منطقة أبيي... اشتباكات أهلية على حدود السودان وجنوب السودان

31 يناير 2024
عنصران من "يونيسفا" في أبيي، ديسمبر 2016 (ألبيرت غونزاليز فاران/فرانس برس)
+ الخط -

بصورة مفاجئة تفجّرت الأوضاع في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، وتسببت الهجمات ذات الطابع القبلي منذ السبت الماضي في مقتل وإصابة عشرات المدنيين، ومقتل جنديين من قوة "الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة في أبيي" (يونيسفا)، فيما لا تزال الأوضاع الأمنية متوترة، حيث ينتشر السلاح بكثرة في أيدي المدنيين على حدود البلدين.

منطقة أبيي... تاريخ الصراعات

وتمثل منطقة أبيي الغنية بالنفط محل نزاع بين السودان وجنوب السودان منذ انفصال جوبا عن الخرطوم في عام 2011. وخلال الاتفاق الذي تم بموجبه إنهاء الحرب بين الشمال والجنوب في عام 2005، حصلت أبيي على وضع خاص ضمن اتفاقية السلام، لأن سكانها مزيج من القبائل المتداخلة بين الدولتين، وقد شهدت على مدار السنوات الماضية العديد من الصراعات الأهلية المسلحة.

واستجاب مجلس الأمن الدولي بموجب قراره رقم 1990 بتاريخ 27 يونيو/ حزيران 2011، للوضع المتوتر في أبيي، بتأسيس بعثة "يونيسفا"، وكلفها بمراقبة الحدود بين الشمال والجنوب وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، كما خُوِلَت لها سلطة استخدام القوة من أجل حماية المدنيين والعاملين في المجالات الإنسانية في المنطقة.

وعقب الهجوم الأخير أصدرت "يونيسفا" بياناً في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، دانت فيه بشدة سلسلة الهجمات المسلحة التي وقعت، وأكدت أن الاشتباكات القبلية التي وقعت في مناطق نيينكواك وماغبونغ وخاديان أدت إلى وقوع إصابات وإلى إجلاء المدنيين إلى قواعد القوة الأمنية لتوفير السلامة لأولئك الذين وقعوا في شرك أعمال العنف. وذكرت القوة الأممية في بيان أن قاعدتها في منطقة أغوك تعرضت لهجوم من جانب جماعة مسلحة. وصدت البعثة الهجوم، ولكن أحد حفظة السلام الغانيين قتل خلال الحادث.


أنطوانيت ميداي: لا يزال الوضع حالياً متوتراً بعد أعمال العنف

لكن تفاقم الاشتباكات قاد القوة الأممية لإصدار بيان آخر، أول من أمس الاثنين، عبّرت فيه عن قلقها إزاء استمرار الاشتباكات القبلية التي أدت إلى مقتل جندي آخر من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من باكستان، الأحد الماضي. وأعلنت أنه وفقاً للسلطات المحلية، فقد 52 مدنياً أرواحهم، وأُصيب 64 آخرون بجروح خطيرة. وأشارت إلى أنه كجزء من ولايتها المتمثلة في حماية المدنيين، سمحت القوة الأمنية لجميع الأشخاص المعرضين لخطر وشيك بالبحث عن ملجأ في بعض معسكراتها.

بدوره، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أعمال العنف التي اندلعت في منطقة أبيي الإدارية والهجمات ضد قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مؤكداَ أن مثل هذه الهجمات "قد تشكل جرائم حرب".

وأعرب غوتيريس في بيان للمتحدث باسمه، صدر أول من أمس الاثنين، عن قلقه العميق إزاء أعمال العنف التي وقعت في المنطقة يومي السبت والأحد الماضيين. ودعا حكومتي السودان وجنوب السودان إلى التحقيق في الهجمات على وجه السرعة.

وقالت المتحدثة باسم "يونيسفا" أنطوانيت ميداي لـ"العربي الجديد"، إن الصراع الذي حدث كان بين قبيلتي دينكا نقوك والنوير، وأنه لم يتم إلقاء القبض على أي شخص. وأضافت أنه "لا يزال الوضع حالياً متوتراً بعد أعمال العنف"، مشيرة إلى أن "الأمين العام للأمم المتحدة دعا حكومتي السودان وجنوب السودان إلى التحقيق بسرعة في الهجمات، بمساعدة القوة الأمنية المؤقتة، وتقديم الجناة إلى العدالة".

ظروف القتال في أبيي

من جهة أخرى، أوضح المتحدث باسم إدارية أبيي بولس كوك، لمحطة "راديو تمازج"، العاملة في الولايات الحدودية بين البلدين، أن قوات "قاي ماشيك" التابعة لمقاطعة تويج، من ولاية واراب، تسللت إلى معسكر النوير في أبيي وبدأت في إطلاق النار على الشرطة والشبان المسلحين، ما أدى إلى مقتل واصابة العديد من المدنيين.

ولفت إلى أن الهجمات وقعت في أربعة أماكن. وفي حديث مع المحطة ذاتها، نفى محافظ مقاطعة تويج، بولاية واراب الجنوب سودانية، سايمون أقويك شان تورط شبان تويج في الهجوم. وأضاف أن "ما سمعته هو أن القتال وقع بين شبان مسلحين في أبيي وشبان مسلحين من النوير".


مسؤول باللجنة الإشرافية: الوضع متوتر جداً ونتوقع مزيداً من القتال

من جانبه، قال مصدر مسؤول في اللجنة الإشرافية المشتركة لمنطقة أبيي من جانب السودان، لـ"العربي الجديد"، إن الصراع اندلع بين قبيلتي دينكا نقوك والنوير السبت الماضي، وأن هناك قتلى من الطرفين، كما قُتل جنديان من القوة الأممية، باكستاني وغاني، وجُرح 4 جنود باكستانيين.

وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن هناك ضحايا من الطرفين من نقوك والنوير، وأنهم يتوقعون أن يسوء الوضع. ونفى أن تكون للمواطنين السودانيين علاقة بالأمر، وذكر أنه فقط هناك سائق اسمه آدم حسن من أبناء إقليم دارفور قُتل أثناء مروره صدفة في ساحة الاشتباكات.

وتابع المسؤول: "الوضع متوتر جداً ونتوقع مزيداً من القتال في ظل ما نراه الآن، ولم تردنا معلومات عما إذا كان هناك من تم إلقاء القبض عليه". وأشار إلى أن "دينكا نقوك هم مواطنون سودانيون وفقاً للبروتوكول، إلا أن بعضهم يقول إنهم جنوب سودانيون". وأكد أن "لدينا إدارية في شمال أبيي لجهة منطقة أم بلايل شمالاً، وللجنوبيين إدارية من أبيي المدينة جنوباً".

وشدّد المسؤول على أنه "وفقاً لاتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية الموقتة لمنطقة أبيي، الموقعة في 20 يونيو 2011، التي لم تنفذ، هناك إدارية واحدة رئيسها من مرشحي جنوب السودان ونائبه من السودان، أما اللجنة الإشرافية، المعنية بالجانبين السياسي والأمني، فيقودها رئيسان مشتركان واحد من السودان والآخر من جنوب السودان".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون