إسقاط مروحية الدبلوماسيين يربك باكستان

09 مايو 2015
"طالبان" قالت إن الهدف كان نواز شريف (الأناضول)
+ الخط -

حاولت السلطات الباكستانية، طوال يوم أمس الجمعة، التأكيد أن سقوط مروحية تابعة للجيش الباكستاني ومقتل عدد من الدبلوماسيين كانوا على متنها في شمال البلاد، نجم عن خلل تقني، وذلك بعد تبنّي حركة "طالبان باكستان" مسؤولية إسقاط المروحية، التي نتج عنها مقتل سبعة أشخاص بينهم سفيرا النروج والفليبين، وإصابة عدد آخر بينهم سفراء لبنان ورومانيا وهولندا وجنوب أفريقيا.

وأكد وزير الدفاع الباكستاني، خواجة أصف، أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحادث نجم عن خلل فني، وليس هناك أي دليل يؤكد من قريب أو بعيد تعرّض المروحية لأي عمل إرهابي، على حد تعبيره. كما شدد وكيل الخارجية، إعزاز شودري، على أن المؤشرات الموجودة والتحقيقات الأولية تشير إلى أن الحادث وقع بسبب خلل تقني، لكن الحكومة تجري تحقيقاً في الحادث، وتدرس إمكانية إسقاطها من قبل المسلحين. غير أن شودري أوضح أن معرفة السبب ليست من الأولويات أمام الحكومة في الوقت الراهن، بل هي تصب اهتمامها الكامل على علاج الجرحى.

وكان الجيش الباكستاني قد أشار، في بيان له، إلى أن المروحية التابعة للجيش كانت تقل 17 شخصاً، ستة منهم باكستانيون والباقي أجانب، وتحطمت عند هبوطها في منطقة نلتر، شمال البلاد، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص بينهم سفيري النروج والفليبين، إضافة إلى إصابة عدد من الدبلوماسيين. كذلك أوضح الجيش أن وفداً من الدبلوماسيين الأجانب كان متوجهاً على متن ثلاث مروحيات عسكرية إلى إقليم جلجت للمشاركة في حفل تدشين مشاريع سياحية، التي أجّلت بسبب الحادث.

وعلى عكس الإعلان الحكومي، تبنّت حركة "طالبان باكستان"، على لسان المتحدث باسمها محمد الخراساني، مسؤولية إسقاط المروحية العسكرية، قائلة إن الهدف كان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، الذي كان على متن مروحية كانت تتبع المروحية المستهدفة، وذلك بهدف المشاركة في حفل تشدين بعض المشاريع السياحية. ولفت الخراساني إلى أن إسقاط المروحية العسكرية تم من خلال صاروخ مضاد للطائرات.

اقرأ أيضاً: ربيع "طالبان" ينطلق على وقع مقتل العشرات بينهم مدنيون

ويبدو أن حركة "طالبان"، وبعد تلقيها ضربات قوية على أيدي القوات المسلحة الباكستانية في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان، قد توجّهت نحو إقليم جلجت بلتستان ذات الطابع الجبلي، والمجاور كذلك لإقليم نورستان الأفغاني، وهو ما حذر منه قائد الجيش الباكستاني، الجنرال راحيل شريف، قبل أيام، عندما تحدث عن تفشي ظاهرة الإرهاب إلى كافة المدن الباكستانية، معلناً امتداد العمليات العسكريات إليها، لقمع كل من يعبث بأمن باكستان واستقرارها.

وذكر قائد الجيش الباكستاني آنذاك أن "خطر الإرهاب ما زال قائماً"، وأن الجماعات المسلّحة تعمل لبسط نفوذها في جميع مناطق باكستان، بعد أن تكبدت خسائر فادحة على يد الجيش في المناطق القبلية، متهماً الاستخبارات الهندية بدعم الإرهاب الذي يشكل خطراً على أمن المنطقة بأسرها، والوقوف وراء الجماعات المسلحة الباكستانية.

وعلى الرغم من إصرار الحكومة الباكستانية على أن السبب وراء حادث تحطم الطائرة هو الخلل التقني، إلا أنها لا محالة تدرس إمكانية وقوف "طالبان باكستان" وراء الحادث، وخصوصاً أن الأخيرة قد ادعت ذلك. وإذا ثبت فعلاً أن الحركة هي التي أسقطت المروحية، فإن لذلك دلالات خطيرة، ليس فقط تجاه بسط الحركة نفوذها إلى منطقة جلجت بلتستان الجبلية التي تشهد صراعاً طائفياً منذ فترة، بل كذلك حصول المسلحين على صواريخ مضادة للطائرات. كما سيثير تمكّن "طالبان" من الوصول إلى المنطقة المحصنة أمنياً، العديد من التساؤلات، وسيؤكد أن الحركة ما زالت تحظى بقوة عسكرية لا يُستهان بها، على الرغم من أنها خسرت معاقلها الرئيسية في وزيرستان وباقي المقاطعات القبلية.

كما أن عودة العنف إلى باكستان وبهذه الصورة، عبر استهداف الدبلوماسيين، وفي ظل إجراءات أمنية استثنائية، كما تدّعي "طالبان"، قد يجبر الحكومة على إعادة النظر في استراتيجيتها في التعامل مع الجماعات المسلحة، والعمل مع دول المنطقة، خصوصاً أفغانستان، للقضاء على مظاهر التسلّح، إذ إن أي دولة لا يمكن لها بمفردها القضاء على الجماعات المسلحة، وهو ما يدركه كل من يعرف طبيعة المنطقة، خصوصاً الحدودية بين باكستان وأفغانستان. فاستمرار دوامة الحرب في أفغانستان لا محالة يؤثر على أمن باكستان، والعكس صحيح، لذا تعمل كل من بكين وإسلام أباد وكابول منذ فترة لحلحلة الأزمة الأمنية الأفغانية.

اقرأ أيضاً: تهاوي "شبكة حقاني" قبل بدء هجوم "طالبان"

المساهمون