مؤتمر المحامين التونسيين... سعي لتجاوز الانحياز السياسي والعودة إلى الاستقلالية

01 سبتمبر 2022
(ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

لا تفصل المحامين التونسيين سوى أيام عن مؤتمرهم الانتخابي الثاني والعشرين، بعد تأجيله بشكل أحادي من العميد المنتهية ولايته، إبراهيم بودربالة، بعد أن كان موعده الأصلي في 7 يوليو/تموز الماضي، ما دفع بعضهم إلى اتهام الأخير بالانحياز إلى سلطة الانقلاب وتوريط المهنة، فيما يرجح آخرون أن يطغى الطابعان السياسي والحقوقي على نقاشات المؤتمر.

وينتظر أن يعقد المحامون، في 11 سبتمبر/أيلول الحالي، المؤتمر الانتخابي للهيئة الوطنية للمحاماة، التي ستفضي إلى تركيبة ورئيس جديد، خلفاً لبودربالة، كذلك ستُنتخَب المجالس الجهوية بكل فروع الهيئة التي تتألف من رئيس وعدد أعضاء تتوزع بين 20 و10 و4 أعضاء، بحسب كلّ هيئة فرعية.

ويتنافس 5 محامين من قدماء المهنة (محامون لدى التعقيب)، على خلافة العميد بودربالة، هم: حاتم مزيو (الكاتب العام الحالي للعمادة)، ومحمد الهادفي (رئيس فرع المحامين بتونس)، ومحمد بكار (مستشار لدى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي)، وسامي شطورو، وبوبكر بالثابت (عميد أسبق للمحامين).

كذلك قُدِّم 39 طلباً لعضوية مجلس الهيئة الوطنية البالغ عدد مقاعده المتنافس عليها 14، فيما انتهت آجال تقديم مطالب الترشّح لمختلف هياكل مهنة المحاماة.

وبالنسبة إلى الفروع الجهوية، فقد قُدِّم 43 ترشّحاً لرئاسة الفروع الجهوية، البالغ عددها 17 فرعاً، و248 ترشّحاً لعضوية مجالس الفروع، وعدد المقاعد المتنافس عليها 114.

ويبلغ عدد المحامين المرسمين بالهيئة 9075 محامياً ومحامية موزعين بين 3474 محامياً لدى التعقيب و4587 محامياً لدى الاستئناف و1014 بصدد التمرين.

وقال وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية الأسبق المحامي سمير ديلو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "عهدة السيد بودربالة كانت فاشلة بكلّ المقاييس، وعلى جميع المستويات، فبعد أن قدّم قبل انتخابه وعوداً صريحة بالحفاظ على استقلاليّة المحاماة، وضمان تواصل انخراطهم في دعم القضايا العادلة، انقلب لاحقاً على كلّ التّعهدات التي مكّنته من دعم عدد كبير من المناصرين للثّورة، وأصبح تابعاً طيّعاً للسّلطة الحاكمة، ومبرّراً لجميع إجراءاتها، ما جعله في أحيان كثيرة محلّ سخرية وتندّر".

وتابع: "لقد اقترف ما لم يسبقه إليه عميد قبله، برفضه الدّفاع عن المحامين المعارضين للانقلاب، المحاكمين عسكريّاً، ومنهم زميله العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني، بينما هرول للدّفاع عن محامية صديقة في قضيّة حقّ عام، قاطعاً مئات الكيلومترات نحو جنوب البلاد".

وشدد ديلو على أنّ "المحاماة كانت دوماً خطّ الدّفاع الصّامد عن الحقوق والحريات، ولا بدّ أن تكون عُهدة بودربالة مجرّد قوس يغلق بالانتخابات المقبلة، بتصعيد هيئة تدافع عن استقلاليّة المحاماة، وتُبعدها عن الشّبهات التي ألحقها بها بودربالة".

وبيّن أن "المحاماة لا تعوّض الأحزاب، ولا تقوم بدورهم، ولكنّها المدافع الأوّل عن دولة القانون والمؤسّسات وعلويّة الدستور، وهذا هو الذي يجب أن تلتزمه الهيئة الجديدة".

في مقابل ذلك، أكد المحامي عبد الرزاق الخلولي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "أداء العميد بودربالة خلال العهدة المنتهية جيد وفي مستوى تعهداته عند ترشحه، على مستوى تعاطيه مع ملفات المحامين والمحامين الشبان"، مشيراً إلى أن "مواقفه من الشأن العام تهمّه وحده، ولا صحة لتوريطه لقطاع المحاماة عند مشاركته في أشغال الحوار الوطني، بل كان يمثّل نفسه ولم يتحدث باسم قطاع المحاماة".

وبيّن أنّ "بودربالة عبّر عن مواقفه الشخصية من مسار 25 يوليو/تموز الذي يمثل نقطة خلاف وانقسام بين المحامين"، مشيراً إلى أنّ "للمحامين مرجعيات فكرية وسياسية ومختلفة، وكذلك مواقف مختلفة".

ولفت إلى أنّ "انتخابات عمادة المحامين المقبلة تقوم على أساس البرامج والوعود والتعهدات لخدمة قطاع المحاماة ومنتسبيه".

ويطرح المحامون للنقاش خلال الجلسة العامة الانتخابية، أداء العميد السابق ومواقف الهيئة الأخيرة، خصوصاً منذ انقلاب 25 يوليو، الذي مثّل نقطة انقسام بين المحامين المساندين والمعارضين للمسار.

ويرجح مراقبون أن يطغى على النقاش الملفات السياسية والحقوقية، باعتبار المستجدات التي تواجهها البلاد بعد تمرير دستور 25 يوليو، والشروع بالتأسيس للهيئات والمؤسسات الدستورية.

المساهمون