحتاج إلى تجهيزات لوجستية يجري التحضير لها، كتوفير الأجهزة اللازمة والكوادر المتدربة ومختبرات الجودة والوثائق اللازمة للعبور بين الدول.
ماذا عن المعابر على الجانب الأردني، هل هناك اتصالات مع الجانب الأردني لهذا الغرض؟
نعم هناك اتصالات مع الحكومة الأردنية، وتم إرسال طلب لوزارة الخارجية الأردنية من أجل فتح معبر نصيب لتنشيط التبادل التجاري بين البلدين، وتوفير العمل للمواطن السوري الذي يحتاج للصحة والتعليم ويحتاج للعمل أيضاً، وننتظر الرد على هذا الطلب.
هل هناك اتصالات مع الجانب الأردني لترتيب زيارة إلى عمّان من أجل حسم موضوع المعابر؟
نتطلع لزيارة عمان ونأمل أن يتم التحضير لهذه الزيارة التي يجب الإعداد لها بشكل جيد. الموضوع ليس زيارة بل نريد نتائج جيدة لها، والأشقاء في الأردن يستضيفون أكثر من مليون لاجئ سوري، وهم جوارنا ولدينا علاقات وطيدة معهم، وعلينا كسوريين أن نقدر أن الأردن بلد ضعيف الموارد.
هل يمكن القول الآن، إن الحكومة المؤقتة مقيمة في الداخل السوري وليس في المهجر؟
تعد زيارتكم إلى قطر أول زيارة خارجية تقومون بها، فهل من نتيجة معينة لهذه الزيارة؟
هذه زيارة سريعة لقطر، التقينا خلالها مع وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الدولة لشؤون الدفاع، خالد العطية، وتباحثنا في الوضع بسورية. وقد عرضنا استراتيجية الحكومة المؤقتة وأولوياتها وأهمية أن تنتقل الحكومة من الإغاثة إلى مشاريع التنمية، وهذا يحتاج إلى استثمارات. والجمعيات الخيرية قدمت ولا تزال تقدم المساعدات في مجالات الإغاثة والتعليم والصحة، وفي طباعة المناهج التعليمية. ونحن نعول على قطر، فهي من أوائل وأهم الدول التي تدعم القضية السورية، والشعب القطري والجمعيات الخيرية القطرية من أهم الداعمين للشعب السوري وللقضية السورية. ونحن نقدر مواقف قطر تجاه الشعب السوري ولا ننسى مشاركة قطر الوجدانية حين ألغت احتفالاتها باليوم الوطني تضامناً مع الشعب السوري في حلب، والذي كان يتعرض للمجازر.
هل ستقومون بزيارات لدول أخرى مؤثرة في الملف السوري؟
منذ استلام الحكومة السورية المؤقتة لمهامها في شهر مايو/أيار من العام الماضي، كان جهدنا يتركز على الداخل السوري. وفي الفترة المقبلة سيكون هناك تركيز على الزيارات الخارجية، إذ سأقوم بجولة عربية الشهر المقبل، إضافة إلى زيارة لعدد من الدول الأوروبية، وهذه الزيارات لم تحدد مواعيدها بعد. ونحن نحتاج إلى الاتصال مع جميع الدول من أجل توفير الدعم اللازم في ملفات الصحة والتعليم والزراعة.
تحدثتم عن وجود تنسيق وتواصل مع 80 بالمائة من الفصائل العسكرية في سورية، ماذا عن الـ20 بالمائة الباقية؟
هذا لا يعني أن لدينا مشاكل مع الـ20 بالمائة من الفصائل الأخرى. هناك تواصل وعلاقة جيدة والـ20 بالمائة من الفصائل التي لم نتواصل معها ليس بيننا وبينها مشاكل حتى الآن، باستثناء "داعش" الذي قام بالتفجير في الجنوب واغتال وزير الإدارة المحلية، يعقوب العمار، وعددا من المسؤولين وكوادر الحكومة المؤقتة. و"داعش" فصيل متطرف ويحارب الحكومة السورية المؤقتة.
في ما يتعلق بملف المهجرين من شرقي حلب، تتحدث الأمم المتحدة عن 116 ألف مهجر يعانون أوضاعاً صعبة. ماذا تفعل لهم الحكومة المؤقتة؟
تقول إن موازنة الحكومة المؤقتة هي مليار و200 مليون دولار لا يتوفر منها دولار واحد، فماذا عن هذه الموازنة؟
ما يدعم موازنة الدول، الموارد، ونحن في دولة حرب وبلا موارد، لكن هذا لا يمنع وضع موازنة جرى تقسيمها إلى ثلاثة أقسام: التشغيلية وتساوي 2,9 بالمائة؛ الخدمات وتساوي 0,8 بالمائة من الموازنة؛ وحوالي 96 في المائة من الميزانية، تنموية، للتعليم والصحة والزراعة، وتنمية الموارد البشرية، وهناك 96 مشروعاً نعمل على (إنجازها) بمساعدة جمعيات ودول. لم نستطع أن نحصل على موازنة واضحة، لكن نقوم بالعمل ضمن المتوفر.
كم تتوفر من هذه الموازنة في خزينة الحكومة المؤقتة؟
نحن نؤمّن مثلاً 30 بالمائة من القمح (الطحين) في المناطق المحررة، ونوفر الخبز لحوالي مليوني مواطن سوري، بتكلفة 5 ملايين دولار بالأرقام. هذا عدا عن الأسمدة والبذار. ونحن ندير هذه العمليات التي تموّل من الجمعيات، ويمكننا القول إن هناك 50 مليون دولار تستثمر على الأرض، لكن لا موازنة ثابتة للحكومة المؤقتة.
منذ شهر مايو/أيار الماضي، هل استلمت الحكومة دعماً مالياً مباشراً من الدول الداعمة للشعب السوري؟
لم نستلم أي دعم مالي مباشر من أية دولة. نحن نعتمد على مواردنا، من بعض المتبرعين السوريين وبعض المنشآت والموارد الذاتية في المناطق المحررة.
ما هي أولويات الحكومة التي تعمل عليها الآن؟
بناء المؤسسات الأساسية، التعليم، الصحة، الزراعة، ومن ثم الانتقال إلى ملف الشرطة والأمن والقضاء، وهذا يحتاج إلى عام من العمل، قبل الانتقال إلى مجالات أخرى.
نحن في سورية عندنا صنفان من الناس: مع الثورة أو مع النظام. وكل صنف يضم مختلف أصناف الشعب السوري، وعملية التهجير والتطهير (العرقي) التي يقوم بها النظام جرائم حرب، ويقوم بها (من خلال) استخدام الكيماوي والكلور والحصار. والنظام جلب إلى جانبه مجموعات من كل الطوائف، فهو استخدم مع الشيعة المذهب ومع السنّة المال، لضمان ولائهم، واستخدم كل الطرق المتطرفة ليبقى في سورية. هناك تهجير وهدم أحياء في دمشق والزبداني، والآن يهدم في وادي بردى. أنا ألوم الأخوة في لبنان كيف يسمحون لحزب الله أن يقتل الشعب السوري، تحت شعار طائفي، وكيف يترك العراق المليشيات تقتل الشعب السوري باسم الشعب العراقي وتحت شعارات طائفية، وكيف يسمح الشعب الإيراني لعصابات متطرفة بقتل الشعب السوري تحت شعارات طائفية. هذه الشعوب مطالبة باتخاذ مواقف تجاه هذه المليشيات الإرهابية المتطرفة ووقفها.
لكن هل لديكم خطط لمواجهة عمليات التهجير على الأقل؟
هذا سؤال أكبر من الحكومة المؤقتة. نحن بدأنا من الصفر، ولنا في العمل، 150 يوماً، ونحتاج أن نؤسس لكل شيء من البداية وفي جميع المجالات. عندما تقوى شوكة الحكومة سيكون بإمكاننا أن نواجه كل شيء، لكن علينا بناء قوتنا أولاً.
**************************
طبيب القلب المعارض جواد أبو حطب
جواد أبو حطب، من مواليد 26 أكتوبر/تشرين الأول 1962، في ريف دمشق، هو طبيب وسياسي معارض ورئيس الحكومة السورية المؤقتة المنبثقة عن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية منذ 17 مايو/أيار 2016.
دخل أبو حطب كلية الطب البشري في جامعة دمشق عام 1980 وتخرج منها عام 1986، وتخصص فيها بالجراحة العامة وجراحة القلب. وحصل على اختصاص جراحة القلب للأطفال الخدج بجامعة ميلانو في إيطاليا. وهو حاصل على شهادة للتكنيك الجراحي من مشافي المملكة المتحدة.
ويعتبر أبو حطب واحداً من أشهر ثلاثة أطباء بجراحة قلب الأطفال في المنطقة العربية. وأسس أول مشفى مخصص للسوريين في الأردن بعد اندلاع الأزمة السورية، إذ حصل على أول تصريح لإنشاء مشفى لعلاج السوريين رسمياً. وكان مديراً لمشفى السلام في وقت سابق كما عمل مع زوجته في مشفى البرناص شمال سورية، وعمل في المشافي الميدانية هناك.
وأنشأ معهداً طبياً في الشمال السوري، ثم أصبح عميداً لـ"كلية الطب" في "جامعة حلب الحرة" ومقرها كفر تخاريم. وعرف وعائلته بمعارضتهم لنظام بشار الأسد، لذلك كان من أشد المؤيدين للاحتجاجات عام 2011. وانضم إلى "المجلس الوطني السوري" المعارض أواخر عام 2011. أبو حطب أحد مؤسسي "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، وكان مرشحاً لرئاسة الائتلاف في دورته الأولى عام 2012، إلا أنه تنازل عن ترشحه لصالح أحمد معاذ الخطيب.