ميرال أكشنر... امرأة حديدية وصاحبة تاريخ سياسي متذبذب

إسطنبول

جابر عمر

جابر عمر
03 مارس 2023
ميرال أكشنر
+ الخط -

فاجأت زعيمة "الحزب الجيد" ميرال أكشنر، اليوم الجمعة، الأوساط السياسية في تركيا بقرارها الانسحاب من الطاولة السداسية للمعارضة، وهي التي توصف بالمرأة الحديدية، وأول وزيرة في تاريخ تركيا، وتاريخها السياسي مليء بالتحولات والتذبذبات وتغيير الأحزاب.

ورفضت أكشنر في كلمة لها اليوم ترشح حليفها في "تحالف الشعب"، زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كلجدار أوغلو للانتخابات الرئاسية منافساً للرئيس رجب طيب أردوغان، ودعت لترشح عمدتي أنقرة منصور ياواش وإسطنبول أكرم إمام أوغلو، بدلاً منه وكلاهما من "حزب الشعب الجمهوري".

وكانت الطاولة السداسية قد أعلنت في بيان مقتضب أمس الخميس تفاهمها حول المرشح الرئاسي المشترك، على أن يتم الإعلان عنه الاثنين المقبل، بعد موافقة أجهزة كل حزب على أسماء المرشحين المطروحين.

وشارك في الاجتماع، وهو الـ13 من نوعه للطاولة السداسية، كلّ من كلجدار أوغلو، وأكشنر، ورئيس "حزب السعادة" تمل قره موللا أوغلو، ورئيس "حزب دواء" علي باباجان، ورئيس "حزب المستقبل" أحمد داود أوغلو، ورئيس "الحزب الديمقراطي" غولتكين أويصال.

و"الحزب الجيد" الذي تأسس في عام 2017 تمكن بفضل تحالفه مع "حزب الشعب الجمهوري" من دخول البرلمان في العام التالي، كواحد من الأحزاب الخمسة الكبرى التي تجاوزت العتبة البرلمانية البالغة آنذاك 10 بالمائة، وحصل على 37 مقعداً، وأصبح خامس الأحزاب البرلمانية ترتيباً.

من هي ميرال أكشنر؟

توصف زعيمة الحزب بأنها المرأة الحديدية، وُلدت في عام 1956 في ولاية إزمير لعائلة مهاجرة من سالونيك اليونانية، ودرست الجامعة في قسم التاريخ بجامعة إسطنبول، وعملت في التعليم، قبل إكمال تعليمها بجامعة مرمرة في الدراسات العليا والدكتوراه في التاريخ أيضاً.

دخلت أكشنر الحياة السياسية التركية مع حزب "الطريق القويم" في عام 1995، رئيسة للذراع النسائية للحزب، ودخلت البرلمان في العام نفسه، وتولت منصب وزيرة الداخلية في العام التالي ضمن الحكومة الائتلافية مع "حزب الرفاه"، لتكون أول وزيرة بتاريخ تركيا.

انتهت مهام أكشنر كوزيرة في عام 1997، مع انتهاء مهام الحكومة عقب الانقلاب الأبيض في البلاد، لتدخل البرلمان في انتخابات عام 1999 ضمن حزب "الطريق القويم" أيضاً، وتنضم لاحقاً إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مرحلة تأسيس "حزب العدالة والتنمية" في عام 2001، وبعد 3 أشهر فقط، أعلنت انضمامها إلى حزب "الحركة" القومية اليميني.

عادت أكشنر إلى البرلمان في عام 2007، عن حزب "الحركة القومية"، وكانت مقربة من زعيم الحزب دولت باهتشلي. وفي انتخابات عام 2015، لم يرشحها "الحزب القومي" ضمن قوائمه الانتخابية للبرلمان، ودعت عبر القضاء لإجراء المؤتمر العام للحزب وترشحت لرئاسته، ولكن مركز الحزب رفض القرار وطردها، وبعد معركة قضائية خسرتها أكشنر، طُردت من حزب "الحركة القومية".

وفي عام 2017، أسّست أكشنر "الحزب الجيد"، ودخلت البرلمان وتحالفت مع أحزاب المعارضة، منهية فترة من التذبذبات والتمرد السياسي، وساهمت عبر "تحالف الشعب"، الذي ضمها إلى جانب "حزب الشعب الجمهوري"، و"حزب السعادة"، و"الحزب الديمقراطي"، في تحقيق تقدم بانتخابات الإدارة المحلية في عام 2019.

وتمكن تحالف الشعب من الفوز بكبرى المدن التركية، متفوقاً على التحالف الجمهوري الحاكم الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان، وخاصة مدينة إسطنبول، والعاصمة أنقرة، وإزمير، وأنطاليا، وأضنة، وغيرها.

وشكّل فوز المعارضة أملاً للأحزاب السياسية من أجل إنهاء حكم الرئيس أردوغان المستمر منذ 21 عاماً، ولهذا تم تشكيل الطاولة السداسية في فبراير/شباط من العام الماضي، والتي ضمّت، إلى "تحالف الشعب"، "حزب المستقبل" ورئيسه المنشق عن "حزب العدالة والتنمية" الحاكم ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، ورئيس "حزب دواء" المنشق أيضاً عن "العدالة والتنمية" ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان.

وعانت أكشنر داخل حزبها من انشقاقات أيضاً، رغم حداثة عهده، ومنهم النائب أوميت أوزداغ الذي أسّس "حزب النصر"، ويقوم على سياسة عداء الأجانب.

تشتت المعارضة التركية

ويُعتبر ترك أكشنر للطاولة السداسية اليوم الجمعة استكمالاً لمسيرة من التقلبات والتنقلات في تاريخها السياسي. وتعتقد أكشنر، بحسب تصريحاتها اليوم، أن نبض الشارع يقف إلى جانب عمدة إسطنبول وعمدة أنقرة، فيما أكد كلجدار أوغلو عدة مرات أن العمدتين مستمران بمهامهما، لأن استقالة أي واحد منهما تعني فقد البلدية التي يرأسها لما لها من أهمية، وسيطرة "حزب العدالة والتنمية" على مجلسها، ما يعني عودتها للحزب الحاكم.

كما أن ترشيح عمدة إسطنبول كمرشح وحيد مشترك عن المعارضة، يحمل مخاطر كبرى، خصوصاً بعد تلقيه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي حكماً قضائياً بالسجن لأكثر من عامين، في حال تأكيده في المحكمة الاستئنافية، سيؤدي إلى حرمانه من ممارسة العمل السياسي، ما قد يضع المعارضة في موقف صعب في حال منعه، وانتهاء فترة الترشيحات، ولهذا يطرح اسم عمدة أنقرة أيضاً.

وقرار أكشنر اليوم يؤكد أن الانتخابات المقبلة لن تجرى بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومرشح واحد عن المعارضة فقط، بل سيكون هناك عدة مرشحين، ما يبعثر أصوات المعارضة أكثر، وفي حال عدم حسم الانتخابات بالمرحلة الأولى وعدم حصول أي مرشح على نسبة 50 بالمائة زائداً واحداً، فإن المعارضة ستعود لدعم المرشح الأقرب لأردوغان، وهو ما سيدخل أصوات المعارضة في متاهة أخرى.

ومن المنتظر أن تشهد الساحة السياسية نقاشات كبيرة جراء التطورات التي حصلت، وإعادة المعارضة ترتيب الصفوف، حيث لم يتبقَ وقت طويل للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 مايو/ أيار المقبل، والتي وصفها الرئيس أردوغان في وقت سابق بأنها "مفترق طرق".

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
احتجاج ضد مقتل الطفلة نارين غوران في تركيا، 9 سبتمر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

لم تلق جريمة قتل بتركيا، ما لقيه مقتل واختفاء جثة الطفلة، نارين غوران (8 سنوات) بعدما أثارت قضيتها تعاطفاً كبيراً في تركيا واهتماماً شخصياً من الرئيس التركي
الصورة
عبد الله النبهان يعرض بطاقته كلاجئ سوري شرعي (العربي الجديد)

مجتمع

تنفذ السلطات التركية حملة واسعة في ولاية غازي عنتاب (جنوب)، وتوقف نقاط تفتيش ودوريات كل من تشتبه في أنه سوري حتى لو امتلك أوراقاً نظامية تمهيداً لترحيله.
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..