لماذا غيرت المعارضة مواقفها بشأن الانتخابات الرئاسية في الجزائر؟

17 يونيو 2024
أثار قرار أحزاب المعارضة تساؤلات لدى مجتمع الناخبين في الجزائر، 12 يونيو 2021 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر تشهد تغييرًا في موقف بعض القوى المعارضة التي قررت المشاركة، مثل حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية، لتعزيز الاستقرار الداخلي ومواجهة التحديات الجيوسياسية.
- هذه القوى تواجه تحدي إقناع قواعدها بأهمية المشاركة في الانتخابات رغم الظروف الصعبة وتوقعات بفوز الرئيس الحالي بنسبة كبيرة.
- أسباب التحول في موقف المعارضة تشمل الحفاظ على النسيج الاجتماعي، التعامل مع الظروف الجيوسياسية، واستغلال الفرصة لتمرير رسائل الأحزاب والتفاعل مع المواطنين، مع التأكيد على أهمية النقاش حول مستقبل الجزائر.

على الرغم من تخطي الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر مرحلة إبداء النيات، ودخولها مرحلة جمع التوقيعات التي تعد الامتحان الصعب بالنسبة لعدد من المترشحين، إلا أن سؤالا ما زال قيد النقاش يوجهه قطاع واسع من مجتمع الناخبين والنشطاء، خاصة المحسوبين على الحراك الشعبي، عن الدواعي والأسباب التي دفعت قوى معارضة كانت لها مواقف متشددة من المشاركة في انتخابات عام 2019، وكامل المسار الانتخابي الذي بدأ بعد ذلك، إلى تغيير موقفها نحو المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل.

أربع قوى سياسية على الأقل، هي حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال والاتحاد من أجل التغيير والرقي، تنوي المشاركة في الانتخابات بعد مقاطعتها انتخابات عام 2019 تحت مبررات سياسية متعددة ترتبط بسياقات الحراك الشعبي وموجة رفض المسار الانتخابي حينها. ووجدت هذه القوى في بعض المتغيرات المرتبط بعضها بالسياق المحلي كالحاجة الى تعزيزالاستقرار الداخلي من جهة، والسياق الإقليمي بحكم توترات في الجوار الجغرافي من جهة أخرى، مبررات تسوقها لإقناع قواعدها ومجتمع الناخبين بالضرورات التي فرضت المشاركة.

وتواجه هذه القوى أسئلة صعبة حول دوافع المشاركة، خاصة في ظل الاستمرار النسبي للظروف والشروط العامة المحيطة بالعملية الانتخابية، ولكون الانتخابات المقبلة أقل تنافسية مقارنة بانتخابات عام 2019، بالنظر إلى أن كل التوقعات تشير إلى فوز الرئيس عبد المجيد تبون بنسبة كبيرة.

ويعتقد مجموع القوى السياسية أن الجزائر تواجه استهدافا أجنبيا يفرض جهدا سياسيا وطنيا وتعزيزا لشرعية مؤسسات الدولة من جهة، وإعادة انتاج الخطاب النقدي المعارض وإحياء المطلب الديمقراطي، وتقديم وجهة نظر سياسية مخالفة لوجهة نظر السلطة.

وحول مبررات هذا التحول في موقف المعارضة، قال القيادي في جبهة القوى الاشتراكية إبراهيم عوف، في حديث لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن مشاركة حزبنا بالمرشح يوسف أوشيش هذه المرة في الرئاسيات مرتبطة بثلاثة أسباب موضوعية بعيدا عن نتائج هذه الانتخابات وطريقة تنظيمها، يتعلق السبب الأول بقضية المحافظة على النسيج الاجتماعي الوطني"، مضيفا: "الأمر الذي لا يجب نسيانه، أن انتخابات 2019 مُرّرت من دون منطقة القبائل (ذات الغالبية من السكان الأمازيغ وسجلت صفر نسبة مشاركة)، وهذا يعتبر إقصاء لهذه المنطقة من النسيج الاجتماعي الوطني وتقديم منطقة القبائل للحركات الانفصالية".

والسبب الثاني وفقا للقيادي "يخص الظروف الجيوسياسية بحكم المخاطر المحيطة بالجزائر اليوم، وهي حقيقة قائمة". وقال: "لكن يمكن استغلال هذه المخاطر من أجل انفتاح حقيقي على المجتمع وتمكين الجزائريين من حقهم في التنظيم". وتابع قائلا: "النقطة الثالثة لها علاقة بتسيير أهداف حزبية لاستغلال هذه الساحة الانتخابية لتمرير رسالة الحزب وخطابه السياسي والاحتكاك بالمواطنين وكسر الجمود والإغلاق السياسي الذي فرضته السلطة منذ 2019".

ليست أحزاب المعارضة التي قررت تقديم مرشح عنها مَن غيرت موقفها فحسب، إنما أحزاب معارضة أخرى، كانت أكثر تشددا في موقفها السياسي الرافض انتخابات عام 2019، تجنبت هذه المرة اتخاذ موقف كهذا، وأبدت، برغم تحفظها على ما تعتبره "غياب الشروط السياسية لمنافسة حقيقية"، مواقف لينة، بل إن حزب جيل جديد دعا الناخبين الى المشاركة في التصويت.

وفي هذا السياق، اعتبر القيادي في الحزب حبيب براهمية في حديث لـ"العربي الجديد" أن "المجلس الوطني للحزب قدم تحليلا واقعيا للوضع السياسي في الجزائر ولظروف الانتخابات المقبلة"، ورأى أنه من المهم أن يدعو المواطنين للمشاركة في الحياة الوطنية.

وقال: "ستكون الانتخابات الرئاسية المرحلة الأولى لإحياء روح المواطنة بتصويت كل واحد حسب ما يمليه عليه ضميره واختياره"، مطالبا السلطة بأن تجعل العهدة الثانية (للرئيس تبون) "فرصة لتنظيم نقاش حقيقي حول حصيلة الجزائر المستقلة، لا سيما الإصلاحات التي يجب إدخالها على ضوء مشروع مجتمع موضوعي ومتجانس". وأضاف: "لا بد أن يأخذ (المشروع) بعين الاعتبار تنظيم الأمن الوطني، وسير المؤسسات السياسية، ومقاييس مشاركة الطبقة السياسية في الحكامة، وإعادة دور الأحزاب السياسية والإعلام والمجتمع المدني ونزاهة العدالة".