سعى البيت الأبيض الثلاثاء لاحتواء أزمة دبلوماسية متفاقمة مع بكين بإعلانه أنّ المؤشّرات الأولية تدلّ على أنّ "الأجسام الطائرة" غير المحدّدة الثلاثة التي أسقطتها مقاتلات أميركية، ليست متّصلة ببرنامج صيني للتجسّس بوساطة مناطيد.
ويسود القلق في الولايات المتّحدة منذ رُصد منطاد صيني أبيض كبير يحلّق فوق عدد من المواقع النووية السرية. وأسقطت مقاتلة أميركية هذا المنطاد في الرابع من فبراير/شباط قبالة السواحل الشرقية للبلاد.
وعلى أثر هذه الواقعة، أجرى الجيش الأميركي تعديلا لمعايير ضبط أجهزة الرادار لتمكينها من رصد أجسام أصغر حجما، ما أسفر عن رصد ثلاثة أجسام طائرة إضافية غير محددة أمر الرئيس الأميركي جو بايدن بإسقاطها تباعاً.
وأسقط أحد هذه الأجسام فوق ألاسكا والثاني فوق كندا، أما الثالث فأسقط فوق بحيرة هيرون الواقعة على ضفاف ولاية ميشيغن.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن السلطات الأميركية "ليس لديها حتى الآن أي مؤشر أو معطى يشير بالتحديد إلى أن الأجسام الثلاثة جزء من برنامج مناطيد التجسّس" الصيني أو إلى "أنها ضالعة بالتأكيد في جهود خارجية لجمع معلومات استخبارية".
وتعدّدت النظريات في الكونغرس ووسائل الإعلام وحتى عامة الشعب حول طبيعة هذه المناطيد، وتراوحت بين اعتبارها عملية تجسّس صينية منسّقة وصولا إلى فرضية الكائنات الفضائية.
لكنّ مسؤولين كثرا باتوا يشيرون حاليا إلى أنّ الأجسام الطائرة الثلاثة الجديدة تبدو غير صينية وغير مرتبطة بالتجسّس.
وأشار كيربي إلى أن الأجسام الثلاثة "قد تكون ببساطة مناطيد مرتبطة بكيانات تجارية أو بحثية وبالتالي غير ضارّة"، وبدا أنه يرجّح الفرضية الأخيرة.
من جهتها، أقرّت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار بأنّ هوية الجهات المالكة للأجسام الثلاثة لا تزال مجهولة، لكنّها شدّدت على وجوب أن "يعي الأميركيون، الشعب الأميركي، أنّه لا داعي للذعر".
وتنفي الصين استخدام مناطيد للتجسس وتقول إن المنطاد الذي أسقط قبالة الساحل كان مخصصاً لأبحاث مرتبطة بالطقس، أما المنطاد الآخر الذي رُصد فوق أميركا اللاتينية فكان يستخدم للتدريب على التحليق، بحسب بكين.
والإثنين اتّهمت السلطات الصينية واشنطن بنشر مناطيد أميركية تجسسية فوق أراضيها، وهو ما نفاه مسؤولون أميركيون.
وانعكس السجال توتراً في العلاقات الدبلوماسية بين القوتين العظميين المتنافستين، ودفع وزير الخارجية أنتوني بلينكن لإلغاء زيارة نادرة كانت مقرّرة إلى بكين.
بحث معقّد
وشدّد كيربي على أنّ الصين تدير "برنامجاً مدروساً وممولاً بشكل جيد" لاستخدام مناطيد يمكنها التحليق على ارتفاعات عالية يصعب اكتشافها، بهدف التجسس على الولايات المتحدة ودول أخرى.
لكن لا مجال لحسم ما إذا كانت الأجسام الطائرة الثلاثة الأخيرة التي أسقطت جزءاً من هذا البرنامج إلا بعد تحليل الحطام، وهذا الأمر يستغرق وقتا أطول مما تريده السلطات الأميركية. وأكّد كيربي أنّ انتشال الحطام من شأنه توضيح هذه المسائل.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، إنه نظرا لرداءة الأحوال الجوية والظروف الجغرافية في الحالات الثلاث "ندرك أنّ تحديد موقع الحطام وانتشاله قد يستغرقان بعض الوقت".
وتبقى كيفية ضبط معايير أجهزة الرادار التابعة للجيش الأميركية عالقة. فإذا تبيّن أن الأجسام الثلاثة التي أسقطت تابعة لشركات خاصة أي بمعنى آخر غير معادية، عندها سيتعيّن على البنتاغون أن يقرّر ما إذا عليه التصدي بهذا القدر من الشدة عند كل عملية رصد.
وأعلن كيربي أنّ الوكالات الأمنية تجري تحقيقا مشتركا، وأشار إلى أنه لم يقل يوما إن هناك قرارا متّخذا "بإسقاط أي جسم طائر".
وفي معرض ردّها على سؤال حول ما إذا بايدن بالغ في ردّ الفعل وما إذا سيكون محرجا في حال تبيّن أنّ الأجسام الثلاثة التي أسقطت لم تكن ضارة على غرار مناطيد دراسة الطقس، قالت جان-بيار: "لا أعتقد أنّ الرئيس سيكون محرجاً"، مشدّدة على أنّ بايدن اتّخذ الإجراء حرصاً على بقاء "مجالنا الجوي، مجالنا الجوي المدني، آمنا".
(فرانس برس)