شارك مئات الأردنيين، بعد صلاة ظهر اليوم الجمعة، في مظاهرة أمام المسجد الحسيني، وسط العاصمة عمّان، الأولى من نوعها في ظل جائحة كورونا، للمطالبة بوقف العمل بقانون الدفاع ووقف سياسة رفع الأسعار، وسط حضور أمني كثيف.
واحتشد المتظاهرون في المسيرة التي دعت إليها الحركة الشعبية للتغيير (تغيير)، إضافة إلى أحزاب "الشراكة والإنقاذ"، و"جبهة العمل الإسلامي"، و"أردن أقوى"، و"المستقبل الأردني"، و"الحراك الأردني الموحد"، و"الحياة"، رغم إعلان محافظ العاصمة ياسر العدوان قرار منع المظاهرة.
ويبدو أن قرار السلطات الأردنية السماح بالمسيرة، رغم قرار المحافظ بمنعها، جاء لعدم خلق توتر في البلاد التي تعاني ظروفا اقتصادية صعبة، وسط احتقان شعبي في ظل عجز الحكومة عن إيجاد حلول لقضايا البطالة والفقر، واستمرار العمل بقانون الدفاع.
وطالب المشاركون السلطات بضرورة وقف العمل بقانون الدفاع بشكل فوري، ووقف سياسة رفع الأسعار والتضييق على المواطنين.
وردد المشاركون هتافات تطالب بحرية الرأي والتعبير والحريات العامة، والعمل على إحداث نقلة حقيقية صادقة وجادة في مجال محاربة الفساد، باعتبار أن الظاهرة أصبحت تستنزف موارد الدولة بشكل كبير، مما انعكس على حياة المواطنين، ويتسبب في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
كما طالب المشاركون بإطلاق سراح المعتقلين كميل الزعبي، والنائب أسامة العجارمة، وتحقيق الإصلاح في البلاد.
ومن الهتافات التي تم ترديدها "مطالبنا شرعية، خبز وعدالة وحرية"، و"يا اللي بترفع بالأسعار، بده البلد تولّع نار"، و"يا اللي واقف على الرصيف، بكرة بتشحد الرغيف"، و"يا اللي بتتفرج علينا، حط ايدك بايدينا"، و"من السما حتى القاع، يسقط قانون الدفاع"، وغيرها.
وقال الناطق الإعلامي باسم حركة "تغيير"، القاضي المتقاعد لؤي عبيدات، في تصريح له، إن "حجم المشاركة في فعالية اليوم يشكّل رسالة واضحة إلى أصحاب القرار بأن الأردنيين ملّوا من المشهد والوضع القائم بشكل عام وتطبيق قانون الدفاع".
وقال الأمين العام لحزب "جبهة العمل الإسلامي"، مراد العضايلة، في تصريح له، إن "المسيرة تأتي رفضا لسياسة الدولة في رفع الأسعار الممنهج، ورفضا لقانون الدفاع الذي أصبح مسلطا على حريات الناس".
بدوره، قال الناطق باسم الحزب، ثابت عساف، إن "قانون الدفاع أدى أغراضه المرتبطة بالوباء، وإن جزءاً كبيراً من أوامر الدفاع فيها تضييق على المواطنين والحريات"، معبراً عن قلقه من تداعيات السياسات الرسمية وآثارها على المواطنين.
وكانت القوى المنظمة للفعالية قد قالت، في بيان سابق، إن "حكومات الأردن والجهات المتنفذة وجدت في ظروف وباء كورونا ضالتها، واعتبرتها فرصة للذهاب بأقصى سرعة نحو التفرد بإدارة المرحلة"، واتهمتها بغض الطرف "منذ اللحظة الأولى لوصول الوباء عن كل مشورة أو فرصة للاستفادة من طاقات ضخمة في مؤسسات المجتمع المدني بأشكالها، وآثرت المسارعة نحو قوانين الدفاع والتدابير الاستثنائية لتوظف ما تتيحه من أوامر ورخص لخلق مناخ سياسي واجتماعي ضاغط، ظاهرُه مكافحة الوباء وباطنه ردّة إلى الوراء، واعتداء على هوامش الحرية الضيقة أصلا".
الظرف الاستثنائي
ووجّه العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، في 17 مارس/ آذار 2020، رسالة إلى رئيس الوزراء آنذاك عمر الرزاز، أشار فيها إلى الظرف الاستثنائي الذي يمر به الأردن، وأعلن "الموافقة على تنسيب مجلس الوزراء، إعلان العمل بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992".
وطلب الملك من الحكومة أن "يكون تطبيق قانون الدفاع والأوامر الصادرة بمقتضاه، في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية ويحافظ عليها، ويحمي الحريات العامة والحق في التعبير، التي كفلها الدستور وفي إطار القوانين العادية النافذة، وكذلك ضمان احترام الملكيات الخاصة، سواء أكانت عقاراً أم أموالاً منقولة وغير منقولة".
ويخول قانون الدفاع رئيس الوزراء تطبيق القانون دون أدنى تقيد بأحكام القوانين العادية المعمول بها، كما يمارس رئيس الوزراء كافة الصلاحيات بموجب أوامر خطية، على أن يكون له حق تفويض الصلاحيات لمن يراه مناسبًا.
وحددت المادة 4 من قانون الدفاع الصلاحيات التي يستطيع رئيس الوزراء ممارستها بما يتوافق مع الهدف من تفعيل قانون الدفاع، مثل وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة، وإلقاء القبض وتفتيش الأشخاص والأماكن والمركبات، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها، وفرض منع التجول فيها، وتحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها كلها أو بعضها.