مخدِّر إعلام النظام

07 مارس 2021
يعمل إعلام النظام على تقمص دور المخدر للمواطنين (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

مع توالي الأزمات المعيشية التي تعصف بمناطق سيطرة النظام السوري، وازدياد حدتها تباعاً، بالتوازي مع تعاظم دور منظومة الفساد التي تحيط بكل مفاصل الإدارات، وعدم اتخاذ أي إجراء فعلي للتخفيف من الأزمات وآثارها على المواطنين، يعمل إعلام النظام، بشقيه الرسمي والخاص، على تقمص دور المخدر للمواطنين، بهدف التخفيف من حدة الاحتجاجات وعدم وصولها إلى سقف قد تخرج فيه عن سيطرة الأجهزة الأمنية.
على غير عادته، بدأ الإعلام الرسمي، الاعتراف بوجود أزمات تعصف بالمجتمع السوري، إلا أنه يعزو أسبابها إلى وجود مؤامرة خارجية تستهدف أمن البلد، وزعزعة استقراره، والتسبب بأزمات داخلية، مع عدم إغفال أن لتلك المؤامرة أطرافا داخلية تتحرك من أجل حث الناس على التمرد على النظام. وكل ذلك من أجل الإيحاء بأن أي معترض على الوضع المعيشي المتردي هو جزء من تلك المؤامرة الخارجية. ومن ناحية أخرى يعمل الإعلام الرسمي على تصوير الحكومة بأنها تؤدي دورها على أكمل وجه، من خلال استضافة مسؤولين حكوميين ومحللين وضيوف يتحدثون عن مشاريع مستقبلية، ووعود وتسويفات لمشاريع تنوي الحكومة القيام بها من شأنها إنهاء تلك الأزمات. ولم يغفل التحذير من الدور الذي يقوم به بعض ضعاف النفوس من داخل الحكومة، الذين يستغلون تلك الأزمات لتحقيق مكاسب شخصية لهم، "طبعاً بدون تحديد من هم هؤلاء الفاسدون".
أما الإعلام الخاص فيتولى دوراً أكبر في عملية تخدير المواطنين، إذ يأخذ هامشاً من الحرية في الهجوم على أداء بعض المسؤولين في السلطة التنفيذية، والحديث عن بعض حالات الفساد فيها. كما يعمد إلى تعرية بعض المسؤولين الحكوميين الذين تنتهي صلاحيتهم بالنسبة للنظام. كما لا يغفل الإعلام الخاص تمجيد النظام ودوره في التصدي للمؤامرة التي تستهدفه وتستهدف المواطنين، بالإضافة إلى الحديث العام عن الفساد وعن المتنفذين الذين يسرقون قوت الشعب.
كما أعطى النظام مؤخراً هامشاً لبعض الشخصيات الفنية للحديث عن تلك الأزمات بكلام عمومي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام الخاص، من أجل الإيحاء بجو الحرية الذي يتمتع به المواطنون في كنف النظام، الذي لا يزال مستمراً بتسخير جزء من مقدرات البلد في حربه ضد معارضيه وسرقة القسم الآخر الأكبر.