وزير خارجية قطر: كيف بإمكان الأمم المتحدة إنقاذ حلب

13 أكتوبر 2016
حان الوقت لحماية الأبرياء (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

قدّم وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مقال نشرته اليوم الخميس، صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، رؤية بلاده بشأن الطريقة التي يمكن للأمم المتحدة أن تنقذ بها حلب، مشدداً على أنّه "حان الوقت لحماية الأبرياء في سورية".

وذكر في مقاله، أنّ الحرب في سورية التي تدور رحاها منذ خمس سنوات، كشفت "وحشية صادمة" من قِبل الرئيس بشار الأسد ضد احتجاجات سلمية قام بها شعبه.
وقال "إنّ الأسد لم يتصرّف بمفرده، بل كان لديه دعم من قوى خارجية تشاركه المسؤولية عن الموت والتدمير".

ورأى أنّ ما أدى لتمكين الأسد أيضاً، صمت أولئك الذين تنحّوا جانباً ولم يفعلوا شيئاً إزاء استمرار المذابح. وقد وضعت خطوط حمراء لكنه تجاوزها دون عاقبة، وأُعلنت مبادرات وقف إطلاق النار، لكن قوات النظام خرقتها بدون عقوبة.

كما اعتبر أنّ مجلس الأمن الدولي فشل أيضاً، بالرغم من القرارات الكثيرة، في استخدام كافة الوسائل المتاحة لوقف الأهوال التي ترتكب ضد الشعب السوري. وقال إنّ مبدأ "مسؤولية الحماية" الذي أقرته كل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة عام 2005 لمنع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، كان ينبغي أن يشكل الأساس لتدخلٍ بقيادة المنظمة الدولية في سورية.

"ومع ذلك، فقد تمت عرقلة هذا المبدأ خلال السنوات الخمس الماضية بشكل متكرر من قبل بعض أعضاء مجلس الأمن لـ "أسباب سياسية"، معتبراً أنّ هذا الجمود بدوره سمح للنظام السوري بمواصلة ذبح مواطنيه دون رادع.


كما لفت إلى أنّ "الكارثة الإنسانية" التي تصيب حلب الآن توضح عواقب فشل الأمم المتحدة. وذكّر بأنّ سورية ليست المكان الوحيد الذي تقاعس فيه مجلس الأمن بانتقائية، عن مسؤوليته لحماية المدنيين الأبرياء، ومنع جرائم الحرب في الشرق الأوسط.

إلى ذلك، ذكّر أنّ مركزاً طبياً في حلب كانت تديره جمعية الهلال الأحمر القطرية تمّ استهدافه بداية هذا الشهر بقنابل أسقطت من مروحية، مما أدى لمقتل مريضين وجرح ثمانية آخرين وتدمير نصف المنشأة، وهو ما أجبر قطر على إغلاق المركز.


وعقب ذلك، وصف رئيس برنامج الصحة في بعثة الهلال الأحمر القطرية في تركيا هشام الدرويش الاستهداف بأنه "جريمة حرب".

وأوضح الوزير القطري أنّ هذه العبارة، هي نفسها التي استخدمها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبل عدة أيام، لوصف العنف المتصاعد الذي تؤججه الحكومة السورية وحلفاؤها، إذ قال "أولئك الذين يستخدمون أسلحة أشد فتكاً، يعلمون تماماً ما يفعلونه. ويعلمون أنهم يرتكبون جرائم حرب".


من جهةٍ أخرى، لفت إلى أنّ مجلس الأمن فشل في غزة عام 2014 عندما أخفق في كبح جماح العدوان الإسرائيلي ضد السكان المدنيين.

ورأى أنّ الافتقار إلى النزاهة والمساءلة في عمل مجلس الأمن، أصاب العديد في الشرق الأوسط، ممن يسعون لتحقيق السلام والعدالة، بخيبة أمل.

في المقابل، أكد الوزير القطري أنّ هناك بدائل، مذكّراً في هذا السياق بأنّه وبعد فشل الأمم المتحدة في التدخّل لمنع الإبادة الجماعية في رواندا في التسعينيات وفي سربرينيتشا خلال حرب البوسنة اتخذ حلف شمال الأطلسي "ناتو" إجراء لوقف المذبحة التي كانت وشيكة في كوسوفو. 

ولهذا أقرّت الأمم المتحدة، بعد ست سنوات من أحداث كوسوفو، القرار الخاص بمسؤولية الحماية.



وأضاف في مقاله "إنّه حان الآن الوقت لحماية الأبرياء في سورية"، مشيراً إلى أنّ "هناك من سيجادل بأنّه سيكون من الخطأ التدخل في صراع آخر بالشرق الأوسط، مستشهدين في ذلك باحتلال العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003".

لكنّه أوضح أنّ غزو العراق كان حرباً اختيارية، "وليس هناك اختيار في سورية"، لأنّ إنقاذ المدنيين من الذبح بأيدي نظام الأسد هو "مسؤولية أخلاقية".

وأكد أنّ لدى العالم القدرة لوقف إراقة الدماء في سورية، كما أنّ لدى الأمم المتحدة سلطة اتخاذ إجراء بموجب مبدأ مسؤولية الحماية والفصل السابع من ميثاقها.

وشدد أيضاً، على أنّ قطر تدعو أعضاء مجلس الأمن لتنحية حساباتهم الجيوسياسية جانباً، واحترام التزامهم بحماية أرواح العُزّل في سورية، وتحث المجلس بقوة لحماية المدنيين هناك بإقامة ملاذات آمنة في شمال وجنوب سورية وفرض منطقة حظر جوي.

وأوضح الوزير أنّه في حالة عجز مجلس الأمن عن التوافق على هذه الإجراءات الأساسية فإننا ندعو الجمعية العامة للأمم المتحدة للمطالبة بتنفيذ القرار "377 أ".

كما بيّن أنّ هذا الإجراء، المعروف أيضاً بقرار "الاتحاد من أجل السلام" و"خطة أتشيسون" التي يعود تاريخها إلى عام 1950، يوفر وسيلة لتجاوز الطريق المسدود الذي قد يصل إليه مجلس الأمن ويمكن الأمم المتحدة من سن قانون المقاومة الجماعية للعدوان.

وختم وزير الخارجية القطري مقاله بالقول إنّ "الوقت ليس في صالح الجميع، وأنه في الوقت الذي يظل فيه قادة العالم على ترددهم هذا يمكن أن يموت الآلاف في حلب، ولا يمكن للمجتمع الدولي، والذي يتحمل ضميره الإخفاقات في رواندا والبوسنة، أن يفشل مرة أخرى".

(العربي الجديد)

المساهمون