"مدربون" روس إلى أفريقيا الوسطى: تعزيز الوجود بالقارة السمراء

23 ديسمبر 2020
مدربون روس بأفريقيا الوسطى (فلورو فيرغنيس/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت روسيا عن إرسال 300 مدرب عسكري إضافي إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، مهمتهم "تدريب العسكريين في الجيش الوطني"، وذلك قبل أيام من إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وفي وقت تشهد فيه الجمهورية الأفريقية أعمال عنف واضطرابات تقودها جماعات مسلحة متحالفة مع رئيس البلاد الأسبق فرانسوا بوزيزيه، الذي اتهمته السلطات الرسمية بمحاولة "الانقلاب على الحكومة الشرعية".

وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان نشرته على موقعها مساء الثلاثاء، إنه "في إطار مساعدتها لبانغي في تعزيز القدرة الدفاعية لجمهورية أفريقيا الوسطى، استجابت روسيا على الفور لطلب قيادتها، وأرسلت 300 مدرب إضافي لتدريب العسكريين في الجيش الوطني". وأكدت الوزارة أن وحدة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة التخصصات لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى، شاركت في "صد هجوم التشكيلات المسلحة غير الشرعية"، مشيرة إلى أنها تتعاون بشكل وثيق مع وحدات الجيش الجمهوري. 

ووفقا للخارجية، تم إبلاغ لجنة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بكل شيء، ويتم حل مسألة نقل جزء من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى من بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان والجيش من رواندا.

وتأتي التحركات الروسية في وقت يشهد فيه البلد الأفريقي أعمال عنف واضطرابات، على خلفية إعلان الجماعات المتمردة الثلاث الرئيسية العاملة في البلاد توحيد قواها والتحالف مع رئيس البلاد الأسبق فرانسوا بوزيزيه، الذي منعته المحكمة الدستورية من خوض انتخابات 2020، لتشكيل تحالف "الوطنيين من أجل التغيير" المناهض للحكومة، والهادف لمنع إعادة انتخاب الرئيس الحالي فوستان آرشانج تواديرا، لولاية ثانية، وذلك قبل أيام من الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في 27 ديسمبر/ كانون الأول.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول حكومي وصفته بـ"الكبير"، تأكيده أن "المتمردين استولوا على رابع أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان (بامباري)، والتي تبعد مسافة 380 كيلومترا شمال شرقي العاصمة بانغي".

وفي وقت سابق، اتهمت حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى بوزيزيه بالتخطيط لانقلاب. وقالت الحكومة في بيان لها، إن "بوزيزيه تآمر مع أفراد من أسرته وعدد من الجماعات المسلحة لمهاجمة بلدتين قرب العاصمة بانغي، عقب رفض المحكمة العليا في البلاد ترشحه للانتخابات". وأضافت أنه "حشد رجالا في ضواحي بلدة بوسيمبيلي وخطط للتقدم في مسيرة إلى العاصمة".

من جهتها، حضت الخارجية الروسية في بيانها، الثلاثاء، "جميع القوى السياسية البناءة في جمهورية أفريقيا الوسطى على الحوار والتسوية السلمية للقضايا الخلافية المتعلقة بالإعداد للانتخابات العامة".

وجاء تأكيد روسيا إرسال مئات العسكريين بعد أيام من النفي.

اتهمت حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى بوزيزيه بالتخطيط لانقلاب. وقالت الحكومة في بيان لها إن "بوزيزيه تآمر مع أفراد من أسرته وعدد من الجماعات المسلحة لمهاجمة بلدتين قرب العاصمة بانغي، عقب رفض المحكمة العليا في البلاد ترشحه للانتخابات".

وكان نائب المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، قد نفى، الثلاثاء، مشاركة الجيش الروسي في الأعمال القتالية في جمهورية أفريقيا الوسطى، مشددا على أن موسكو تلتزم "بمتطلبات مجلس الأمن الدولي"، ومعربا عن أمل بلاده في أن "تلعب بعثة الأمم المتحدة دورا رئيسيا في ضمان أمن الانتخابات المقبلة في جمهورية أفريقيا الوسطى". 

ورغم نفيه لوجود وحدات مقاتلة روسية في هذا البلد الأفريقي، أشار بوغدانوف إلى أن موسكو على استعداد للنظر في طلب محتمل من سلطات جمهورية أفريقيا الوسطى للحصول على مساعدة عسكرية، موضحا أنه إذا طلبت السلطات الشرعية ذلك، "من الضروري أن نرى كيف يتوافق ذلك مع متطلبات مجلس الأمن الدولي، لأنه في بعض القضايا، من الضروري إبلاغ مجلس الأمن الدولي". 

ومع إشارة بوغدانوف إلى أن هناك مدربين روسا في جمهورية أفريقيا الوسطى، شدد على أن "هذه ليست وحدات قتالية وليست قوات خاصة".

وكان المتحدث باسم حكومة أفريقيا الوسطى أنجي ماكسيم كازاغي، قد قال، الاثنين، إن "روسيا أرسلت مئات من الرجال من القوات النظامية ومعدات ثقيلة" في إطار اتفاق تعاون ثنائي.

وتتمتع روسيا بوجود عسكري ملحوظ في أفريقيا الوسطى منذ مطلع العام 2018، تستثمر من خلاله في العديد من المشاريع، وضمنها تدريب الجيش وأعمال الوساطة بين الحكومة والمجموعات المسلحة، بالإضافة إلى تسليم أسلحة إلى الجيش الوطني بعد حصولها على إعفاء من الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة.

ولا توجد إحصاءات واضحة تحدد عدد العسكريين الروس أو أفراد مرتزقة "فاغنر" التابعة لرجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين المعروف بـ"طباخ بوتين"، التي تؤكد تقارير أنها تنشط في القارة الأفريقية.

وفي 24 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الحالي، قال السفير الروسي في جمهورية أفريقيا الوسطى فلاديمير تيتورينكو، إن موسكو ستدرس في وقت قريب مسألة إرسال خبراء عسكريين إضافيين إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، مشيرا إلى أن "الحديث يدور عن تعزيز عملية إعداد كوادر الجيش الوطني في البلد المذكور"، بعد طلب رسمي تقدم به وزير الدفاع في جمهورية أفريقيا الوسطى إلى الجانب الروسي.

لا توجد إحصاءات واضحة تحدد عدد العسكريين الروس أو أفراد مرتزقة "فاغنر" التابعة لرجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين المعروف بـ"طباخ بوتين" التي تؤكد تقارير أنها تنشط في القارة الأفريقية

وتمكن الرئيس تواديرا منذ انتخابه عام 2016، في بلد كانت حكومته تسيطر على بانغي وضواحيها فقط، من توسيع دائرة سيطرته وزيادة دائرة نفوذه بفضل المساعدات الروسية، الأمر الذي يعد نجاحا للجهود الروسية لم تتمكن بعثة الأمم المتحدة (مينوسكا)، منذ 2014، من تحقيقه.

وإضافة إلى دعم الجيش، تتدخل روسيا في الوساطة المعقدة مع المجموعات المسلحة التي تسيطر على غالبية الأراضي، كما تقوم مجموعة من مرتزقة شركة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة بحراسة رئيس البلاد، وتقول وسائل إعلام إنهم يشاركون في أعمال قتالية في الجمهورية لصالح حكومة البلاد.

وتسعى موسكو لتعزيز وجودها في أفريقيا الوسطى وفي القارة السمراء بشكل عام منذ عودة الرئيس فلاديمير بوتين إلى مقعد الرئاسة في العام 2012، وحينها قال بوتين إن تقوية العلاقات مع البلدان الأفريقية تعد إحدى أولويات السياسة الخارجية الروسية.

وتأمل موسكو باستعادة نفوذها في أفريقيا بالاعتماد على الإرث السوفييتي وعلاقات الصداقة القديمة مع دول القارة الأفريقية. وتعد موسكو شريكاً دفاعياً مهماً في أفريقيا، وهي أكبر مورد للسلاح إلى المنطقة. 

ومنذ عام 2014، وقعت اتفاقيات تعاون عسكري مع حوالي 19 دولة أفريقية. 

وأبرمت روسيا اتفاقات مع أنغولا ونيجيريا والسودان ومالي وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية خلال عامي 2017 و2018. كما تنشط شركات الطاقة والتنقيب عن المعادن الروسية في عدة بلدان أفريقية، ويبدو أن التعاون العسكري يندرج ضمن استراتيجية الكرملين لزيادة قوة روسيا الجيوسياسية والاقتصادية في أفريقيا. 

ومنذ 2018، تأسست في بانغي عدة شركات روسية، من ضمنها "لوباي انفست"، التي حصلت على رخصة للتنقيب عن المعادن في غرب البلاد، كما تأسست "المجموعة المالية الدولية"، التي يرجح أن تلعب دور الوسيط لولوج شركات روسية ترغب بالاستثمار في عدة مجالات في أفريقيا الوسطى، وإنشاء شركات لصناعة المعلبات الغذائية وفي المجال الزراعي والأخشاب.

وفي نهاية العام 2019، ترددت أنباء عن نية روسيا إقامة قاعدة عسكرية في أفريقيا الوسطى، وفي ذلك الوقت أعلن رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى تواديرا، أن بلاده تدرس إمكانية إقامة قاعدة عسكرية روسية على أراضيها. 

وقال لوكالة "نوفوستي" الروسية: "نحن نواصل العمل مع وزارة الدفاع الوطنية ووزارة الدفاع الروسية بشأن هذه المسألة واستكشاف الاحتمالات"، معلنا أن بلاده تأمل في استمرار مساعدة موسكو في إعداد عسكريي بلاده وتوريد الأسلحة إليها.

المساهمون