كل هذا الحب الإيطالي لتونس

27 مارس 2023
تبدو ميلوني كموظفة تونسية سامية أو وزيرة في حكومة بودن (جون تيس/ فرانس برس)
+ الخط -

يكاد المتابع لكمّ التصريحات والمواقف الإيطالية المتواترة حول تونس يشك في أن رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني موظفة تونسية سامية أو وزيرة في حكومة نجلاء بودن، أو على الأقل من أصول تونسية قذفت بعائلتها الهجرة غير النظامية إلى سواحل إيطاليا منذ عقود. والسبب هو هذه الحماسة المفرطة التي تدافع بها عن تونس، وتوسّلها الأوروبيين والأميركيين وكل من اعترضها في الأيام الأخيرة كي يضغطوا على صندوق النقد الدولي ويسلّم قرضاً لتونس.

ويوم الجمعة الماضي، قالت ميلوني، ردّاً على سؤال حول بعثة إيطالية فرنسية محتملة إلى تونس مع المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون، إن "هناك بعثة على مستوى وزيري الخارجية"، مشددة على "ضرورة العمل على المستوى الدبلوماسي لإقناع الطرفين، أي صندوق النقد الدولي والحكومة التونسية، بإبرام اتفاق لتحقيق الاستقرار المالي".

ولا يكاد يمر يوم من دون أن تخرج علينا الصحافة الإيطالية بتصريحات تنذر بالأزمة الوشيكة في تونس، بينما تونس نفسها تراقب هذا الوضع وربما تتلذذ بهذه القراءة وتنتظر أن تنضج ثمرة هذا التخويف الإيطالي من انهيار تونسي محتمل سيملأ قوارب المهاجرين إلى أوروبا.

كانت تونس حاضرة في أول لقاء للمسؤولة الإيطالية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على الرغم من الجفاء بينهما. وصرح ماكرون، خلال مؤتمر صحافي الجمعة، بأن الوضع "قد يؤدي إلى زعزعة كبيرة للغاية لاستقرار البلاد والمنطقة وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي". ودعا إلى "العمل معاً" على المستوى الأوروبي لمساعدة تونس والسيطرة على الهجرة.

ولكن هذا السعي الايطالي المحموم في الدفاع عن تونس يجد تفسيره في تصريحات وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الذي قال إن تونس "بأمسّ الحاجة للمساعدة، فدعونا لا نضيع الوقت، لأن جبهة الهجرة التونسية إذا انفتحت، فإن مئات آلاف الأشخاص يخاطرون بالهجرة". وأضاف أن" الشيء المؤكد هو أنه لا يمكننا إضاعة الوقت، وإلا فإننا نجازف بمحاباة الإخوان المسلمين".

وهذا بيت القصيد الذي يكشف خلفية هذا الإصرار الإيطالي على إنقاذ حكومة تونسية كشفت عن بعض اليمينية، أو على الأقل التقارب في التفكير مع الإيطاليين بخصوص المهاجرين الأفارقة، وأصبح الإيطاليون يقترحون فرض تونس تأشيرة دخول على هؤلاء، في مقايضة صريحة وقحة للسلطات التونسية.

وطبعاً وجد الرئيس التونسي قيس سعيّد في هذا المسعى أفضل من يدافع عنه في هذه الأوقات العصيبة، ومن ينوب عنه في إثارة الرعب من المهاجرين ومن الإسلاميين في الوقت نفسه، ومن يلف العالم ليجلب إليه التمويل الضروري لاستكمال مشروعه، وهذا هو الحب الإيطالي الجارف لتونس، ولكنه حب بأنياب تقطر تطرفاً وحقداً، يخنق كل من يعانقه.

المساهمون