إعلانات سياسية في شوارع القاهرة تشغل المصريين

18 يوليو 2024
أحد شوارع القاهرة، 24 يونيو، 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **إعلانات سياسية مثيرة للجدل في القاهرة**: ظهرت إعلانات مسيئة للرئيس السيسي في شوارع القاهرة، مما دفع السلطات لقطع التيار الكهربائي واعتقال عدد من المارة، متهمة جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراءها.

- **حملة مضادة من النظام المصري**: رد النظام بحملة دعائية مضادة تستهدف الإخوان المسلمين، وأعلن القبض على فني شاشات اعترف بتنفيذ الواقعة بتحريض من الإخوان.

- **تحليل سياسي للأزمة**: السياسي أحمد بهاء الدين شعبان يرى أن الأحداث تعكس الأزمة السياسية والاقتصادية، مشيراً إلى أن سياسات النظام تزيد التوترات ولن تهدئ الأوضاع.

حدث غريب شهدته شوارع العاصمة المصرية خلال الأيام الماضية بظهور إعلانات سياسية في شوارع القاهرة. بدأت القصة، مساء الأحد 14 يوليو/تموز الحالي، عندما ظهرت فجأة على شاشة كبيرة للإعلانات على مدخل أحد المراكز التجارية في شارع فيصل الشهير بمنطقة الجيزة، غربي القاهرة، مقاطع وصور للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مصحوبة برسالة تقول، "إنتوا ماتعرفوش إن أنا حرامي ولا إيه"، وأخرى مع وجه الرئيس ملطخاً بالدماء، وصورة ثالثة للسيسي وفي خلفيتها العلم الإسرائيلي. وبعد مرور أكثر من ساعة، قطعت السلطات المصرية التيار الكهربائي عن المنطقة محل الواقعة، وسارعت قوات الأمن بإغلاق شارع فيصل، واعتقلت عدداً من المارة بصورة عشوائية، وفق الشبكة المصرية لحقوق الإنسان.

ولم تمر ساعات على واقعة شاشة شارع فيصل، حتى انتشرت بشكل مكثف مقاطع دعائية مضادة في معظم ميادين وشوارع القاهرة، استهدفت جماعة الإخوان المسلمين بشكل رئيسي. أعلى جسر أكتوبر الممتد من محافظة الجيزة غرباً إلى محافظة القاهرة شرقاً، جرى بث مقاطع دعائية على شاشات ضخمة بعرض الجسر الطويل، تكرر الدعايات التي تعتبر "الإخوان" جماعة إرهابية وتحمّلها مسؤولية المصائب التي مرت بمصر، ومعها عبارات "حتى لا ننسى". أما عبارة "الإخوان جماعة إرهابية"، فقد كانت تنزف بالدماء، تأكيداً على مغزى العبارة. وتكررت الظاهرة نفسها في ميادين عدة في القاهرة.

جرأة إعلانات سياسية في شوارع القاهرة

ومثّلت واقعة شارع فيصل غير المسبوقة حالة شغلت المصريين على مدى يومين، بسبب جرأتها، إذ حملت مقاطع مسيئة للسيسي. وجاء بيان وزارة الداخلية حول واقعة فيصل، ليصادق على الاتهامات الأولية التي تبنّت رواية مفادها أن "الإخوان" هي من تقف وراء الواقعة. وتمّ إعلان القبض على فني شاشات، قالت السلطة إنه اعترف بأنه "ارتكب الواقعة بناء على تحريض من اللجان الإلكترونية للإخوان بالخارج".

احتجزت السلطات المصرية العديد من المارة في محيط شارع فيصل

وبالتزامن مع ظهور إعلانات سياسية في شوارع القاهرة حملت صورة السيسي، نفّذت أجهزة الأمن حملة موسعة ومكثفة استوقفت خلالها واحتجزت العديد من المارة والمشتبه بهم في محيط الواقعة بالشارع الأكثر ازدحاماً بمنطقة الجيزة غرب القاهرة. وبحسب وسائل إعلام محلية، جرت عملية تحديد المتهم وضبطه عن طريق قطاع تكنولوجيا المعلومات والمباحث الجنائية والأمن الوطني. ووفق البيان الرسمي للداخلية فقد "أفادت التحريات والمناقشات مع المتهم بضلوع جماعة الإخوان الإرهابية في الترتيب لهذه العملية". وفي التحقيقات، اعترف المتهم بأنه جهز الصور المعروضة على شكل فيديو ووضعها على "فلاشة"، واخترق شاشة العرض، فيما أوصل الفلاشة لعرضها في الوقت الذي حدده وفقاً لخبرته في التعامل مع الشاشات.

حرب الشاشات

وبشأن ظهور إعلانات سياسية في شوارع القاهرة وما تبعها، اعتبر السياسي المصري البارز أحمد بهاء الدين شعبان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حرب الشاشات بين النظام وجماعة الإخوان هي مظهر من مظاهر الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات عديدة". وأضاف ان هذه الأزمة تأتي "في ظل انسداد الآفاق السياسية أمام الإصلاح وتصميم النظام عبر حرصه على استمرار سياساته بالنهج نفسه، والذي بدا واضحاً مع استمرار حكومة مصطفى مدبولي، بما شكّل نوعاً من اليأس من أي تحسن لمجمل الأوضاع".

أحمد شعبان: جماعة الإخوان آخر المهتمين بالتورط بالإعلانات

وقال إن الرد على ظهور إعلانات سياسية في شوارع القاهرة بهذه الطريقة، هو مؤشر "على أنه لن يتغير شيء ما دام النظام مصراً على سياساته وعلى عدم إصلاح أخطائه ومحاولة تضخيم أي حدث عارض للاحتجاج على الأوضاع القائمة القاتمة، وإلصاق كل جريمة بجماعة الإخوان". وتابع في السياق أن الجماعة "لأسباب عديدة أراها آخر المتهمين بالتورط في حادث الشاشات هذه".

من جهة أخرى اعتبر شعبان أن ظواهر مثل واقعة الشاشات هذه مرشحة للاستمرار "ما دام النظام يراهن على القبضة الحديدية واستسهال الأجهزة الأمنية توجيه الاتهام للإخوان وغيرهم، بل إن الأوضاع مرشحة لتصير أكثر سوءاً، وستتكرر معها صور مختلفة للاحتجاج بشكل أو بآخر". ولفت إلى أن لجوء النظام لحرب الشاشات ومحاولة الرد على إعلانات سياسية في شوارع القاهرة كتلك "لن يكتب لها النجاح، واتهام معارضيه بالتورط في مثل هذا الحادث بدون دليل، لن يجد صدى لدى الرأي العام". وأوضح أن الرأي العام "المكتوي بنار الأسعار وأرقام التضخم الفلكية، لن يكترث بمثل هذه الحروب التي تعكس استمرار أزمته السياسية والاقتصادية وتراجع أي احتمالات للخروج من النفق المظلم".

المساهمون