خيارات محدودة للمعارضة السورية لإيقاف تقدم "داعش" شمال حلب

28 ابريل 2016
لا خيار أمام المعارضة سوى الدفاع عن مناطقها(حسين ناصر/الأناضول)
+ الخط -
دخلت المواجهة العسكرية المفتوحة بين قوات المعارضة السورية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) منعطفاً جديداً، مع تمكّن التنظيم فجر أمس الأربعاء من الوصول إلى تخوم مدينة أعزاز الاستراتيجية الواقعة قرب الحدود السورية التركية في ريف حلب الشمالي، والتي باتت تُعتبر في الأشهر الأخيرة أبرز معاقل المعارضة الباقية في يدها بعد خسارتها مناطق كثيرة لصالح النظام السوري والقوات الكردية وتنظيم "داعش" في ريف حلب الشمالي.
وأستأنف مقاتلو "داعش" هجماتهم على مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي بعد نحو أسبوع من الهدوء النسبي على خطوط التماس بين الطرفين، ونجح مسلحو التنظيم فجر أمس بالسيطرة على خمس بلدات وقرى كانت بيد المعارضة مساء الثلاثاء إلى الشرق من مدينة أعزاز الواقعة قرب الحدود السورية التركية.
وقال الناشط حسن الحلبي في حديث مع "العربي الجديد"، إن قوات "داعش" هاجمت بعد منتصف ليل الثلاثاء نقاط تمركز قوات المعارضة في بلدة دوديان والقرى المحيطة بها بثلاث سيارات مفخخة، اتبعها التنظيم بهجوم بالرشاشات المتوسطة والثقيلة على نقاط تمركز قوات المعارضة، التي اضطرت إلى الانسحاب من بلدة دوديان وقرى تل حسين وجارز ويحمول والفيروزية وتل الحصين، ليسيطر التنظيم على هذه القرى بالكامل فجر الأربعاء. ولفت الحلبي إلى أن هذه الاشتباكات أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، كما نجح "داعش" بأسر أربعة على الأقل من مقاتلي المعارضة الذين كانوا يدافعون عن المنطقة.
وبهذا التقدّم باتت قوات "داعش" على بُعد نحو ثلاثة كيلومترات فقط من مدينة أعزاز التي تسيطر عليها المعارضة، والتي باتت تحتفظ بالسيطرة على شريط حدودي ضيق لا يتجاوز عرضه ثلاثة إلى أربعة كيلومترات فقط من الحدود التركية باتجاه الداخل السوري، في الوقت الذي يواصل فيه "داعش" تقدّمه نحو مدينة أعزاز ومعبرها الحدودي.
ويهدد هذا التقدّم الكبير لتنظيم "داعش" مدينة أعزاز التي تأوي حالياً نحو مئة ألف نسمة حوالي ثلثهم من النازحين القادمين إليها من المناطق التي خسرتها المعارضة في شهر فبراير/شباط الماضي لصالح النظام السوري وقوات حماية الشعب الكردية. ويتعرض هؤلاء المدنيون حالياً لتهديد جدي بالنزوح عن مناطق سكنهم نحو الجانب السوري من الحدود السورية التركية الذي يحوي أصلاً نحو سبعين ألف نازح، موجودين في أكثر من عشرة مخيمات أكبرها مخيم باب السلامة الحدودي، هم مهدودون بدورهم بالنزوح عن مخيماتهم مع اقتراب الاشتباكات منها.


ولا يبدو أن هناك مكاناً محتملاً يمكن أن يلجأ إليه سكان أعزاز والنازحون المقيمون فيها وفي المخيمات القريبة منها، إذ يسيطر "داعش" على المناطق الواقعة إلى الشرق من المدينة، فيما تسيطر قوات النظام على المناطق الواقعة جنوبها إلى الجنوب من مدينة مارع وبلدات تل حاصل وكفرناصح، فيما تسيطر قوات حماية الشعب الكردية على بلدة منغ ومدينة تل رفعت ومنطقة عفرين إلى الجنوب الغربي والغرب من أعزاز، فيما يستمر إغلاق الحدود التركية في وجه النازحين السوريين المتكدسين على الجانب السوري من الحدود المشتركة.
وعلى هذا الأساس تبدو خيارات قوات المعارضة محصورة بالدفاع عن مناطق سيطرتها المتبقية في مدينتي أعزاز ومارع والقرى والبلدات القليلة المحيطة بهما، والتي ما زالت بيد قوات المعارضة، التي سيكون على عاتقها في الأيام القليلة المقبلة مهمة محاولة استرجاع المناطق التي خسرتها لصالح تنظيم "داعش" كي تؤمن مناطق سيطرتها المتبقية في ريف حلب الشمالي قبل أن تفكر ربما باستعادة المناطق التي خسرتها لصالح القوات الكردية في شهر فبراير/شباط الماضي، وأهمها بلدة منغ ومطارها العسكري ومدينة تل رفعت القريبة منها.
وسط هذه التطورات، تتجه الأنظار إلى تركيا التي تحشد المزيد من قواتها يومياً على الجانب التركي من الحدود مقابل مدينة أعزاز، وتُرجّح معلومات أن تتخذ أنقرة إجراءات من شأنها عدم السماح لتنظيم "داعش" بالسيطرة على مدينة أعزاز ومعبر باب السلامة الحدودي. فبالإضافة إلى احتمالات نزوح نحو مئة وسبعين ألفاً على الأقل إلى الحدود التركية في حال سقوط مدينة أعزاز والمخيمات المحيطة بها بيد "داعش"، يتواصل سقوط القذائف على مدينة كيليس التركية المقابلة لأعزاز من الطرف التركي.
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، معمان كورتولموش، إن الحكومة قررت اتخاذ المزيد من التدابير الأمنية في ولاية كيليس، عقب تعرضها لاستهدافات متكررة أخيراً من قبل تنظيم "داعش"، مشيراً إلى أنه تم إطلاق، 46 قذيفة صاروخية منذ 18 يناير/كانون الثاني الماضي، على مناطق متفرقة في الولاية التي ترتبط بحدود مع سورية بطول 111 كيلومتراً، سقط نتيجتها 17 قتيلاً، منهم 10 أتراك، والبقية سوريون، فضلاً عن إصابة 61 آخرين. تصريحات كورتولموش جاءت عقب اجتماع عقدته الحكومة التركية لبحث سبل وقف القصف الذي تتعرض له مدينة كيليس من الأراضي السورية، برئاسة رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو، الذي قال إن تركيا ستتخذ إجراءات عسكرية إضافية لوقف هذه الهجمات. ولم يوضح أوغلو ماهية الإجراءات العسكرية التي تنوي تركيا القيام بها لإيقاف اعتداءات "داعش" الصاروخية على مدينة كيليس، لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال يوم الثلاثاء إن بلاده ستنشر على حدودها مع سورية صواريخ من طراز "هيمارس"، وذلك بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية. نشر منظومة الصواريخ في حال تم فعلاً قد يساعد قوات المعارضة السورية على استعادة مناطق ريف حلب الشرقي من تنظيم "داعش" وبالتالي سيمكّنها من استعادة المبادرة الميدانية في ريف حلب مما قد يمنحها دفعاً جديداً باتجاه استعادة المبادرة على جبهات القتال الأخرى ضد قوات حماية الشعب الكردية وقوات النظام السوري أيضاً.