لماذا زارت ميلوني حفتر؟

09 مايو 2024
زارت ميلوني ليبيا الثلاثاء (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تنهي جولتها في ليبيا بلقاءات مع قادة ليبيين بارزين، بما في ذلك خليفة حفتر، مما أثار تكهنات حول أهداف الزيارة المتعلقة بالهجرة والوجود العسكري الروسي.
- الزيارة تعكس نية إيطاليا في التعامل مع قضية الهجرة غير النظامية، خصوصًا مع تزايد تدفق المهاجرين من ليبيا، وتشير إلى استعدادات لانتخابات مصيرية في إيطاليا.
- تحول في مسار الهجرة غير النظامية من ليبيا، مع انخفاض حركة المهاجرين من السواحل الغربية وظهور خط جديد من شرق ليبيا نحو إيطاليا، مما يبرز دور حفتر في هذا الملف.

أنهت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، زيارتها ليبيا، أمس الأول الثلاثاء، بعد أن التقت رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في طرابلس، ثم قائد مليشيات شرقي ليبيا خليفة حفتر في الرجمة شرق بنغازي، قبل أن تنطلق حملة القراءات والتخمينات والتسريبات ضمن حالة السيولة المزمنة في أوساط المحللين، ولعل أعجبها أن ميلوني جاءت لتطلب من حفتر أن يقلّل من الوجود العسكري الروسي في ليبيا.

واضحٌ أنّ ميلوني كانت تهدف، بزيارتها ليبيا، إلى لقاء حفتر بالأساس، وأن لقاءاتها التي أجرتها في طرابلس مع الدبيبة والمنفي كانت روتينية، ولا بد منها لكونها عاصمة البلاد وفيها السلطات المعترف بها دولياً، وليكون لقاؤها مع حفتر ضمن زيارة عامة لقادة البلاد، إذ لا يمكن القبول بأن وفداً حكومياً إيطالياً بهذا الوزن جاء إلى طرابلس لتوقيع مذكّرات تفاهم في التعليم والرياضة، أو لحثّ الليبيين على ضرورة إجراء الانتخابات، فالأمر أكبر من ذلك. تواجه ميلوني، في الواقع، استعدادات لانتخابات مصيرية بالنسبة لها، ستنعقد في يوليو/ تموز المقبل، ومن الواجب عليها ضمن هذه الاستعدادات قطع خطوات فعلية في ملف الهجرة غير النظامية، أهم الملفّات التي تقض مضجع الإيطاليين، وضمن هذه المساعي جاءت زيارتها ليبيا، ومعسكر حفتر تحديداً.

تتحدث التقارير الدولية عن انخفاض حاد في حركة تدفق المهاجرين غير النظاميين من سواحل ليبيا الغربية، مقابل فتح خط جديد منذ قرابة العام من شرق ليبيا، وتحديداً من طبرق، باتجاه السواحل الأوروبية الجنوبية، وتحديداً إيطاليا وجزرها البحرية. ولا شك أن روما وحكومتها أدركت ان خط الهجرة الجديد نشط بعد زيارة أجراها حفتر إلى روما منتصف العام الماضي بدعوة منها لمناقشة ملفاتٍ عديدة، وفي مقدمتها ملفّ الهجرة غير النظامية. وقتها رجع حفتر من روما وأخبر مكتبه الإعلامي عن جملة من الملفات التي ناقشها مع ميلوني ومسؤولي حكومتها، الذين لم يعلنوا (حتى مجرد إعلان) عن هذه الزيارة. والملاحظ أن أخبار مكتب إعلام حفتر لم تخرج في تفاصيلها وسياقها العام عن ملف الهجرة وكيفية إدارته لمنع تدفّق المهاجرين عبر الحدود الجنوبية الليبية التي يسيطر عليها حفتر. وكانت الأخبار تعكس أمل حفتر في تلقي دعم أوروبي جديد في وقت تخلى عنه شركاؤه الأوروبيون السابقون، لكن آماله يبدو أنها تبخّرت، ما جعله يتجه إلى فتح الباب واسعاً أمام روسيا، حليفه القديم الجديد، ذلك الحليف المعروف باستخدامه ورقة الهجرة ضمن ما يستخدم من أوراق للضغط على أوروبا. من هذه الزاوية، صدرت، في ما يبدو، التكهنات بأن ميلوني ستطلب من حفتر تقليل الوجود الروسي العسكري، ذلك التكهن العجيب الذي لا تقبله صورة وضع حفتر الضعيفة أمام هيمنة الشريك الروسي، فهل يستطيع حفتر أن ينبس ببنت شفة ليقول للروس كفّوا تدفق سلاحكم وجنودكم فيما مصيره رهين بوجوده إلى جانبهم؟

تحدثت ميلوني، في أثناء وجودها في ليبيا، لوكالة الأنباء الإيطالية "آكي" والملاحظ في تصريحها الطويل أنها لم تتحدّث عن شيء إلا عن الهجرة غير النظامية ومخاطر تزايد تدفقاتها من ليبيا إلى حد أن نصف المهاجرين يصلون إلى شواطئها عبر ليبيا، ومن شرقيها تحديداً، لتعكس وتكشف عن الأسباب الحقيقة وراء لقائها حفتر، الذي يعتقد أنه حقق مكسباً سياسياً بأن أجبر الإيطاليين على زيارته بشكل معلن في معسكره في الرجمة، وهو لم ينتبه إلى أنه لم يمارس السياسة بأخلاقها وأعرافها، بل مارس سلوكاً ضاغطاً منحرفاً هو إلى البلطجة أقرب، باستغلال حاجات الإنسان الأفريقي وغير الأفريقي للحياة الكريمة اللائقة.
 

المساهمون