ولاية الحكومة الإسرائيلية تدخل مرحلة حرجة

18 يونيو 2022
بينت قلق من سقوط الحكومة قبل زيارة بايدن لإسرائيل (Getty)
+ الخط -

دخلت الحكومة الإسرائيلية في مرحلة حرجة لجهة الفترة المتبقية لها، مع إصرار عضو الكنيست نير أورباخ، من حزب "يمينا"، الذي يتزعمه رئيس الحكومة نفتالي بينت، على عدم الإفصاح عن قراره الرسمي بشأن بقائه في الائتلاف الحاكم، أو التصويت يوم الأربعاء المقبل مع اقتراح قانون لحل الكنيست والذهاب إلى انتخابات جديدة.

وزاد أورباخ على عدم الشفافية بشأن الموعد الذي سيختاره للقيام بخطوته هذه، بخروجه لإجازة عائلية حتى مطلع الأسبوع المقبل، مع إمهال بينت حتى يوم الإثنين المقبل لضمان أغلبية لتمديد قانون سريان أنظمة الطوارئ، بفرض القانون المدني على المستوطنين في الضفة الغربية، علماً أن الموعد الأخير لتمديد هذه الأنظمة هو نهاية الشهر الحالي.

إقفال أورباخ هاتفه زاد من غموض موقفه

وزاد أورباخ على ذلك بأن أقفل هاتفه أمام المكالمات الواردة، سواء من بينت، أو من زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، مع أنه كان سرب معلومات عن إجرائه اتصالات مع حزب "الليكود"، الذي يقوده نتنياهو، بشأن مستقبله السياسي، في حال انشق نهائياً عن الحكومة الحالية، وصوّت ضد استمرارها ومع حلها والذهاب لانتخابات جديدة.

تسيطر التكهنات على مصير الاتصالات بين نير أورباخ ونتنياهو

وفي وقت يشعر فيه أورباخ بأنه يملك مفاتيح بقاء الحكومة، مثله في ذلك مثل عضوي الكنيست العربيين في الائتلاف الحكومي، غيداء ريناوي زعبي ومازن غنايم، اللذين كانا قد صوّتا ضد تمديد أنظمة الطوارئ المذكورة، فأبرزا بشكل أكبر حالة تفكك الائتلاف الحالي وقرب نهاية عمر الحكومة، فإن ما يقلق بينت هو بالضبط ما يأمل حصوله رئيس الحكومة البديل، وزير الخارجية يئير لبيد، وهو أن تسقط الحكومة الحالية قبل موعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل، المقررة في 13 يوليو/تموز المقبل.

هذا يعني تلقائياً، إذا ما كان سبب سقوط الحكومة هو تنفيذ أورباخ لتهديداته، تسلّم لبيد مقاليد الحكم رئيساً لحكومة تصريف الأعمال، وقطف نجومية استقبال بايدن في مطار بن غوريون. وهو ما ستكون له أيضاً دلالات سيئة على مستقبل بينت السياسي، واختفاء حزبه "يمينا" عن الخريطة الحزبية في إسرائيل.

وتسيطر التكهنات، الواقعية منها والوهمية، مثل الدعايات والإشاعات والأخبار الكاذبة التي تتقاذفها وسائل الإعلام الإسرائيلية وشبكات التواصل الاجتماعي، بشأن مصير الاتصالات بين أورباخ ونتنياهو، أو حول اتصالات سرية بين "الليكود" ووزيرة الداخلية، الحليف الأقوى لبينت في الحكومة، أيليت شاكيد، لحثها قبل فوات الأوان، على القفز من سفينة بينت الغارقة، والانشقاق بسرعة مع أورباخ وعيديت سيلمان وأفير كارا عن حزب "يمينا"، وتشكيل كتلة مستقلة، لضمان انضمامهم مستقبلاً إلى حزب "الليكود" على لائحته الانتخابية.

تسريبات عن عدم الثقة بتعهدات نتنياهو

لكن الأمر لا يقف عند هذه الأخبار والتسريبات. ففيما تجد هذه الروايات ما يعزز لدى المتلقي احتمالية حدوثها، تنطلق بسرعة البرق وبشكل مضاد أيضاً أخبار وتسريبات عن أن شاكيد وأورباخ وسيلمان لا يثقون بتعهدات نتنياهو، ولا بأن يلتزم بوعوده، بالنظر إلى سجله المثبت في خرقها.

فقد حدث ذلك مع وزير الأمن الحالي بني غانتس، ومع عضو الكنيست السابق موشيه فيغلين، وحتى قبل سنوات مع زعيم حزب "العمل" السابق يتسحاق هرتسوغ، عندما أدار معه مفاوضات لتوسيع حكومته بوساطة مصرية، ليتجه في النهاية إلى تدعيم حكومته آنذاك في العام 2016 بضم أفيغدور ليبرمان للحكومة وإبقاء هرتسوغ وحزب "العمل" في المعارضة.

وإذا كانت هذه السيناريوهات المتسارعة والمتناقضة غير كافية، فإن آخر التسريبات في اليومين الماضيين، أشارت إلى أن نتنياهو أصلاً لم يعد معنياً بضم شاكيد أو أورباخ، أو حتى حزب "تكفا حداشاه" بقيادة وزير القضاء غدعون ساعر، الذي أجرى "الليكود" معه اتصالات لفحص إمكانية تشكيل حكومة يمين بديلة للحكومة الحالية.

نتنياهو يتسلح باستطلاعات الرأي

وتحدثت التسريبات عن أن نتنياهو متسلح أصلاً بنتائج الاستطلاعات الأخيرة التي تظهر تمدد قوة حزبه إلى 35 مقعداً، وازدياد قوة حزب الصهيونية الدينية إلى 9 مقاعد، ما سيمكّنه مع حزبي الحريديم، "شاس" و"يهدوت هتوراة"، من تشكيل ائتلاف حكومي يتمتع بأغلبية 61 صوتاً على الأقل، لأول مرة منذ أربع سنوات شهدت فيها إسرائيل أربع معارك انتخابية.

يبدو أن نتنياهو نجح حالياً في هز استقرار الحكومة وزعزعة ثقة رئيسيها بالتناوب
 

ولم يوقف نتنياهو حربه الدعائية ضد الحكومة الحالية والطعن في شرعيتها اليهودية والصهيونية، لاعتمادها على أصوات القائمة الموحدة بقيادة منصور عباس في ائتلافها الحاكم من جهة، وعلى عدم تهديد بقائها من قبل القائمة المشتركة لثلاثة أحزاب عربية غير مشاركة في الائتلاف الحكومي، بقيادة أيمن عودة، بزعم سد الطريق أمام عودة نتنياهو.

ويبدو أن نتنياهو نجح، حالياً، في هز استقرار الحكومة وزعزعة ثقة رئيسيها بالتناوب، بينت ولبيد، بإمكانية إنهائها ولايتها الرسمية كاملة. وهو ما تجلّى بمحاولة بينت إقناع أورباخ بالإبقاء على الائتلاف الحكومي، على الأقل لحين انتهاء زيارة بايدن لإسرائيل. وقد زاد نشر خبر هذا الطلب في الأيام الأخيرة، في مفاقمة أزمة الحكومة الحالية وبدء العد التنازلي لها، ما جعل نتنياهو يصف احتضارها بعبارة ساخرة، قائلاً بأنه "أطول جنازة لحكومة في إسرائيل".

المساهمون