استبعاد نائبة ساركوزي يؤجج الخلافات داخل "الجمهوريين"

17 ديسمبر 2015
فجّرت الانتخابات الخلافات بين ساركوزي وموريزي(ليونيل بونافونتور/فرانس برس)
+ الخط -
تلقي نتائج انتخابات المناطق الفرنسية، وما تمخض عنها من مواقف وتباينات بظلالها على حزب "الجمهوريين"، بلغت حد الدخول في أزمة تهدد وحدته وتماسكه، بعدما دشن الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، الذي يترأس الحزب، مسلسل الأزمة خلال اجتماع للمكتب السياسي قبل أيام.

أعلن ساركوزي، خلال الاجتماع الذي غابت عنه شخصيات قيادية عدة وازنة، أنه يخطط لإجراء تغييرات في قيادة الحزب مطلع الشهر المقبل، مشيراً إلى أنه من المقرر استبعاد ناتالي كاوسيسكو موريزي من منصب نائبة الرئيس وعضوية المكتب السياسي. وفي ختام الاجتماع، أدلى الرئيس الفرنسي السابق بتصريح أمام وسائل الإعلام، أكد فيه أن التغييرات التي يرغب في إحداثها في هرم الحزب هدفها تشكيل "قيادة متجانسة وموحدة تشرح مواقف الحزب للرأي العام بدل انتقاده".

اقرأ أيضاً: دروس الانتخابات الفرنسية: اليمنين المتطرف يؤسس لثلاثية حزبية 

لم يفاجئ ساركوزي أحد باستهدافه موريزي، لكون هذه الأخيرة انتقدت ساركوزي بقوة الأسبوع الماضي، ونددت بموقفه غداة إعلان نتائج الدور الأول من الانتخابات حين قال إن حزب "الجمهوريين" لن يشارك في "الجبهة الجمهورية" ضد حزب الجبهة الوطنية ولن يسحب مرشحيه من المناطق التي حل فيها ثالثاً. وينتاب ساركوزي غضب شديد تجاه موريزي، الذي شغلت منصب المتحدثة باسمه خلال الحملة الانتخابية في رئاسيات 2012. وكثفت موريزي من طلعاتها في وسائل الإعلام منتقدةً مواقف ساركوزي بشكل تجاوز انتقادات خصومه السياسيين من الاشتراكيين واليمين المتطرف.
ولم تنتظر موريزي صدور قرار رسمي باستبعادها، إذ بادرت منذ يوم الثلاثاء الماضي، إلى إعلان انسحابها من القيادة وردت على ساركوزي بلهجة أكثر حدة، قائلة "إن الاعتقاد بأن تعزيز الحزب يمرّ عبر حركة تطهيرية هي فكرة ستالينية قديمة. وأستغرب أنه في الوقت الذي ينادي فيه الجميع بنقاش مفتوح لتقييم مواقف الحزب، يشرع ساركوزي في إبعاد من لا يتفقون معه".
والواقع أن العلاقة بين رئيس الحزب ونائبته تدهورت منذ أشهر عدة بعد إظهار موريزي رغبتها في الترشح للانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الجمهوريين للرئاسيات المقبلة. وهو الأمر الذي جعل ساركوزي يفكر في تهميشها وإبعادها عن القيادة الحزبية. والآن بعد هذا الطلاق الرسمي بينهما، تبدو موريزي مصممة على الترشح لهذه الانتخابات التمهيدية وإعلان الحرب رسمياً على ساركوزي ومناصريه. وهذا ما عكسه التصريح الذي أدلت به قبل أيام لإذاعة "فرانس إنفو" حين قالت "إن الحزب السياسي هو ملك المناضلين وليس القيادات. ولن نستطيع أن ننهض بفرنسا مع الرجعيين بل مع شخصيات ذات رؤية مستقبلية".

ويبدو واضحاً أن قضية موريزي ستزيد في إشعال نار الفتنة داخل الحزب. فما إن تم الإعلان عن استبعادها حتى بادر آلان جوبيه، عمدة مدينة بوردو، رئيس الوزراء الأسبق، إلى الدفاع عن حق الشخصيات الحزبية "في التعبير عن حساسية مختلفة". واعتبر جوبيه أن "الإقصاء ليس جواباً سليماً"، منتقداً أسلوب غريمه ساركوزي في قيادة الحزب بطريقة استفرادية. وبهذا يكون جوبيه مهّد أيضاً لمعركة شرسة مع ساركوزي خلال الانتخابات التمهيدية، وقد يعقد تحالفاً مع موريزي ومنافسين آخرين لساركوزي.
وبالإضافة إلى جوبيه، انبرى رئيس الوزراء السابق، جان بيار رافاران، الذي يعد أحد الشخصيات اليمينية التاريخية، إلى انتقاد عملية استبعاد موريزي، ولا سيما أنه كان أيضاً من أبرز المنتقدين لرفض ساركوزي التحالف مع الاشتراكيين لقطع الطريق على اليمين المتطرف في الدور الثاني من انتخابات المناطق الفرنسية. وهذا ما جعل رافاران يعبّر الأسبوع الماضي عن رغبته في الانسحاب من قيادة "الجمهوريين" لمعارضته الخط السياسي لساركوزي، مشيراً إلى أنه سينسحب من منصب رئيس المجلس الوطني للحزب.
وفي سياق هذه الأزمة المفتوحة في حزب الجمهوريين، أعلن القيادي في الحزب، غزافيي برتران، المفاجأة غداة فوزه برئاسة مجلس منطقة "نور با دو كالي بيكاردي" في مواجهة زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان بفضل أصوات اليسار. وأعلن أنه تراجع عن قرار ترشيح نفسه للانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح "الجمهوريين" للرئاسيات المقبلة. واعبر برتران أن قراره نهائي ولا رجعة فيه، بعدما كان الشخصية اليمينية الأولى التي أعلنت ترشحها لهذه الانتخابات التمهيدية في منافسة مباشرة لساركوزي.
وعلى الرغم من أنه لم ينتقد هذا الأخير، فإنه لم "يستوعب" بعد كيف أن ساركوزي دعا لعدم التحالف مع اليسار الاشتراكي لصد اليمين المتطرف وهذا كان يعني ضمنياً خسارته في مواجهة لوبان.
وتنذر الأيام المقبلة بالمزيد من الخلافات داخل الحزب قد تذهب حد التمهيد لانشقاقات بسبب المنافسة الشرسة حول الانتخابات التمهيدية بين ساركوزي وجوبيه وأيضا رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيلون الذي دخل في منافسة شرسة وحرب كلامية مع ساركوزي منذ حوالي سنتين.
ومن المنتظر أن يكون انعقاد المجلس الوطني للحزب في 13 يناير/ كانون الثاني المقبل مناسبة لنقاش ساخن بين كوادر الحزب والقيادة حول الخط السياسي للحزب واستراتيجيته في أفق الانتخابات الرئاسية المقبلة، فضلاً عن الاتفاق على تاريخ محدد لعقد الانتخابات التمهيدية.

اقرأ أيضاً: فرنسا تنحاز لساركوزي وتخرج اليمين المتطرف بانتخابات مجالس المناطق

المساهمون