لقاء بوتين وأردوغان اليوم: علاقات ثنائية "أهم" من سورية

10 أكتوبر 2016
تسعى تركيا للتطبيع الكامل مع روسيا(ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -
في ثالث لقاء منذ بدء تطبيع العلاقات بين روسيا وتركيا، يجتمع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، في إطار مؤتمر الطاقة العالمي في إسطنبول اليوم الاثنين. وبحسب ما أفاد به المكتب الصحافي للكرملين في وقت سابق، سيبحث الرئيسان "القضايا الملحة للعلاقات الروسية التركية والأجندة الدولية". وأشار الباحث في الشؤون التركية بمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، آمور غادجييف، إلى أن الأزمة الأخيرة في العلاقات الروسية التركية أظهرت أن تفاقم الوضع الجيوسياسي قد يُشطب بين ليلة وضحاها سنوات من التعاون الاقتصادي. وقال لـ"العربي الجديد" إن "الجانبين سيتمسكان بالتوجهات الإيجابية في العلاقات الثنائية، وسيعملان على تقليص الخلافات الجيوسياسية القائمة". في إشارة إلى أن العلاقات الثنائية بين موسكو وأنفرة تأخذ منحى أكثر أهمية من الخلاف بشأن سورية. وأضاف غادجييف أن "تركيا تبذل حالياً كافة جهودها لإعادة التعاون الثنائي مع روسيا إلى مستوى ما قبل الأزمة والدفع به، إلا أن روسيا لن تتعامل مع تركيا بنفس الدرجة من الثقة كما كان الأمر عليه سابقاً".

وقبل الأزمة في العلاقات بين البلدين على خلفية إسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل سلاح الجو التركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، كانت روسيا تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا بعد الاتحاد الأوروبي، وكان حجم التبادل التجاري بين البلدين يفوق 30 مليار دولار سنوياً. ويعتبر مجال الطاقة هو أهم مجالات التعاون الثنائي في ظل طموحات موسكو وأنقرة لتحقيق مشروع "السيل التركي" لنقل الغاز إلى أوروبا وبناء محطة "أك كويو" النووية.

ولما كانت تركيا ثاني أكبر مشتر للغاز الروسي بعد ألمانيا، إذ بلغت إمدادات عملاق الغاز الروسي "غازبروم" إلى السوق التركية 27 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في عام 2015، سيتيح "السيل التركي" لتركيا تغطية احتياجاتها المتزايدة وجني رسوم ترانزيت الغاز الروسي المورد إلى جنوب أوروبا. أما روسيا، فستتمكن من الحد من اعتمادها على أوكرانيا في نقل الغاز في ظل التوترات بين البلدين التي بلغت مرحلة المواجهة المسلحة غير المباشرة في منطقة دونباس.

وكانت موسكو تطمح أولاً إلى مد خط أنابيب الغاز "السيل الجنوبي" عبر قاع البحر الأسود إلى ميناء فارنا البلغاري، إلا أنه تعثر بشكل نهائي في أواخر عام 2014 وسط تصاعد الخلافات بين روسيا والاتحاد الأوروبي بسبب الوضع في أوكرانيا، ليعلن بوتين خلال زيارته إلى تركيا عن وقف المشروع. وكانت أنقرة تبدو آنذاك وكأنها حليف جديد لروسيا في مجال الطاقة، إذ اتفق البلدان على مد "السيل التركي" عبر قاع البحر الأسود وإنشاء مجمع للغاز على الحدود التركية اليونانية لنقله إلى بلدان الاتحاد الأوروبي.

إلا أن "السيل التركي" واجه هو الآخر مجموعة من العقبات تمثلت في الخلافات حول أسعار الغاز الروسي والانتخابات البرلمانية المبكرة في تركيا في العام الماضي. كما تم تقليص طاقته التمريرية من 63 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى 31.5 مليار، إلى أن تم تجميد المفاوضات بسبب أزمة إسقاط قاذفة "سوخوي-24".

أما مجالات التعاون الأخرى بين روسيا وتركيا، فهي الصادرات الزراعية التركية إلى روسيا، والسياحة. إذ عادت المنتجعات التركية بسرعة تتصدر حجوزات السياح الروس بعد استئناف رحلات الطيران من روسيا إلى تركيا. كما عاد التعاون في قطاع البناء، ذلك أن روسيا تعتمد على الشركات التركية لإقامة المنشآت الخاصة بمونديال 2018 الذي ستستضيفه.

وبعد حادثة القاذفة الروسية، بات التعاون في كل هذه المجالات على المحك، ما كان سيضر بالبلدين على حد سواء. إلا أن اعتذار أردوغان عن الواقعة أسفر عن انفراج في العلاقات، ليبدأ تطبيعها بشكل تدريجي، كما دفعت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، نحو مزيد من التقارب السياسي. وعقد بوتين وأردوغان لقاء خلال زيارة الأخير إلى مدينة سانت بطرسبورغ في أغسطس/آب الماضي، ولقاء آخر على هامش قمة مجموعة الدول العشرين في الصين في بداية سبتمبر/أيلول الماضي.


المساهمون