زيارة تواضروس إلى القدس: تطبيع عملي وتمسك نظري بالمقاطعة

27 نوفمبر 2015
الزيارة تكسر قرار الكنيسة بمنع السفر للقدس(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -



جاءت زيارة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثالث، إلى القدس المحتلة، صباح أمس الخميس، لتفجّر جدلاً بين شعب الكنيسة المصرية. صحيح أن الكنيسة القبطية أصرت على أن الزيارة لا تشكل خرقاً لموقفها التاريخي، منذ البابا شنودة لناحية التمسك بعدم التطبيع ولو كان دينياً، إلا أنها، عملياً، كسرت الخط الأحمر وإن كان طابعها رعوياً.

ففي الوقت الذي رأى ناشطون كنسيون الأمرَ زيارة رعوية، اعتبر عدد من الناشطين السياسيين الأقباط، أن الزيارة تعد انتهاكاً واضحاً، خصوصاً أنها تأتي بعد 25 عاماً من قرار المجمع المقدس في 26 مارس/آذار 1980، بمنع سفر الحجاج المسيحيين إلى القدس كنوع من رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

وقال الناشط المسيحي، رامي نبيه، إن زيارة تواضروس إلى القدس خطوة مقصودة وليست عفوية، لكسر قرار منع زيارة المدينة المقدسة، ومن ثم بدء زيارة المواطنين الأقباط. ورفض نبيه بعض التبريرات الصادرة عن الكنيسة أن الزيارة استثنائية للمشاركة في الصلاة على مطران القدس، الأنبا أبراهام، قائلاً "لا يوجد شيء اسمه زيارة استثنائية، المبدأ واحد، كان من الممكن إرسال وفد يصلي على الأنبا"، مضيفاً: "الزيارة ستكون سنداً قوياً لبعض من يريدون كسر قرار الكنيسة، وزيارة القدس للتبرك بها قبل مماتهم".

من جهته، اعتبر مؤسس "ائتلاف أقباط مصر" الناشط فادي يوسف، أن الزيارة ليست إلا لإجراء مراسم الجنازة للرجل الثاني في الكنيسة، وهو مطران القدس، الذي جرت العادة أن يُدفن في القدس، مشيراً إلى أنها لن تتضمن زيارة للأماكن المقدسة في المدينة، رافضاً الهجوم الذي يتعرض له تواضروس.

اقرأ أيضاً: القاهرة تستعين ببابا الأقباط لمعالجة عجزها في مفاوضات "النهضة"

أما مؤسس "التيار العلماني" القبطي كمال زاخر، فشدد على أن البابا تواضروس، ليس ممثلاً سياسياً للأقباط، مؤكداً أن الزيارة ليس لها أي علاقة بالشأن السياسي، ولا يعتد بها فيما يتعلق بقرار رفض التطبيع مع إسرائيل. وقال "إن "الكثير من الأقباط يسافرون إلى القدس عبر شركات سياحية معتمدة من الحكومة المصرية"، مشدداً في الوقت ذاته على التمسّك بالقرار السياسي المتعلق برفض التطبيع. وأضاف: "علينا الخروج من الازدواجية التي تخلط بين الديني والسياسي".

من جهته، اعتبر أحد مؤسسي حزب "الكرامة" المصري النائب السابق، أمين اسكندر، أن الزيارة تمثّل خطراً على قرار الكنيسة برفض التطبيع الذي اتخذه البابا شنودة، مضيفاً "قرار البابا بالسفر جانبه الصواب"، وكان عليه أن يتوخى الحذر كونه يمثّل المرجع القبطي الأول في الشرق الأوسط.

أما الكاتب الصحافي والباحث الاقتصادي، وائل جمال، فربط بين زيارة تواضروس للقدس وبين عدد من القرارات الأخيرة للنظام المصري، لافتاً إلى "الأخبار التي برزت في الأيام الماضية، كتصويت مصر لصالح انضمام إسرائيل للجنة الأمم المتحدة للاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي لأول مرة في التاريخ، ثم المفاوضات لتوسيع نشاط اتفاقية الكويز في المنتجات الغذائية مع إسرائيل وأميركا، ثم مشاركة إسرائيل في عمليات البحث عن الطائرة الروسية في سيناء، وتوقيع اتفاق استيراد الغاز من إسرائيل، وأخيراً زيارة البابا إلى القدس".

في مقابل ذلك، سعت الكنيسة القبطية للتشديد على الطابع الرعوي للزيارة، وقال المتحدث باسم الكنيسة القس، بولس حليم، إن الكنيسة لم ولن تغير موقفها من زيارة القدس، وزيارة البابا تواضروس التي تُعد الأولى، منذ العام 1967، لبابا الإسكندرية إلى الأراضي المحتلة، هي زيارة رعوية لأبرشية القدس من دون أيّ أبعاد سياسية.

وأشار في تصريحات صحافية، إلى أن "الزيارة تأتي في إطار تكريم الكنيسة للأنبا أبرام، وقيمته الروحية لدى الأقباط"، مؤكداً تمسّك الكنيسة القبطية بموقفها الذي تبناه البابا الراحل، شنودة، أن زيارة القدس مرهونة بزوال الاحتلال، ودخولها مع الأشقاء المسلمين.

تجدر الإشارة إلى أن البابا تواضروس زار القدس، على رأس وفد كنسي ضم: مطران دمياط وكفر الشيخ الأنبا بيشوي، أسقف ورئيس دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون الأنبا صرابامون، أسقف ورئيس دير الأنبا أنطونيوس في البحر الأحمر الأنبا يسطس، أسقف ورئيس دير مار مينا في مريوط الأنبا كيرلس آفا مينا، أسقف وسط الجيزة الأنبا ثيئودوسيوس، سكرتير البابا القس أنجيلوس إسحق، والأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط جرجس صالح.

اقرأ أيضاً: مسيحيو مصر: جدل الأرقام يتكرر قبل الاستحقاقات الانتخابيّة

المساهمون