مصر: حملة اعتقالات لمئات الشباب بتهمة الانتماء لـ"داعش"

17 فبراير 2016
تنشط الأجهزة الأمنية باعتقال الشباب (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
تستعد أجهزة الأمن المصرية، خصوصاً جهاز الأمن الوطني، لما تسميه "الكشف عن قضية تتعلق بالمنتمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش)، وهو ما تعتبره أوساط عديدة عنواناً لاعتقال كل معارض لسلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخصوصاً من أبناء التيار الإسلامي عموماً. واعتقلت قوات الأمن، خلال الأشهر القليلة الماضية، المئات من الشباب الإسلامي بدعوى الانتماء للتنظيم، والسعي لتنفيذ عمليات عدائية مسلحة تجاه قوات الأمن والجيش في مختلف المحافظات المصرية.

وتنظر المحاكم المصرية، حالياً، عدداً من القضايا المتعلقة بانتماء بعض الشباب إلى "داعش"، ومنها "العائدون من ليبيا وسورية". وتحاول أجهزة الأمن إلصاق الاتهامات ببعض الشباب بالانتماء للتنظيم، في محاولة لتخفيف الضغوط عليها، جراء الفشل الكبير في وقف العمليات ضد جهاز الشرطة، عقب تزايدها في إطار القاهرة الكبرى.

وتأتي القضية التي من المتوقع ظهورها إلى العلن قريباً، بعيداً عن عمليات المداهمات التي تنفذها قوات الأمن، خلال الأسبوعين الماضيين، في القاهرة بمنطقة حدائق المعادي، والجيزة في منطقة الكريمات، إذ تكشف مصادر متطابقة، عن اعتقال المئات من الشباب في عدد من المحافظات، بدعوى الانتماء لـ"داعش". ويؤكد بعض هذه المصادر أن المعتقلين ليسوا منتمين للتنظيم المسلح، وإنما تم الزجّ بهم. وتقول مصادر أمنية خاصة لـ"العربي الجديد"، إنّ عمليات القبض على الشباب في عدد من المحافظات، معظمها في الوجه البحري، تتعلق بمحاصرة الجماعات الإرهابية التي تسعى لوضع أقدامها بشكل كبير في مصر، لإثارة الرعب والفوضى.

وتضيف هذه المصادر أنّ عمليات بحث وتحرٍّ دقيقة تم تنفيذها على بعض المشتبه بهم في الانتماء لجماعات مسلحة، وأسفرت عن تحديد دائرة من التواصل بين شباب في الداخل المصري وعناصر من "داعش" في سورية والعراق. وتشير إلى أن من تم اعتقالها يمكن أن يوصفوا بـ"الشبكة" التي تسعى للسفر إلى سورية أو العراق للانضمام لـ"داعش" هناك، وبعضها يريد الترتيب لتنفيذ عمليات في مصر.

اقرأ أيضاً: وجود "داعش" بالقاهرة الكبرى... نفي رسمي لا يلغي التساؤلات

وتؤكد المصادر الأمنية أنّ معظم من تم القبض عليها يستخدمون حسابات وهمية عبر مواقع التواصل، وتم التوصل إليهم من خلال تلك الحسابات، ومن ثم القبض على بعض أصحابها، فضلاً عن تحديد دائرة أوسع تتعامل معها تلك العناصر. وتكشف المصادر ذاتها، عن عدم توقف عمليات البحث في محاولة لإسقاط تلك المجموعات التي تنشط على مواقع التواصل، وخصوصاً الحسابات البارزة والمعروفة.

وتوضح أن عدداً من الشباب المعتقلين أَرشد عن غيره من العناصر الإرهابية، وعملية البحث والتحري عنها جارية، تمهيداً لضبطها بعد مراقبة دقيقة لها لكشف كل الدوائر المرتبطة بها. وتشدد هذه المصادر على أن بعض أصحاب الحسابات على موقع التواصل، نواة ليس لتنفيذ عمليات، لكن لنشر الفكر الإرهابي، وتجنيد مزيد من الشباب في الداخل، والتنسيق للسفر إلى سورية والعراق، وهؤلاء مدانون بحكم قانون الإرهاب. وتشير إلى أنه سيتم ضم عدد من المقبوض عليهم خلال العامين الماضيين إلى القضية باعتبارهم جزءا من مخطط الفوضى في مصر.

من جانبها، تؤكد مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" صحة المعلومات حول اعتقال مئات الشباب، ويقدّر عدد المعتقلين منهم بما بين "1000 و1500". وتقول هذه المصادر إنّ عمليات الاعتقال لم تتوقف خلال الأشهر القليلة الماضية، في ضوء التوصل إلى بعض أصحاب حسابات على مواقع التواصل، ومعظمهم داخل مصر، مضيفة أن تحذيرات صدرت للشباب داخل مصر بعدم الإفصاح عن مكان تواجده أو معلومات شخصية حتى لا يسهل القبض عليه.

وتشدد هذه المصادر على أن معظم من تم القبض عليهم، ليسوا تابعين لـ"داعش"، وإنما هم من الأنصار والمؤيدين عبر مواقع التواصل، وليس لهم علاقة من قريب أو بعيد بعمليات التنظيم. وتلفت المصادر الخاصة إلى أن الحسابات التابعة للتيار الجهادي عبر مواقع التواصل، كانت تنشر أخباراً حول اعتقال بعض الأشخاص من أصحاب الحسابات، والتحذير من التواصل معهم، منعاً للوقوع في يد قوات الأمن. وتؤكد أن معظم المعتقلين في القضية التي سيتم الإعلان عنها، ليس لهم ميول إسلامية أو حتى مناصرين لـ"داعش"، فضلاً عن أنها محاولة لتخفيف الضغط الشعبي على وزارة الداخلية لاتهامها بالتقصير الأمني. وتتساءل هذه المصادر عن مكان عناصر "داعش" الذين ينفذون عمليات ضد قوات الشرطة في قلب العاصمة المصرية، وما إذا تمّ القبض على المنتمين الحقيقيين للتنظيم.

من جهته، يقول الخبير الأمني، اللواء جمال أبو زكري، إنّ جهاز الأمن الوطني بالتعاون مع مختلف الأجهزة الأمنية، بدأ يستعيد عافيته مجدداً عقب 25 يناير. ويضيف أبو زكري لـ"العربي الجديد"، أنّ الأمن بات يعمل بشكل دقيق وعلمي بعيداً عن الاتهامات الموجهة إليه بالانشغال بالأوضاع السياسية. ويشير إلى أن مثل هذه القضايا الكبرى لا يتم الإعلان عنها بشكل متسرع، إلا بعد الانتهاء من كل الدوائر المتصلة بها، ومن ثم تقديمها إلى المحكمة للبت فيها.

اقرأ أيضاً: هجمات القاهرة الكبرى... ظروف جاهزة لتوظيفها عنفيّاً