كيري ولافروف يحسمان مصير جنيف السوري اليوم... والنظام يماطل

20 يناير 2016
تقصف روسيا الأراضي السورية كقصفها الشيشان (بهاء الحلبي/الأناضول)
+ الخط -
من غير الواضح بعد، إن كانت المفاوضات المرتقبة بين وفدي المعارضة السورية، ممثّلة بالهيئة العليا للتفاوض، المنبثقة عن مؤتمر الرياض وبين وفد النظام، ستُعقد في موعدها المقرّر في 25 يناير/كانون الثاني الحالي في مدينة جنيف السويسرية، مع تباين وتضارب التصريحات حيال ذلك. لكن الأكيد أن لقاء وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، اليوم في سويسرا، سيحسم الاتجاه نحو عقد الجلسات بالفعل، أو تأجيلها، وسط تمسك الأمم المتحدة بالموعد، كذلك الهيئة التفاوضية، وهو ما أعرب عنه رئيسها رياض حجاب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أمس الثلاثاء. كل ذلك وسط تعمُّد النظام عدم الإفصاح عن وفده المفاوض، وهو ما يرى فيه كثيرون دليلاً على نيته المماطلة بهدف التأجيل. وعلى الرغم من إصرار المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، على عقدها في 25 من الشهر الحالي، لكنه لم يوجّه الدعوات لأطراف المفاوضات، حتى الآن، على الرغم من أن أياماً قليلة متبقية تفصل عن الموعد المقرر، فيما لا تزال المعارضة السورية ترى أن الظروف لم تُهيأ بعد من الموفد الأممي للبدء في التفاوض، في ظلّ الإصرار على ربط القضايا الإنسانية بالمفاوضات السياسية، وتمسّك الروس بالتدخّل بأسماء وفدها المفاوض لجهة "حشر" أسماء أخرى.

ويؤكد عضو "الائتلاف الوطني" السوري المعارض عقاب يحيى، أن "الموفد الأممي إلى سورية دي ميستورا، لم يُوجّه حتى الآن، دعوات لحضور مؤتمر فيينا". ويشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "كان من المفترض أن تصل الدعوات، يوم الاثنين، لكنها لم تصل"، مرجّحاً "احتمال تأجيل المفاوضات إلى وقت لاحق".

ويكشف يحيى أن "توصيف ما سيجري في جنيف غير واضح حتى اللحظة، فالموفد الأممي بدأ يتحدث عن محادثات بدل مفاوضات". ويلفت إلى أن "القراءة الروسية لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2254، هي السائدة لجهة طبيعة الجسم السياسي في سورية والمتوقع أن يتمخّض عن مفاوضات جنيف المقبلة".

ويوضح أن "الموفد الأممي لا يزال مصرّاً على وجود عدة شخصيات معارضة، طرحتها روسيا ومنها رئيس تيار قمح هيثم مناع، ورئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم". ويكشف أن "الموفد الأممي طرح في آخر لقاء له مع رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، أن تكون هذه الأسماء بمثابة مستشارين للمفاوضين المعارضين، أو مستشارين لدي ميستورا نفسه، إلا أن حجاب رفض ذلك".

اقرأ أيضاً رياض حجاب: رفضنا طلب دي ميستورا توسيع الوفد المفاوِض

ويُبيّن يحيى أن "المعارضة السورية تستعدّ للمفاوضات، في حال عُقدت، إذ تقوم بإعداد وثائق سياسية لتُطرح على طاولة التفاوض". ويكشف عن "إصرار الهيئة المطلق على فصل المسارين الإنساني والسياسي عن بعضهما البعض"، مضيفاً أن "القضايا الإنسانية كفكّ الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين، وإدخال مساعدات إنسانية لآلاف المدنيين المحاصرين من قبل قوات النظام، والتوقف عن قصف المدنيين، ليست محل تفاوض ومساومة. لأن هناك قرارات أممية تحكمها يجب التقيّد بها من قبل النظام من دون شروط، وبعيداً عن المفاوضات السياسية".

من جهته، يدعو سفير "الائتلاف" في العاصمة الإيطالية روما بسام العمادي، المعارضة إلى "عدم الذهاب إلى جنيف في حال استمرت روسيا في محاولاتها لفرض أشخاص على الوفد، هم أقرب للنظام منهم للمعارضة". ويتابع في حديث لـ"العربي الجديد"، "واجب على الوفد عدم التماهي مع الضغوط والخضوع لها، لأن النتيجة ستكون أسوأ".

ويلفت إلى أن "إيران وروسيا متمسكتان ببقاء بشار الأسد أو نظامه، وتصرّان على ما يُسمّى حكومة وحدة وطنية، تُشارك فيها المعارضة والنظام تحت قيادة الأسد. وترفضان هيئة الحكم الانتقالية التي تُنهي نظامه". ويُردف العمادي قائلاً إن "تغيير النظام يعني خسارة روسيا وإيران للامتيازات والاتفاقيات، والتنازلات التي قدمها لهما الأسد في سورية، سواء كانت بنى تحتية، أو امتيازات دينية، أو سياسية، أو اقتصادية. وإن قيام حكومة الوحدة الوطنية يعني الاستمرار بالالتزام بما وقع عليه الأسد، ولو رحل".

ويُعرب عن اعتقاده، بأن "نشر البنود السرية في العقد الذي وقّعه الأسد مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي أعطى روسيا بموجبه امتيازات لم تعطها أية دولة لدولة حتى في أيام الحروب الكبرى، يُفسّر تمسك روسيا باستمرارية النظام".

ويرى بأن "الإصرار على بقاء الأسد، ولو لفترة محددة، ليس إلا لضمان استمرارية الامتيازات والمكاسب التي استثمرت فيها روسيا الكثير من الأموال والمعدات، والمقاتلين". ويعتبر العمادي، أن "ما أعطاه الأسد للروس، يبيّن أيضاً أسباب تمسكهم بإدخال شخصيات في وفد المعارضة، تضمن عدم إنهاء النظام، ليس فقط من خلال المفاوضات بل من خلال تفجيرها". ويردف بأن "روسيا بهذا الإصرار وضعت وفد الهيئة العليا للتفاوض بين أمرين: إما القبول بإدخال هذه الشخصيات التي ستفسد التفاوض، وتمنعه من تحقيق أهدافه حتى قبل البدء به، أو أن ترفض الدخول في التفاوض، وبالتالي انهيار المسار السياسي الذي يختبئ وراءه الغرب وسواه لرفع المسؤولية الأخلاقية عنه، في التسبب بأكبر كارثة إنسانية لهذا القرن".

ويؤكد أنه "في أي من الحالتين تحقق روسيا ما تريده، وهو المضي في قصف المدن السورية، والفصائل المعارضة للوصول إلى ما وصلت إليه في الشيشان من اخضاع للشعب الشيشاني وتنصيب رئيس دمية يأتمر بأمرها".

ويختم العمادي بالقول: "لا شك بأن الدخول في لعبة المسار التفاوضي، بالشروط الروسية واضحة نهايته الفاشلة. بالتالي لا يبقَى أمام الهيئة العليا للتفاوض، سوى أن ترفض منذ البداية تلك الشروط ولو أدى ذلك لعدم البدء بالتفاوض، لأن ذلك سيضع العالم أمام الحقيقة التي يتهرّب من التعامل معها بمسؤولية، وهي أنه لا يمكن للشعب السوري التعايش مع حاكم يقتله".

وفي السياق، شكك وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، يوم الاثنين، في إمكانية انعقاد المفاوضات في موعدها، مشيراً في تصريحات صحافية، إلى أنه "من الصعب على المعارضة المعتدلة الذهاب إلى طاولة التفاوض، فيما تتعرّض للقصف، ومن دون أن يقدم النظام إجراءات بناء الثقة، مثل وقف قصف المدنيين، ورفع حصار بلدات المعارضة".

من جانبه، كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يؤكد الاثنين أيضاً، عقب محادثات في موسكو بين بوتين وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، أن "روسيا وقطر متمسكتان باتفاقات فيينا في شأن سورية، والتي تقضي بتهيئة ظروف تمكّن شعبها من تقرير مصيره بنفسه، وتعولان على أن بدء المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة قبل انتهاء الشهر الحالي".

اقرأ أيضاً اتفاقية دمشق وموسكو: سورية هدية لروسيا مقابل حماية النظام

المساهمون