الأردن: استقالة مفاجئة لقاضي القضاة بعد خطبة مثيرة

22 يناير 2017
هليل أحد الرموز الدينية المرتبطة بالسلطة (يوتيوب)
+ الخط -

بعد يومين من خطبة جمعة مثيرة ألقاها قاضي قضاة الأردن، أحمد هليل، قدّم مساء اليوم الأحد، وبشكلٍ مفاجئ، استقالته من جميع المواقع الرسمية التي يشغلها. هذه الاستقالة فتحت نقاشاً حول ما إذا كانت الخطبة موجّهة أم أنها اجتهاد شخصي منه.

وفي وقتٍ لاحق، وافق العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، على قرار مجلس الوزراء بتعيين عبد الكريم سليم السليمان خصاونة قاضياً للقضاة، بالفئة العليا من المجموعة الأولى، خلفاً لهليل، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية.


هليل المقرّب من القصر، اعتلى الجمعة الماضية منبر مسجد الحسين بن طلال، ليلقي على مسامع المصلين خطبة غير مألوفة، وجّه فيها رسائل سياسية للداخل، محذراً فيها المواطنين من النزول إلى الشارع، ورسائل للخارج خصّ فيها دول الخليج التي ناشدها مساعدة المملكة في أزمتها الاقتصادية، من دون أن يفوت تغليف المناشدة بتحذير صريح وغير مسبوق حول أمن واستقرار دول الخليج، في حال ضعف الأردن.

الخطبة حرّكت الرأي العام الأردني على مختلف مستوياته، بشكل غير مسبوق، وحرّكت الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت محل اهتمام كتاب الأعمدة في الصحف اليومية الأردنية.

ورأى الغالبية في الخطبة استجداءً مهيناً، وتندّروا على مضامينها بعبارات لاذعة وأطلقوا على مواقع التواصل الاجتماعي وسم شهر(#ذو_الشحدة)، ووصل النقد برئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، أحمد الصفدي، إلى أن يعلن خجله من مضامين الخطبة.

ووسط موجة الغضب وجدت أصوات تدافع عن مضامين الخطبة والرسائل التي أرادت إيصالها، وعبّر المؤيدون لها عن قناعتهم بأن مساعدة دول الخليج لبلادهم مصلحة وطنية لدول مجلس التعاون الذي يحمي الأردن خاصرته.

وكان هليل قد حثّ في خطبته، والتي أطلق عليها الناشطون بعد تقديمه الاستقالة "خطبة الوداع"، دول الخليج على مساعدة الاقتصاد الأردني، وقال موجهاً نداءه إلى ملوك وأمراء وقادة وشيوخ الخليج "إخوانكم في الأردن ضاقت الأخطار حولهم واشتدت (..) أين عونكم وأياديكم البيضاء وأموالكم وثرواتكم".

ولَم يتجاهل أن يحذرهم من الآثار الكارثية التي قد تطاولهم نتيجة ضعف المملكة، قائلاً "إخوانكم في الأردن لكم سند وظهير وعون ونصير وظهركم، لقد ضاقت بإخوانكم الأردنيين الأمور (..) حذارِ ثم حذارِ ثم حذارِ أن يضعف الأردن أو يتأذى الأردن أو أن يحاط به (..) لن يقف الأمر عند الأردن وحده ستدور الدوائر على الجميع".

وراج أن الخطبة أو مضامينها جاءت بالتوافق مع مرجعيات عليا في الدولة، للفت انتباه دول الخليج إلى ما يعانيه الاقتصاد الأردني، بعيداً عن القنوات الدبلوماسية الرسمية، والتي ثبت فشلها في إقناع دول خلجية على تجديد المنحة المالية التي خصصت للأردن على مدار خمس سنوات بإجمالي خمسة مليارات دولار انتهت بنهاية العام الماضي. لكن الاستقالة المفاجئة جعلت مؤيدي الخطبة يروجون أن الاستقالة جاءت ثمناً لموقف الرجل، ومكاشفته التي عرج فيها على أوضاع المملكة والمخاطر المحدقة فيها.

وبين الموقفين هناك إجماع على أن هليل هو أحد أبرز الرموز الدينية المرتبطة بالسلطة في الأردن، ولم يسبق للرجل الذي أثيرت حول ولائه النكات (الطرائف) الشعبية أن غرّد خارج السرب، وبقي ملتزماً بالترويج للسياسة الرسمية للمملكة.