كثف المجلس الوطني الكردي في سورية، في الآونة الأخيرة، نشاطه السياسي ولقاءاته الإقليمية والدولية، وكذلك نشاطاته الجماهيرية، تزامناً مع ذكرى تأسيسه الثانية عشرة.
واحتفل أنصار وقيادات من "الوطني الكردي"، اليوم الخميس، بهذه الذكرى، وأقاموا ندوة سياسية بحضور قيادات من المجلس وأحزابه وممثلي أحزاب جبهة السلام والحرية المعارضة، وشخصيات سياسية وثقافية مستقلة.
وأصدرت الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي بياناً جاء فيه أن العديد من بلدان المنطقة شهدت حراكاً شعبياً ضد أنظمتها الدكتاتورية، ومن بينها سورية، بهدف تغيير النظام وإنهاء الاستبداد الذي أذاق السوريين صنوف العذاب عقوداً من الزمن.
ودان المجلس النهج الأمني والعسكري للنظام تجاه الحراك الشعبي، ورأى أن الحل السياسي هو السبيل للوصول بالبلاد إلى بر الأمان، مؤكداً وقوفه مع مطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة.
وشدّد على دور المجلس كشريك حقيقي في رسم مستقبل البلاد، وهو ما دفعه إلى العمل مع القوى الوطنية المعارضة والانضمام إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في عام 2013، بناءً على وثيقة تضمن اعترافاً بالهوية القومية للشعب الكردي في سورية، وإقراراً بحقوقه القومية.
واعتبر البيان أنه رغم الصعوبات والمعوقات التي اعترضت مسيرة المجلس، فإنه "لا يزال يمثل العنوان الأبرز في تمثيله للشعب الكردي في سورية، وفي سبيل إيجاد حل للقضية الكردية وتحقيق الأهداف القومية والوطنية التي حددها، ليكون مفتاحاً لبناء سورية المستقبل كدولة ديمقراطية اتحادية لكل السوريين".
المجلس الوطني الكردي
يُذكر أن المجلس الوطني الكردي في سورية هو تحالف لعدد من الأحزاب السورية الكردية (17 حزباً) والمنظمات والتنسيقيات والاتحادات الشبابية والنسائية (11 تجمعاً)، إضافة إلى الشخصيات المستقلة من مثقفين وسياسيين وفنانين.
ويوجد للمجلس جناح عسكري مكون من قرابة 5000_7000 ضابط وصف ضابط ومجند، يسمى قوات بيشمركة (روج)، وله مراكز وقواعد منشرة في إقليم كردستان العراق في مناطق قريبة من الحدود السورية.
وانضم المجلس الوطني الكردي إلى الائتلاف السوري المعارض، كذلك فإنه من مؤسسي جبهة السلام والحرية المعارضة للنظام السوري.
وقال عضو "الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي" والمنسق العام في حركة الإصلاح الكردي، فيصل يوسف، لـ"العربي الجديد"، إنّ المجلس الوطني الكردي "تمكن من التعبير عن تطلعات الشعب الكردي في سورية، وتبوأ موقعه في صفوف المعارضة الوطنية في وقت مبكر من عمر الثورة السورية، ويشارك في هيئة التفاوض السورية التي أقرت بيان "الرياض 2"، الذي اعتبر القضية الكردية قضية وطنية ويجب حلها، وأقرّ بإلغاء السياسات التمييزية المطبقة بحق الكرد في سورية.
وأشار يوسف إلى أن البيان يشكل وثيقة مرجعية في عمل المعارضة، سواء في عمل اللجنة الدستورية أو المؤتمرات التي ستعقد لاحقاً لحل الأوضاع القائمة في البلاد.
وعلى الصعيد السوري العام، أكد يوسف أن "المجلس لم يوفر جهداً للوصول إلى نظام حكم ديمقراطي لامركزي في سورية، تتمتع فيه كل المكونات السورية القومية بحقوقها"، معتبراً أن المجلس كان له دور مهم "في ترجيح كفة خيار الحل السياسي والمفاوضات التي جرت في جنيف، والدفع إلى تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالشأن السوري".
ولفت إلى أن القضية السورية باتت قضية دولية، وتتأثر بتجاذبات الدول الكبرى الفاعلة على الأرض السورية، وقد اتخذت مسارات وأولويات أخرى بعيدة عن برامج قوى الثورة والمعارضة التي استندت في البداية إلى التأييد الدولي ومجموعة أصدقاء سورية، ما أضعف دورها لأسباب كثيرة، منها بقاء الأوضاع دون حل خلال أكثر من 12 عاماً، وافتقارها إلى الدعم الدولي اللازم، وتنصل الدول العربية أيضاً من مواقفها الداعمة.
ورأى يوسف أن "مجموعة أصدقاء سورية والدول العربية التي كانت داعمة للمعارضة هي التي أخفقت بتطبيق قراراتها، وآخرها القرار 2254. وأبقت المعارضة متأخرة، الأمر الذي يتطلب من الأخيرة مراجعة جدية لأوضاعها، ومحاسبة المقصرين والفاسدين، والاعتماد على قوة وطاقة الشعب السوري، واستلهام ما يحدث في محافظة السويداء، والابتعاد عن التجاذبات الإقليمية والدولية التي تنشد مصالحها، والعمل على عقد مؤتمر وطني شامل يحقق برنامجاً واضحاً نحو المصالحة الوطنية، وتحقيق أهداف الثورة السورية".
وأوضح يوسف أن المجلس الوطني الكردي يؤمن بالحل السياسي، ولم يلجأ إلى أي خيارات عسكرية كانت في متناوله، ودعا إلى معالجة الأخطاء التي رافقت عمل المعارضة، وأهمية صياغة رؤية سياسية للحل عمادها الوصول الى دولة ديمقراطية لامركزية لكل أبنائها، تعتمد مبدأ المواطنة المتساوية في العلاقة مع أبناء الشعب السوري، لافتاً إلى أن المجلس الوطني الكردي لا يتنصل من المسؤولية عند معالجة الأخطاء والخلل، وإجراء التقييمات الموضوعية، واعتبر أن موقعه الطبيعي في خندق المعارضة المؤمنة بالحل السياسي.
"المجلس جسم خامل"
من جهته، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي الكردي فريد سعدون، في حديثه مع "العربي الجديد"، أنّه "يمكن القول إن سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي، وقوات سورية الديمقراطية، ألغت فاعلية جميع الحركات والتنظيمات السياسية الأخرى في المنطقة، ومن ضمنهم المجلس الوطني الكردي، بالرغم من أن المجلس يعتبر الإطار الآخر الذي ينافس إطار ذلك الحزب، ولكن لديه جملة من الأسباب التي تكبل عمله تتعلق بقيادته وعلاقاته الدولية".
ورأى سعدون أن فاعلية المجلس الوطني الكردي "شبه معدومة الآن، وليس لديه وجود حقيقي نشط على الأرض حتى مكاتبه غير مفعلة، باستثناء بعض النشاطات من خلال لقاءات وجاهية، وأحياناً تكون هناك لقاءات بين المجلس الوطني وأحزاب المنطقة"، لافتاً إلى أن العلاقة بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي (المرجع السياسي والعسكري لقسد) انقطعت منذ عام 2021، عندما فشلت المفاوضات بين الطرفين.
وأضاف: "يكون هناك أحياناً زيارات لمسؤولين أميركيين أو فرنسيين يلتقون أعضاء المجلس، ولكن تلك اللقاءات لا تفضي إلى نتيجة أو مخرجات مؤثرة على أرض الواقع". وختم بالقول إنّ "المجلس الوطني الكردي هو حالياً في إطار خامل غير فاعل غير نشط على أرض الواقع في سورية، ولكن لديه بعض الأمور التي يمكن البناء عليها في الخارج، مثل حضوره في اللجنة الدستورية والائتلاف المعارض، وتحركاته ولقاءاته في أوروبا والولايات المتحدة وفي إقليم كردستان"، معتبراً أنه باستثناء هذه النشاطات في الخارج، ليس للمجلس الوطني الكردي أي تأثير، حتى لو كان بسيطاً في تغير مجرى الأحداث في المنطقة.