مجلس النواب الليبي يستأنف جلساته الاعتيادية.. وغموض يلف مصير قراراته بشأن الحكومة

01 فبراير 2022
موعد إجراء الانتخابات الليبية غير محسوم بعد (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يناقش مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، جملة من القرارات والقوانين المتعلقة بالجانب الخدمي في ليبيا، بعدما علق جلسته الخاصة باختيار رئيس حكومة جديد، إلى الأسبوع المقبل، ورحل مناقشة المسار الدستوري الخاص بالانتخابات إلى جلسات مقبلة لم يحددها.

وأمس الاثنين قرر مجلس النواب البدء في تسلم ملفات المترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، وحدد موعد اختيار رئيس الحكومة بالثامن من فبراير/ شباط الحالي.

كما قرر مجلس النواب مخاطبة سفراء الدولة والأجنبية والمستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، "بعدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي".

وشدد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، على ما اعتبره "حق" مجلس النواب باختيار حكومة جديدة بعد "انتهاء الولاية القانونية" لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن تحديد وضع المسار التنفيذي من ضمن مسارات خارطة الطريق للمرحلة المقبلة.

وبرر بليحق ضرورة وجود حكومة جديدة لقيادة المرحلة المقبلة بارتباط ذلك بتوفير الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات وكذلك توفير الإمكانات اللازمة للمفوضية العليا للانتخابات.

وبخصوص تركيز جلسات مجلس النواب على تشكيل حكومة جديدة قبل تحديد مواعيد الانتخابات، زعم المتحدث ذاته أن مسارات خارطة الطريق تسير بالتوازي، قائلا "لم يهمل مجلس النواب مسارا ويترك الآخر".

وشدد بليحق على أن قرار انتهاء ولاية الحكومة الليبية "قرار قانوني صادر عن السلطة التشريعية كما أن حكومة الدبيبة انتهت ولايتها يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي ولا يمكن لأي طرف رفضه"، مؤكدا مضي مجلس النواب في خطوات لاختيار حكومة جديدة "قوية قادرة على إجراء الانتخابات والتنسيق مع مختلف المؤسسات المعنية بالانتخابات".

قرار شخصي لعقيلة صالح؟

ولم يصدر عن الحكومة أي بيان رسمي حيال قرار مجلس النواب انتهاء ولايتها وضرورة تشكيل أخرى بديلة عنها، لكن الدبيبة، حصر محاولة استبعاده في شخص رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، معتبرا أن ما يقوم به "صالح محاولة يائسة لعودة الانقسام"، مؤكداً على استمرار حكومته في أداء مهامها حتى إنجاز الانتخابات.

أمنيات الليبيين.. عام جديد بلا انقسامات

وقال الدبيبة، في تصريح لقناة "ليبيا الأحرار" ليل الاثنين، إن حكومته تواصلت "مع جميع الأطراف الدولية وجميعها ضد محاولات رئيس مجلس النواب بشأن مرحلة انتقالية جديدة"، مشيرا إلى أن خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي واضحة بشأن المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة، وأنهم "يعملون وفقا" لتلك الخارطة.

وتبدو الرؤية لدى المجلس الأعلى للدولة مختلفة، فرغم موافقة عضو المجلس موسى فرج، على إمكانية تغيير الحكومة، إلا أنه شدد على موقف مجلسه بضرورة تحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل إعادة تشكيل الحكومة.

ويتواصل مجلس النواب مع مجلس الدولة من خلال لجنة خارطة الطريق، وهو ما أكده فرج، موضحا أن رؤساء لجان المجلس الأعلى للدولة التقوا أعضاء لجنة خارطة الطريق للتشاور حول المسار الدستوري المفضي إلى إجراء الانتخابات وتحديد مواعيد واضحة لها.

وعرضت لجنة خارطة الطريق، أمام مجلس النواب خلال جلسته أمس، تقريرها في شكل مقترحات للمسار الدستوري، موضحة أنها تقترح أن يتم تعديل مشروع الدستور المقر من عام 2017، من خلال لجنة من 24 عضوا بواقع "ستة أعضاء من مجلس النواب وستة من مجلس الدولة وستة من هيئة صياغة الدستور وستة من الخبراء القانونين يختارهم مجلس النواب ومجلس الدولة بالمناصفة".

وأوصت أن تعمل تلك اللجنة على إجراء تعديل على المواد الخلافية في مشروع الدستور قبل إحالته للاستفتاء عليه من قبل الشعب، إلا أن هذا المسار يحتاج الى 12 شهرا، وإذا أعيد للاستفتاء عليه مرة أخرى بعد رفضه في الأولى يحتاج إلى سنة وأربعة أشهر.

إطالة أمد الفترة المقبلة

وبحسب رأي الناشط السياسي الليبي من طبرق صالح المريمي، فإن مجلس النواب يحاول إطالة أمد الفترة المقبلة لتحقيق الهدف الأول وهو تغيير الحكومة.

وقال المريمي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "اختزال الدبيبة لقرارات مجلس النواب في شخص صالح ليس صحيحا، فكيف يمكن التركيز على تغيير الحكومة قبل تحديد موعد للانتخابات؟ وكل ما عرضته لجنة خارطة الطريق مقترحات حتى الآن ولم تحدد جلسة لاختيار أي من المقترحين".

وتابع موضحا "مفوضية الانتخابات لم تذكر الحكومة من بين أسباب القوة القاهرة التي أوقفت الانتخابات، بل أثنت على دورها في دعم المفوضية. فما الداعي للانقلاب على الحكومة وترك أسباب القوة القاهرة؟".

وهو نفسه ما ذهبت إليه الباحثة الليبية في الشأن السياسي، هنية فحيمة، التي اعتبرت قرارات صالح تهدف لـ"خلط للأوراق"، معربة عن اعتقادها بوقوف طرف دولي وراء صالح يشجعه على مواصلة اتخاذ هذه القرارات التي تجعل المشهد متشابكاً أكثر.

وأوضحت فحيمة في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الصراع الحالي ترجمة لصراع دولي يقع الملف الليبي في إحدى حلقاته"، مشيرة إلى أن "تصريح الدبيبة باتصاله بكل الأطراف الدولية التي لم توافق على تغيير الحكومة تأكيد لذلك، كما أن قرار صالح بشأن مخاطبة السفراء الأجانب، وتحديدا المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، بعدم التدخل في الشأن الداخلي تأكيد آخر".

وتعتبر فحيمة أن الخلافات العميقة داخل مجلس الأمن حول تعيين رئيس للبعثة الأممية في ليبيا منذ سبتمبر/ أيلول الماضي أوضح دليل على انعكاس الخلافات الدولية على الملف الليبي.

ومدد مجلس الأمن، أمس الاثنين، ولاية البعثة الأممية في ليبيا حتى نهاية إبريل/ نيسان المقبل، وسط استمرار الخلافات الأميركية الروسية حول رئيس البعثة الجديد، ومهام البعثة وهياكلها.

وقللت فحيمة من المخاوف بشأن عودة الانقسام الحكومي إلى البلاد في حال تشكيل حكومة موازية لحكومة الدبيبة، وقالت "أعتقد أن الوضع الداخلي سيسير في اتجاه الجمود والمراوحة، كما هو حال البعثة الأممية إلى حين حلحلة ملفات كبرى خارج الملف الليبي سيكون انعكاسها إيجابيا أو سلبيا على الملف الليبي حينها".

المساهمون