مصر: القضاء يحكم على ضباط محرقة أبو زعبل

13 اغسطس 2015
النيابة وجهت إلى المتهمين إتهامات بأنهم قاموا بقتل37 شخص(Getty)
+ الخط -

تصدر محكمة "جنح مستأنف الخانكة" المصرية، اليوم الخميس، حكمها في إعادة محاكمة الضباط المتهمين بقتل 37 من رافضي الإنقلاب العسكري، المؤيدين لشرعية الرئيس المصري المعزول، الدكتور محمد مرسي، وإصابة 8 آخرين داخل سيارة الترحيلات  في سجن أبو زعبل، عقب فض إعتصامي رابعة والنهضة.

وتأتي إعادة محاكمة أربعة ضباط، في ضوء القرار الصادر من محكمة النقض، يوم 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، بقبول طعن النيابة العامة على أحكام البراءة الصادرة ضدهم من محكمة جنح مستأنف، وقالت النقض في حيثياتها: "إن الأحكام قاصرة في التسبيب وفاسدة في الإستدلال".

كانت محكمة جنح الخانكة، أصدرت حكمها في القضية المعروفة إعلامياً بـ"محرقة ترحيلات أبوزعبل"، بمعاقبة نائب مأمور قسم مصر الجديدة، المقدم عمرو فاروق، بالسجن 10 سنوات مع الشغل والنفاذ، وكل من النقيب إبراهيم محمد المرسي، والملازم إسلام عبدالفتاح حلمي، والملازم محمد يحيى عبدالعزيز، بالسجن 3 سنوات لكل منهم مع إيقاف التنفيذ لمدة 3 سنوات، قبل إلغاء هذه الأحكام من قبل محكمة "جنح مستأنف الخانكة"، التي قبلت استئناف المتهمين على الأحكام الصادرة.

استمعت المحكمة خلال جلسات المحاكمة الثمانية السابقة، إلى مرافعة دفاع المدعين بالحق المدني "الضحايا"، وكان ذلك بالجلسة الماضية، حيث طالبوا "تنفيذاً للقصاص العادل، بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين، الذين استباحوا أرواح الناس وقتلوهم بأبشع الطرق بأن منعوا عنهم الماء ثم أطلقوا عليهم القنابل المسيلة للدموع داخل سيارة الترحيلات ليموتوا خنقاً".

اقرأ أيضاً: التحالف يدعو المصريين إلى الانتفاضة يوم الجمعة لإسقاط الانقلاب

كما قدمت هيئة الدفاع عن المتهمين في جلسات سابقة، مذكرة للمحكمة يدفعون بها، "بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لكون الجناية جريمة قتل ويتوجب أن تنظر أمام محكمة الجنايات وليس الجنح، وذلك كطلب أساسي، كما طالبوا إحتياطياً بتأييد حكم أول درجة الذي عاقب المتهم الأول بالسجن 10 سنوات".

فضلاً عما وجد بأوراق القضية من شبهة التزوير لقيامهم المتهمين بالتلاعب في أوراق القضية لجعلها جنحة قتل خطأ بدلاً من جناية القتل العمد، وأن من إرتكب تلك الجناية هو المتهم الأول عمرو فاروق نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة سابقاً، لقيامه بالإدعاء بأن أحد مندوبي الشرطة أخبره بأن هناك صياحاً، بداخل سيارة الترحيلات وشغباً من قبل المتهمين الضحايا إلا أن المجني عليهم كذبوا تلك الرواية الكاذبة التي ألفها المتهم.

بالإضافة إلى شهادة رقيبي الشرطة المتواجدين مع سيارة الترحيلات خلال ترحيل المتهمين من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبو زعبل، اللذين أكدا أمام المحكمة، أن أمين شرطة في قسم مصر الجديدة، هو من أصابهم في وجههم ورأسهم بناء على تعليمات صادرة له من نائب المأمور، ليزعموا تعدي المجني عليهم على الضباط، وشددا على أنه لم يعتد عليهم أي متهم من الضحايا.

كما استمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة العامة في ثالث جلسات القضية، وأكد فيها ممثل النيابة أن: "ما سيطرحه هو ما يستشري في هذا المجتمع وهو الواقع الذي يعيش فيه المصريون فيه في ظل عدم وجود مبدأ".

وقال ممثل النيابة إن "جهاز الشرطة بريء من المتهمين ولفظ هؤلاء الشرزمة منهم، وإن النيابة لا تهتم بالأبرياء فقط ولكنها تهتم بجميع المتهمين أي كانت ميولهم السياسية لا تفرق بين متهم صدر حكم ضده فتحل دمه إلا إذا كانت العقومة هي الإعدام، مشيراً إلى أن هذه ليست محاكمة لجهاز الشرطة، بل لمن أخطأ ولم يتبع قوانينه".

ولفت إلى أن "الشرطة تبرأت من المتهمين لأنهم استهانوا بأرواح العباد فحق عليهم العقاب، وأهالي المتهمين من يُتِّمَ وشُرِّدَ ومن كانت تحلم بزوج ومن يبحث منهم عن سند أو ظهر والصرخات تعلو والأنين يزيد وأبصارهم معلقة على منصة القضاء ينتظرون الثأر والعقاب بعد كلل الضحايا والمجروحين".

اقرأ أيضاً: الطريق إلى الموت عبر سجون مصر

وتحركت قافلة الضحايا من قسم شرطة مصر الجديدة، وذهبت إلى منطقة سجون أبو زعبل مقيدين بالأصفاد وبعد 6 ساعات في حجز السيارة. هاج المساجين داخل السيارة فتوجه الضباط إلى الداخل فأطلق الغاز الذي أودى بحياة معظمهم.

وأوضح أن أدلة الثبوت جاءت جامعة على جرمهم من شهادة الشهود وأدله إثبات قوية صح إثباتها إلى المتهمين، ومنهم رئيس عمليات إدارة الترحيلات والذي شهد أمام النيابة أن درجة حرارة الجو 35 درجة والمسافة تحدد العدد، وذكر أن نقل هذا العدد في مثل هذا اليوم بسبب الحرارة سيؤثر على المتهمين.

وثبّت بتقرير الأدلة الفنية أن المجني عليهم توفوا بإسفكسيا الإختناق وعثر على غاز مسيل للدموع بعينات المتوفين وأنهم توفوا للتكدس وحرارة الجو والاختناق وإطلاق الغاز عليهم، وتقرير خبير وزارة العدل أثبت أن أقصى عدد هو 16 متهماً مع الأخذ في الإعتبار التهوية المناسبة في ظل الظروف الجوية، وبقائهم من السابعة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً سيؤثر على حياتهم.

وأشار إلى أن الخطأ كان في نقل المتهمين، حيث نقلوهم وكدسوهم ووصلوا إلى السجن وتركوهم أكثر من 6 ساعات ولم يراعوا الظروف الجوية ولم يفتحوا لهم أكثر من مرتين لسقائهم، وأطلق مجهول من الشرطة عليهم غازاً مسيلاً للدموع ولم يخرجوهم لمدة 10 دقائق بعد إطلاق الغاز مما أدى لوفاة 37 من المتهمين، وأن المتهمين ارتكبوا كل صور الخطأ والإهمال وعدم الاحتراز وعدم حماية أرواح المتهمين ولو كانوا متهمين.

وطالب بإنزال أقصى عقوبة عليهم عما ارتكبوه من أفعال، واستحلف المحكمة بأرواحهم أن يقتصوا لهم ولا تأخذهم أي رأفة أو شفقة لأن الأطفال يُتِّموا والأرواح أزهقت وتعاملوا معهم ببشاعة.

وكانت النيابة العامة وجهت إلى المتهمين إتهامات بأنهم في يوم 18 أغسطس/ أب 2013، قاموا بقتل 37 شخص من رافضي الإنقلاب وأنصار مرسي، وإصابة 8 آخرين داخل سيارة الترحيلات بسجن أبو زعبل.

وأثبتت التحقيقات أن المتهمين قد شاب تعاملهم مع مأمورية الترحيلات المكلفين بها، الإهمال والرعونة وعدم الإحتراز والإخلال الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم من الحفاظ على سلامة وأرواح المواطنين حتى ولو كانوا متهمين. وأطلقوا قنبلة غاز مسيلة للدموع داخل سيارة الترحيلات وترك المتهمين يموتون دون أي محاولة لإسعافهم.

وقد كشفت تحقيقات النيابة عن تفاصيل المأساة التي تعرض لها الضحايا، حيث كشفت عن تعمد الضباط المتهمين لإرتكاب الواقعة، وعدم قيام المجني عليهم المحجوزين بالسيارة بأي نوع من أنواع التجمهر أو إحداث شغب أو تعرض السيارة لأي نوع من أنواع الهجوم عليها.

وكشفت تحقيقات النيابة النقاب عن أن لوري الترحيلات الذي وقعت فيه المذبحة، كان يقل 45 معتقلاً سياسياً، وهو عدد يفوق طاقته حيث أنه لا يتسع لأكثر من 24 شخصاً فقط، في أقصى الأحوال، وأن أي عدد يزداد عن هذا العدد يؤدي إلى تعرض حياة المواطنين بداخله للخطر نظرا لأن عملية التهوية من الأساس مصممة على العدد المحدد المذكور.

كما جاءت تقارير المعمل الجنائي والطب الشرعي والتي أثبتت تعمد إطلاق الضباط القتلة الغاز المسيل للدموع لقتل المعتقلين، حيث ثبت أن الوفاة نتيجة الإختناق بالغاز، وحدوث تسمم لأجسام الضحايا، أدى إلى ظهور أجزاء سوداء، في جثث بعض الضحايا، وأجزاء زرقاء في البعض الأخر، نتيجة إبقاء الضحايا فترة داخل السيارة بعد التأكد من وفاتهم من قبل القنابل الغازية التي أطلقت عليهم.

كما استمعت النيابة العامة إلى أقوال 8 من المعتقلين الذين نجوا من الواقعة بعد خضوعهم للعلاج لفترات تراوحت من 12 وحتى 33 يوماً، جراء التسمم الذي تعرضوا له نتيجه استنشاق كمية كبيرة من الغاز، كما استمعت إلى شهادة بعض المجندين الذين كانوا حاضرين للواقعة.

وكشفت جميعها أن المتهمين قد عقدوا العزم على قتل المجني عليهم، بأن اتفقوا فيما بينهم على قتلهم، وقاموا بإطلاق قنابل غاز مسيلة للدموع داخل سيارة الترحيلات، وأغلقوا الباب عمداً على المعتقلين بداخلها، ورفضوا إخراجهم، رغم توسلاتهم لهم، كما هددوا المجندين وقائد السيارة بالقتل إذا حاول التدخل لمحاولة إنقاذهم.

واعترف سائق سيارة الترحيلات الرقيب عبدالعزيز ربيع، خلال التحقيقات، أن الضباط المتهمين تركوا المعتقلين الضحايا يستغيثون من نقص الهواء وصعوبة التنفس داخل السيارة 7 ساعات كاملة، نظراً لتكدس الأعداد، ثم أطلقوا عليهم غازاً مسيلاً للدموع داخل السيارة تسبب فى وفاة 37 منهم، ورفضوا محاولة إسعافهم أو نجدتهم.

وهو ذات الأمر الذي أيده المجندون الذين حضروا الواقعة، كما جاءت تحريات الداخلية ذاتها لتثبت الواقعة، وأيضا تحقيقات النيابة العامة التي توصلت إلى تعمد قتل الضحايا.

 

دلالات