قنبلة موقوتة في شرق سورية

14 مايو 2023
الباغوز ـ دير الزور، مارس 2021 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت، خلال الأيام والأشهر الماضية، تظهر بوادر غضب وتململ لدى سكان مناطق الشرق السوري، ربما تصل إلى حد الانفجار، في المنطقة التي يخضع قسم من سكانها لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تتبع لما يعرف باسم "الادارة الذاتية" التي يقودها حزب "الاتحاد الديمقراطي"، فيما يخضع القسم الآخر لسيطرة قوات النظام السوري مع هيمنة شبه مطلقة للمليشيات التابعة لإيران على جل مناطق دير الزور الغربي.

ويعيش سكان مناطق شرق سورية ظروفاً إنسانية تتخطى العوز والفقر الذي تعيشه كل المناطق الأخرى من سورية. وإلى جانب الإهمال الخدمي وتردي الواقع المعيشي وانتشار البطالة فيها، فإن ما يزيد من معاناة السكان هو الواقع الأمني الذي يجعل حياة كل فرد فيها مهددة بالخطر في أي لحظة. طبعاً هذا عدا الصبغة العشائرية للسكان، ودخول الكثير منهم في نزاعات عشائرية حصدت عشرات الأرواح كجزء من الوضع المأساوي الذي يعيشه السكان.

فـ"الإدارة الذاتية"، رغم سيطرتها على كل الشمال الشرقي من سورية، إلا أنها تقيّد سكان هذه المناطق وتمنع انتقالهم ضمنها بوضعها شروطاً لانتقالهم، وكأنهم ينتقلون من بلد لآخر، إذ تفرض على أي شخص يريد الانتقال من منطقة إلى أخرى ضمن مناطق سيطرتها أن يحصل على بطاقة "وافد"، بعد أن يؤمن كفيلاً له في تلك المنطقة ويقدم ذلك الكفيل مجموعة من التعهدات لقبول الوافد.

كما أنها تمنع السكان من الانتقال من مناطق سيطرتها إلى مناطق سيطرة النظام وبالعكس، الأمر الذي يجعل سكان تلك المناطق وكأنهم ضمن إقامة جبرية في مناطقهم.

كذلك، فإن بعض المناطق ذات الغالبية العربية في مناطق سيطرة "قسد"، تنتشر فيها خلايا نشطة لتنظيم "داعش"، وسكانها يخضعون بشكل مستمر إما لتهديدات التنظيم في حال تعاملوا مع "قسد"، أو بتهمة التعاون مع "داعش" في حال عدم التعامل معها. وهو الأمر الذي أدى إلى موجة من الاحتجاجات ضد ممارسات "قسد" بدأت تتطور تدريجياً.

أما في مناطق سيطرة النظام فيعاني سكانها وضعاً أمنياً صعباً بسبب تحكم المليشيات التابعة لإيران بتفاصيل حياتهم، وتوجيه تهم التعاون مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب كتهمة جاهزة لمن لا يبدي الولاء لها. الأمر الذي دفع السكان للتظاهر ضد تلك الممارسات.

كما أنّ سكان معظم ريف دير الزور الغربي يمتهنون رعي الأغنام ضمن مناطق ينفذ فيها "داعش" عملياته، هذا إضافة لوقوعهم ضحايا للعمليات التي ينفذها النظام والمليشيات الإيرانية ضد التنظيم. الأمر الذي من شأنه أن يحول الكتلة البشرية في شرق سورية إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر بأيّ لحظة، رغم أن بوادر انفجارها بدأت تتجلى بشكل فعلي في صراعات عشائرية واحتجاجات لا تزال محدودة حتى الآن.

المساهمون