مرصد حقوقي يتهم الحكومات العراقية بعدم الجدية في ملف المغيبين

10 ديسمبر 2022
تُوجَّه اتهامات لمليشيات عدة بالوقوف وراء تغييب هؤلاء أبرزها عصائب أهل الحق (فرانس برس)
+ الخط -

قال مرصد حقوقي عراقي واسع الانتشار، اليوم السبت، إنّ "أكثر من 11 ألف أُسرة عراقية أبلغت عن مدنيين فقدوا خلال السنوات الثماني الماضية"، وذلك بالتزامن مع إعلان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الأربعاء الماضي، أنّ المغيبين تمت تصفيتهم جميعاً.

وبحسب تقرير مفصّل صدر عن المرصد العراقي لحقوق الإنسان، فإنّ "الحرب على العراق عام (2003) وغياب سلطة إنفاذ القانون وانتشار الجماعات المسلحة والإرهابية أدت أدواراً كبيرة في اختفاء وفقدان عشرات الآلاف من العراقيين خلال العقدين الماضيين، يُضاف إلى ذلك إهمال الحكومات العراقية الذي ساعد في ازدياد أعداد المفقودين والمختفين بسبب إهمال السلطات لأي شيء يمكنه ملاحقة ومحاسبة الجناة".

وأضاف المرصد أنّ "الحكومات العراقية لم تبذل جهداً حقيقياً لمعرفة مصير المفقودين والمختفين قسراً، ويدل ذلك على أن ملف المفقودين والمختفين قسراً ليس من أولوياتها، ولا يبدو أنه سيكون من أولويات مؤسسات الدولة العراقية نظراً لمرور ثماني سنوات على فقدان آلاف المدنيين دون معرفة مصير أي منهم".

ووفقاً لمعلومات حصل عليها ونقلها في تقريره، فإنّ "أكثر من 11 ألف أُسرة عراقية أبلغت عن أفراد فيها فقدوا واختفوا خلال السنوات الثماني الماضية، وكانت أكثر البلاغات تتعلق بالفترة بين عامي (2014 – 2017)".

وخلال ثلاثة أعوام فقط، (من 2014 إلى 2016)، غُيّب أكثر من 22 ألف عراقي، في حملة وصفت بـ"الطائفية"، والانتقامية، من خلال اقتيادهم من قبل مليشيات مسلحة إبان نزوحهم من مناطقهم التي سيطر عليها تنظيم "داعش"، إلى جهات مجهولة، يُرجح أنها المناطق العراقية منزوعة السكان حالياً.

وتُوجَّه اتهامات لمليشيات عدة بالوقوف وراء تغييب هؤلاء، أبرزها "كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وبدر، وسيد الشهداء، والإمام علي، والخراساني، ورساليون، والنجباء"، وجماعات مسلحة أخرى.

واعترف رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، الأربعاء الماضي، في مقابلة مع محطة تلفزيون عراقية محلية، قائلاً "يجب أن نُصارح الناس بحقيقتهم (المغيبين)، ونغيّر اسمهم أولاً إلى المغدورين وليس المغيبين: مغدورين فارقوا الحياة".

ورأى الحلبوسي أنه "يجب على الدولة إنصاف ذويهم وشمول عوائلهم بقانون ضحايا الإرهاب، وبالتعويض، أما الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ 2014 ولغاية الآن، فغير صحيح... غُيّبوا وتمّ اغتيالهم في تلك الفترة".

وأضاف: "لأكون أكثر جرأة مع الناس الذين خسروا ذويهم وأبناءهم... لا ينبغي أن يُستخدم الملف للقدح السياسي... ومنح أهلهم أملاً بعودتهم، فهذا غير صحيح".

وعاد الحلبوسي ليغرّد عبر "تويتر"، اليوم السبت، قائلاً "يجب إعادة النازحين وإعمار المناطق المتضررة، وضمان حقوق الشهداء، وإنصاف ذوي المغدورين (المغيبين)، وتحقيق العدالة".

من جهته، قال القيادي في تحالف "عزم" حيدر الملا إنّ "ملف المغيبين قسراً والمفقودين والمختطفين سواءً خلال المعارك العسكرية التي جرت في الأعوام الماضية، أو ما حدث خلال فترات الاحتجاجات، يمكن التوصل إلى نتائج جيدة فيها، إذا تساعدت جميع الجهود والأطراف المعنية بها".

وبيّن الملا، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ "الجهود تتلخص بثلاث مستويات؛ الأول بالحوارات السياسية، والثاني بالإرادة القضائية وعدم مجاملة الأطراف المتهمة، والثالث عبر الضغط الشعبي وتحديداً من ذوي الضحايا".

وأشار إلى أنّ "التوجّه نحو الإبلاغ وتقديم الشكاوى من قبل المتضررين وذوي الضحايا، يشكّل دافعاً للجهود السياسية التي تريد حلّ الملف، والتوصّل إلى نتائج جيدة، كما أنه يسهم بتقوية القضاء والحكومة"، مؤكداً أنّ "العراق من أكثر دول العالم من ناحية المفقودين، وهذا يؤدي على الأغلب إلى جعل السلطة في خانة محرجة أمام التعامل الدولي".

من جهتها، اتفقت المحامية العراقية هالة الجبوري، مع الأرقام التي وردت في تقرير المرصد العراقي لحقوق الإنسان، وقالت "قد يكون عدد البلاغات أكثر من ذلك، لا سيما مع استمرار التغييب المتقطع في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة، وتحديداً في محافظتي صلاح الدين ونينوى".

وقالت الجبوري، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "غالبية المختطفين والمغيبين قسراً جرى قتلهم بعد أيام أو أسابيع من اختطافهم، وهذا معروف لدينا، لكن الجهات المتورطة لا تريد أن يتم كشف أياً من خيوط هذه الجرائم".

ويُصنّف العراق من أكثر البلدان التي شهدت حالات اختفاء وفقدان للأشخاص خلال العقود الخمسة الماضية، فوفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر يوجد في العراق أكبر عدد من الأشخاص المفقودين في العالم، نتيجة عقود من النزاعات والعنف.

المساهمون